ما أهداف الشعب الفلسطيني، ومن يحققها، ومتى، وكيف؟
بقلم: هاني المصري
تاريخ النشر: 10/05/22 | 7:33يأتي طرح هذه الأسئلة في ظل الجدال الدائر في الأيام الأخيرة، وخصوصًا بعد عمليات المقاومة التي سقط من جرّائها خلال 50 يومًا 17 قتيلًا إسرائيليًا، وبعد الاقتحامات للأقصى، والتهديدات من أوساط إسرائيلية باغتيال يحيى السنوار بعد خطابه الأخير الذي مثّل تحديًا لإسرائيل وخطرًا عليها، من خلال دعوته إلى مقاومة الاحتلال من دون انتظار أوامر من أحد، وبكل ما يمكن أن تصل إليه يد المقاومة من سلاح أو ساطور أو بلطة، وأثار قضايا عديدة بحاجة إلى مقال منفصل هي والإنذار الذي أطلقه أبو عبيدة الناطق باسم القسام بأن اغتيال السنوار أو غيره من القيادات إيذان بزلزال في المنطقة وسيواجه بردٍّ غير مسبوق.
ما أهداف الشعب الفلسطيني؟
هذا السؤال مطروح بقوة هذه الأيام؛ نظرًا إلى وصول الإستراتيجيات الفلسطينية المعتمدة إلى طريق مسدود، كما يظهر من خلال تعميق الاحتلال، وتوسيع الاستيطان، وفرض الحصار، وتقطيع الأوصال، وهدم المنازل وتهجير سكانها، والاعتقالات، وممارسة كل أشكال التمييز العنصري، ومواصلة مخططات مصادرة الأرض واستعمارها واستيطانها وتهويدها، بما في ذلك المقدسات الدينية، وبصورة محددة المسجد الأقصى، والنجاح النسبي في تهميش القضية، عربيًّا ودوليًّا، واستمرار الانقسام وتعمّقه مؤسسيًّا، وعلى كل المستويات والأصعدة.
لم تعد أهداف الشعب الفلسطيني واضحة، أو الأصح متفقًا عليها، فهناك من لا يزال متشبثًا بأذيال “حل الدولتين”، وأقصى طموحه إعادة إنتاج مسيرة التسوية، وعودة المفاوضات التي لا يزال يعدّها الوسيلة الرئيسية، إن لم نقل الوحيدة، لإنجاز الحرية والاستقلال، ومستعد الكثير من أنصار هذا الحل لقبول تجسيد الدولة الفلسطينية ضمن أراضي 67، وتطبيق مبدأ “تبادل الأراضي”، وبعضهم يصلون إلى حد التساوق مع خطة السلام الاقتصادي إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.
وهناك من يدعو إلى العودة إلى أصل الصراع وجذوره، والتمسك بحق تقرير المصير، وبالتحرير والعودة على أنقاض المشروع الاستعماري الاستيطاني العنصري الذي تجسده إسرائيل، من خلال المقاومة بكل أشكالها، وخصوصًا الكفاح المسلح الذي كان ولا يزال الشكل الرئيسي عند هذا الاتجاه، مع أن أصحاب هذا الاتجاه ينقسمون بين من يراهن على المحور الذي تقوده إيران أو تركيا، وبين من يراهن على نهوض المارد العربي أو الإسلامي أو الأممي.
وهناك من يدعو إلى استبدال برنامج حل الدولتين بحل الدولة الواحدة، على أساس أن الحركة الصهيونية وأداة تجسيدها إسرائيل لا تقبل بالتسوية التي تحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، واتجهت وتتجه نحو المزيد من التطرف، وخلقت حقائق على الأرض تجعل حل الدولتين مستحيلًا، أهمها استعمار واستيطان حوالي مليون مستوطن في الضفة الغربية، وكأن من أفشل حل الدولتين الذي يعطي شرعية لإسرائيل على 78% من أرض فلسطين سيرضى بحل الدولة الواحدة الذي يقضي على إسرائيل بوصفها دولة يهودية وتجسيدًا لمشروع استعماري. هناك دولة واحدة قائمة بالفعل حاليًا لا تضم السكان، وتفرض أنظمة وقوانين متعددة على الفلسطينيين وفق أماكن إقامتهم.
