زايد الوطني وبن زايد المتخاذل… فعلاَ “النار بتخلف رماد”
بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 01/05/22 | 16:18في شهر نوفمبر/تشرين ثاني من العام الماضي، تسلم ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد جائزة “رجل الدولة الباحث”، التي يقدمها معهد (The Washington Institute for Near East Policy) ” معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” لشخصيات معينة تتناسب ممارساتها مع نهج المعهد. وإذا عرفنا حقيقة تأسيس هذا المعهد وأهدافه، نستنتج السبب الذي دفع المعهد إلى منح بن زايد هذه الجائزة، فلكل عمل ثمنه، ولكل خيانة سعرها.
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى هو معهد بحث أمريكي تأسس في العام 1985 من قبل لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية المعروفة اختصارا بـ “أيباك” ويقع مقره في واشنطن العاصمة، وحسب موقعه الإلكتروني تأسس المعهد “لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارزين من كلا الحزبين في أمريكا من أجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم، ودعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وأن “أيباك” هي المؤسسة الأم للمعهد.
ويتبين من هذه المعلومات عن المركز أنه أمريكي إسرائيلي، وبالتالي فإن الجائزة التي يمنحها المعهد، تقدم لشخصيات يخدمون بالدرجة الأولى أمريكا وإسرائيل، بمعنى شخصيات منتقاة يتناسب نهجها السياسي مع نهج المعهد. ولهذا السبب تم منح ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد جائزة المعهد.
لكن محمد بن زايد، تحدث عن ثلاثة أسباب مختلفة تماماً عن حقيقة خلفية منحه الجائزة: “أولها الفلسطينيون أنفسهم، وثانيها رسالة واضحة للعالم وللمنطقة أن الإمارات تسعى للسلام، وثالثها هي رسالة سلام ومحبة لمؤسس دولة الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان منذ بداية حياته في إنشاء هذه الدولة، ونحن على هذا الطريق نسير”. هكذا قال بن زايد.
فيما يتعلق بالسبب الأول لو كان محمد بن زايد صادقا في رأيه أنه يريد خدمة الفلسطينيين لاشترط (على الأقل) على إسرائيل أولاً الإعتراف بٌإقامة دولة فلسطينية، وبالنسبة للسبب الثاني، فهو مناقض للحقيقة: فكيف تسعى الإمارات لسلام مع دولة محتلة معتدية تمارس القتل والإرهاب ضد الفلسطينيين ورفضت مبادرات سلام كثيرة ولا سيما المبادرة التي صدرت عن القمة العربية في بيروت عام 2002 والتي تقدمت بها السعودية؟ أما السبب الثالث فهو تضليلي بامتياز لأن محمد بن زايد لا يسير مطلقاً على نهج والده المؤسس الشيخ زايد بل يسير ضده تماما: الراحل الشيخ زايد أقدم في شهر سبتمبر/أيلول من العام 1972 عندما كان حاكم دولة الإمارات في تلك الفترة الزمنية على إصدار مرسوم يحظر أي تعامل مع الاحتلال الإسرائيلي. المرسوم لا يزال منشورا على الموقع الرسمي للدولة، وهو “البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة”، وينص المرسوم: “يحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا، وذلك متى كان محل الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أيا كانت طبيعته”.
وأقر الشيخ زايد في المرسوم على أن أي شركة لها مصالح أو فروع أو توكيلات في إسرائيل، فيحظر التعامل معها. كما يحظر القرار دخول إسرائيل، أو التبادل التجاري معها ويعاقب المرسوم أي شخص يتعامل مع إسرائيل بالسجن من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات.
ولكن ماذا يفعل محمد بن زايد الآن؟ يسير بعكس مباديء والده الراحل فيما يتعلق بإسرائيل وفتح أبواب بلاده لأحفاد هرتزل. ولو يستفيق الراحل الشيخ زايد من قبره ويرى ما يفعله إبنه المتخاذل لصفعه بالحذاء وعاد إلى القبر خجلاً من ممارسات خلفه.فعلاً صدق المثل الشعبي “النار بتخلف رماد”.