وينقسم أصحاب ودعاة حل الدولة الواحدة إلى اتجاهات عدة، أبرزها من يدعو إلى العمل من أجل تغيير إسرائيل من داخلها، من خلال العمل والنضال من أجل المساواة والعدالة وإنجاز الحقوق الفردية والقومية؛ وهناك من يدعو إلى التصالح مع الحركة الصهيونية لتغييرها، وإقامة دولة ديمقراطية أو ثنائية القومية، وضمن صيغ أخرى عديدة آخرها بدعة الكونفدرالية التي طرحها يوسي بيلين وهبة الحسيني؛ وهناك من دعاة الدولة الواحدة من يدعو إلى هزيمة المشروع الاستعماري وتفكيك نظام التمييز العنصري باعتباره شرطًا لإقامة الدولة الواحدة.
في الغالب، يكتفي معظم منظري الاتجاهات المتعددة بطرح الشعارات والأهداف الكبيرة، ولا ينشغلون كثيرًا بكيفية تحقيقها؛ لذلك عندما تتواصل الهبات الشعبية والموجات الانتفاضية والمواجهات العسكرية، خصوصًا بعد هبة السكاكين في العام 2015، نلاحظ تشوشًا وارتباكًا كبيرَيْن يظهران في العفوية والفردية والجهوية، وفي عدم وضع أهداف محددة يتم التركيز على تحقيقها، فقليلة الأصوات التي تدعو إلى وضع أهداف قريبة ومتوسطة على طريق تحقيق الأهداف البعيدة، أما الأكثر حضورًا فهو من يكتفي بمواصلة المقاومة وتصعيدها من دون الانشغال بوضع أهداف مباشرة، مع أنها أمور تفرض نفسها، ولا مهرب منها، فصخرة الواقع عنيدة، وتُحطّم رأس كل من يتجاهلها. فمن دون وضع أهداف قابلة للتحقيق، لا يمكن جذب معظم الفلسطينيين للانخراط في المقاومة بمختلف أشكالها، فالأمل وحده هو الذي يفجّر الانتفاضة الشاملة.
يدفع عدم تحديد أهداف ملموسة قابلة للتحقيق، وتركيز النضال لتحقيقها، إلى اعتبار الحركة بحد ذاتها بركة، وهي لن تكون كذلك إن لم تسترشد برؤية وخطة وطنية وقيادة موحدة وإرادة. فالقضية الفلسطينية قضية وطنية عربية إسلامية تحررية إنسانية، وبحاجة حتى تحقق أهدافها الجذرية إلى تضافر الجهود على كل هذه المستويات.
الحركة الصهيونية حددت هدفها المركزي وركّزت على كيفية تحقيقه
عندما حددت الحركة الصهيونية هدفها في مؤتمرها الأول بإقامة دولة إسرائيل باعتباره تجسيدًا لإقامة وطن قومي لليهود، توقّع قادتها بعد مؤتمر بازل في العام 1897، بأن هذا الهدف يمكن أن يتحقق خلال خمس سنوات أو خمسين سنة، وتحقق بعد خمسين سنة.
إلا أن ما يمكن ويجب الاستفادة منه أن الحركة الصهيونية بعد أن حددت هدفها البعيد، لم تُشْغِل نفسها بالتأكيد عليه بشكل يومي ودائم، وإنما شَغَلَت نفسها بالقيام بأعمال لا حصر لها، وخلق حقائق على الأرض تجعل من تحقيقه ممكنًا، وأبرزها تكثيف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وبناء المستعمرات وطرد سكانها، وبناء المؤسسات العسكرية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعندما أدركت أن تقسيم فلسطين وليس إقامة “إسرائيل الكبرى” هو أقصى ما يمكن تحقيقه قبلت به على مضض، وأقامت دولتها على مساحة أكبر من التي منحها قرار التقسيم للدولة اليهودية، إلى أن قامت باحتلال بقية فلسطين بعد هزيمة 67.
من “الكل أو لا شيء” إلى “شيء أفضل من لا شيء”
علينا أن نعترف، ونحن نمر في الذكرى الرابعة والسبعين للنكبة المستمرة، أنّ الحركة الوطنية الفلسطينية عانت في الماضي، من مرض طرح الشعارات الكبيرة، على أساس أنها يمكن أن تتحقق بضربة واحدة، وخلال فترة قصيرة، مقللة من أسباب وعوامل القوة والوجود الصهيوني على أرض فلسطين، وأبعاده الإقليمية والدولية.
وانتقلت الحركة الوطنية، أو بالأحرى الجناح الرئيسي منها، بعد الهزائم والصعوبات التي واجهتها من طرح الشعارات الكبيرة إلى الاكتفاء بإقامة الدولة على حدود 67، وتصوّرت مرة أخرى أنه هدف قابل للتحقيق، فالدولة على مرمى حجر؛ لذلك تمّ إعلان الاستقلال وإقامة الدولة في الخارج قبل إنهاء الاحتلال، وعندما فشل هذا الخيار، ووصل إلى عكسه وقامت الدولة، واعتُرِف بها دوليًا، لكن من دون أن تملك أهم مقومات الدول: الاستقلال والسيادة.
كانت هذه النتيجة طبيعية جرّاء اعتماد خيار أوسلو والسعي لإقامة، أو الأصح تجسيد الدولة، عبر المفاوضات والتنازلات وإثبات الجدارة، وليس عبر الكفاح بمختلف أشكاله لتغيير موازين القوى التي لا تتغير على مائدة المفاوضات، وإنما بخلق الحقائق على الأرض.
وبعد الكارثة التي أوصلنا إليها أوسلو وعدم الاستمرار بالمراجعة له التي بدأها ياسر عرفات، كما ظهر جليًا في الانتفاضة الثانية، جرت محاولات لإعادة إنتاج أوسلو بشكل أسوأ من السابق؛ ما أوصلنا إلى كارثة أكبر.
مرض الشعارات الكبيرة ينتشر مجددًا
أما معارضو أوسلو فلم يأخذوا الدروس والعبر من السياسات والخيارات التي أدت إلى أوسلو، بل أعادوا إنتاج الكثير منها، وعانوا من مرض الاكتفاء بالشعارات الكبيرة، وعدم التركيز على ما يمكن تحقيقه في كل مرحلة من دون التخلي عن الهدف النهائي.
فتم الارتداد إلى البدايات في واقع جديد حتى مع أنه مختلف عما كان عليه الوضع عند انطلاقة الثورة المعاصرة، والعودة إلى طرح الشعارات الكبيرة، وتصوّر أنها قابلة للتحقيق بسرعة، ووصل الأمر إلى حد أن نبوءة زوال إسرائيل في العام 2022 وجدت، خصوصًا في السنوات الأخيرة، والسنة الأخيرة تحديدًا، رواجًا كبيرًا، لدرجة أن الملايين من الفلسطينيين والعرب باتوا ينتظرون زوال دولة إسرائيل قبل نهاية حزيران القادم.
فإذا كانت إسرائيل ستزول بعد أقل من شهرين وفق للنبوءة الشهيرة، أو بعد خمس سنوات تبعًا لنظرية الأجيال وعقدة الثمانين عامًا، فلماذا وضع الأهداف المباشرة والسعي لتحقيقها، فيكفي مواصلة النضال حتى تنهار إسرائيل خلال فترة قصيرة يمكن أن تكون شهرين، وبالحد الأقصى خمس سنوات؟!
حتى عندما تجري محاولة للتخلص من هذا التفكير الغيبي الرغائبي، الذي أسميته في مقالي السابق “التفكير بالتمني”، ويتم وضع أهداف قريبة صحيحة مثل إنهاء الاحتلال، يتم وضع سقف زمني قصير جدًا؛ ما يؤدي إلى عدم تحقيقها، الأمر الذي يسبب الإحباط للشعب، ويفقد من يحدد المواعيد القريبة من دون توفير مستلزمات تحقيقها المصداقية، كما شاهدنا ذلك بعد معركة سيف القدس؛ حيث وُضِع هدف إنهاء الاحتلال قبل نهاية العام الماضي، وكما سمعنا مؤخرًا بأن الاستيطان سيزول حتى نهاية العام الحالي، وأن اللاجئين سيزحفون إلى الحدود، وأن وزن أهلنا في الداخل أكبر من أوزان بقية التجمعات.
إن من يتصور أن إسرائيل ستزول في هذا العام وقبل نهاية حزيران، أو سينتهي الاحتلال أو الاستيطان قبل نهاية هذا العام، عليه أن يبين كيف سيتحقق ذلك، وأن يتحمل المسؤولية عن عدم حصوله.
وعندما لا تتحقق الوعودات والنبوءات، يستعيض أصحابها عنها بالمبالغة بما يتحقق، وبما يجري في المنطقة والعالم، وتضخيم قوة المقاومة، والاستخفاف بقوة العدو، وهذا – بكل أسف وصراحة ومرارة – لا يقود إلى انتصارات، وإنما إلى خيبات كبيرة على الرغم من التضحيات الغالية والبطولات الملهمة.
“وقف الانتفاضة فقط مقابل تحرير فلسطين”
كتبت في ذروة الانتفاضة الثانية، قبل عشرين عامًا، مقالًا بعنوان “وقف الاستيطان مقابل وقف الانتفاضة”، ومضمونه أن نسعى لتحقيق ما جاء في العنوان باعتباره هدفًا للانتفاضة الثانية، فاتصل بي صديق عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح، وقال لي: ضروري أن أراك فورًا، فذهبت إليه على عجل، فوجدته – رحمه الله – غاضبًا من مقالي، وقال لي: أنت المعروف بمواقفك ونضالاتك آخر واحد يمكن أن يكتب مثل هذا المقال، وقال لي: إن وقف الانتفاضة يتم عندما تتحرر فلسطين، وأثناء تواجدي معه اتصل بالصدفة صديق لنا، وهو عضو مكتب سياسي في الجبهة الشعبية – رحمه الله – وقال له: إن هاني عندي، فقال له: أكيد تنتقده على مقاله!
طبعًا، انتهت الانتفاضة الثانية، وأُوقِفت العمليات الاستشهادية التي أوقعت في شهر آذار 2002 وحده فقط 137 قتيلًا إسرائيليًا، ضمن انتفاضة أوقعت أكثر من ألف قتيل إسرائيلي خلال أربع سنوات، من دون تحرير فلسطين، ولا إنهاء الاحتلال، ولا وقف الاستيطان، مع أنها كانت يمكن أن تحقق أهدافًا ملموسة عديدة لو توفر لها الوعي اللازم لما يمكن تحقيقه، وانتهت إلى هزيمة جرى التقليل من أهميتها، من خلال اعتبار خطة فك الارتباط الإسرائيلية عن قطاع غزة تحريرًا للقطاع، مع أنها خطوة إستراتيجية ذكيّة قام بها أرئيل شارون أبو الاستيطان؛ حيث تراجع خطوة إلى الوراء في غزة من أجل التقدم عشر خطوات إلى الأمام في الضفة، وفي القدس تحديدًا، وهي جعلت الخطة الإسرائيلية اللعبة الوحيدة في المدينة، وجنّبت إسرائيل أي ضغط عليها يمكن أن ينجم عن طرح إقامة الدولة الفلسطينية، حتى لو كانت انتقالية ومجرد خيار كما جاء في خارطة الطريق الدولية التي طرحت في العام 2005.
لقد مثّلت خطة شارون فخًا للفلسطينيين وقعوا فيه وهم يحتفلون بتحرير قطاع غزة، وكانت البذرة الخبيثة التي مهّدت الأرض لوقوع الانقسام، وفرض الحصار الخانق على القطاع، وتحويله إلى أطول وأسوأ سجن في التاريخ.
نعم، استطاع الشعب الفلسطيني الصمود، وواصل مقاومته بكل الأشكال، وأبقى قضيته حية على الرغم من تراجعها بسبب مخططات التهميش الأميركية الإسرائيلية التي تواطأت معها بعض الأوساط العربية الحاكمة، بدليل التطبيع والتحالف مع إسرائيل قبل انسحابها من الأراضي المحتلة كما جاء في مبادرة السلام العربية سيئة الصيت والسمعة، بل قبل حتى اعترافها بهذه الحقوق، وتجميد تطبيق مخططاتها الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية من كل أبعادها.
ونعم، استطاع القطاع المحاصر أن يصمد، ويقاوم، ويبني مقاومة جعلت إمكانية إعادة احتلاله المباشر مكلفة، ولكن يجب ألا ننسى أنه لا يزال تحت الاحتلال عبر الحصار والعدوان، وأن الإنجازات التي حققتها المقاومة، على أهميتها، لم تصل حتى الآن إلى كسر الحصار، وهي تقع ضمن السجن ومكلفة جدًا، ولا يتم استثمارها بحجم التضحيات التي تقدم.
“الله ما شافوه بالعقل عرفوه”، وباستخدام العقل ننتصر
أن يكون لدى الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية طموح بلا حدود، يتسع لتحقيق أحلامه وأهدافه الكبيرة المنسجمة مع حقوقه الطبيعية والتاريخية والقانونية، هذا ليس فقط مفهومًا، بل ضروري جدًا؛ للحفاظ على وحدة القضية والأرض والشعب والرواية التاريخية والهوية الوطنية. أما الاكتفاء بهذا الطموح، وتصوّر أنه قابل للتحقيق خلال أشهر أو حتى سنوات قليلة من دون توفير أسباب ومقومات النصر، ومن دون رؤية واقعية واستشرافية لما جرى ويجري، فهذا يتناقض مع العلم والعقل الذي ميز به الخالق الإنسان عن الحيوان، والذي كلّف الإنسان باستخدامه، فموازين القوى المحلية والعربية والإقليمية والدولية لا تتيح الآن زوال إسرائيل، ولكن يمكن تحقيق أهداف مهمة على طريق تحقيق الأحلام والطموحات الكبيرة.
فمن دون وضع أهداف مرحلية، سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، قابلة للتحقيق، تتناول الدفاع عن الأرض والمقدسات والمواطن، في مختلف أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، وتحقيقها فعلًا؛ يعني أن التضحيات الكبيرة والبطولات العظيمة والمقاومة المستمرة منذ أكثر من مائة عام ستبقى صفحة مجيدة جديدة في التاريخ الفلسطيني، ومقاومة من أجل المقاومة وكأنها صنم نعبده، ولن تحقق إنجازات بمستوى التضحيات، وستدور في دائرة ردود الأفعال، وليس ضمن إستراتيجية شاملة مبادرة؛ ما يمنع إحداث التراكم، من خلال تحقيق إنجازات وأهداف وتراكمها لإنجاز الاستقلال والعودة والمساواة، على طريق هزيمة المشروع الاستعماري، وتفكيك نظام التمييز والتحكم العنصري.
أهداف قابلة للتحقيق
إحباط مخطط التقسيم الزماني والمكاني للأقصى، والعودة إلى الوضع الذي كان قائمًا قبل العام 2000، وإفشال خطط استكمال تهويد القدس وأسرلتها، إلى أن يتم تحرير الأقصى والقدس.
وقف التوسع الاستعماري الاستيطاني في الضفة الغربية، وخصوصًا في القدس، بوصفه خطوة على طريق إنهاء الاحتلال وإزالة الاستيطان وتجسيد الاستقلال الوطني والسيادة.
إنهاء التقسيم الزماني والمكاني في الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل.
كسر الحصار الظالم على قطاع غزة.
التخلّص من الالتزامات، السياسية والاقتصادية والأمنية، المترتبة على اتفاق أوسلو.
دعم الأسرى في نضالاتهم، والعمل على إطلاق سراحهم كافة، وتوفير حياة كريمة لهم ولعائلاتهم.
الدفاع عن الحقوق الفردية والمدنية والوطنية للشعب الفلسطيني في أراضي 48، وصولًا إلى المساواة، على طريق تفكيك نظام التمييز العنصري بالكامل.
الدفاع عن الحقوق الفردية والمدنية والقومية للشعب الفلسطيني في أماكن اللجوء والشتات باعتباره خطوة على طريق تحقيق حق العودة والتعويض للاجئين.
مستلزمات تحقيق هذه الأهداف
رؤية وطنية شاملة، وإستراتيجيات متعددة محلية وعربية وإقليمية وإسرائيلية ودولية، تعتمد كافة أشكال النضال، وخصوصًا المقاومة الشعبية التي يمكن أن تجذب أوساطًا واسعة للنضال، ولا يبقى محصورًا بعدد صغير من المقاومين، سواء مقاومة مسلحة أو سلمية، وإرادة حازمة لتحقيقها، وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة السياسية والمؤسسية في السلطة على أساس شراكة كاملة، وتغيير السلطة لتكون سلطة في خدمة البرنامج الوطني وتوفير مقومات الصمود ومجاورة للمقاومة، وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير لتضم مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي المؤمنة بالشراكة السياسية، والاحتكام إلى الشعب عبر الانتخابات على كل المستويات وفي كل القطاعات.