صُنْ فَحْلَ شِعْرِكَ- شعر: محمود مرعي
تاريخ النشر: 19/05/22 | 8:48نَزَقُ الطُّفولَةِ شاخِصٌ في الأَحْرُفِ.. تِلْكَ المَسالِكُ مَقْصَدُ المُتَكَلِّفِ
ما جازَ أَنْ يَمْضي المُحِبُّ مُعانِدًا.. عَنْ حَزِّ عُنْقِ الوَصْلِ لَمْ يَسْتَنْكِفِ
أَوْ جازَ أَنْ يَئِدَ المُحِبُّ غَرامَهُ.. كِبْرًا، وَتَمْنَعَهُ العَوارِضُ أَنْ يَفي
وَهْوَ الشَّغوفُ غَدا التَّرَصُّدُ دَأْبَهُ.. لَمْ يَأْلُ جُهْدًا في اكْتِناهِ المَوْقِفِ
وَحَقيقَةُ الإِنْسانِ في مَكْنونِهِ.. أَجْلى الـمَـظاهِرِ، رَغْمَ كَتْمٍ مُتْلِفِ
فَحَقائِقُ الأَشْياءِ لَيْسَ بِظاهِرٍ.. مِنْها، وَلكِنْ بِاخْتِلاجِ المُخْتَفي
قَدْ تُظْهِرُ الكَلِماتُ وَجْهَ صُدودِها.. وَتُجِنُّ وَجْهًا لِلرَّجا المُسْتَعْطِفِ
أَوْ تُظْهِرُ الوُدَّ المُبيرَ لِجاهِلٍ.. سَبْرَ الخَوافي في الخَوافي الرُّهَّفِ
وَأَنا عَلى الأَعْرافِ بَيْنَ عَوارِفي.. وَمَعارِفي أَعْرافُ دُهْمٍ عُرَّفِ
وَلَكَمْ غَصَصْتُ مِنَ الشَّجا حينَ الشَّجى.. وَهْيَ الخَلِيَّةُ مِنْ خِلالِ الـمُسْعِفِ
وَلَكَمْ رَأَيْتُ جُنونَها في جُنَّةٍ.. عَنْ طَعْنِهِ الإِيثارَ لَمْ يَتَأَسَّفِ
بَعْضُ الجُنونِ إِذا هَمى أَلْفَيْتَهُ.. ضِدَّ الجُنونِ وَرَوْضِهِ الـمُتَأَنِّفِ
فَارْبَأْ بِنَفْسِكَ عَنْ مُصَعِّرِ خَدِّهِ.. وَاخْلَعْ نُيوبَ غُرورِهِ المُتَنَطِّفِ
وَمِنَ السَّوالِفِ لِلْخَوالِفِ حِكْمَةٌ.. مَنْ حازَها أَرْبى بِغَيْرِ تَكَلُّفِ
صُنْ فَحْلَ شِعْرِكَ عَنْ خِساسِ مَناكِحٍ.. لا تَنْكِحُ الآسادُ في الـمُسْتَعْلِفِ
صُنْ ماءَ شِعْرِكَ أَنْ يُقالَ أَرَقْتَهُ.. في غَيْرِ بابٍ مُسْتَحَقٍّ، وَانْصِفِ
شِعْرًا حَباكَ اللهُ عَزَّ جَناؤُهُ.. عَنْ كُلِّ غاوٍ مُدَّعٍ مُتَعَجْرِفِ
مَجِّدْ حُضورَكَ مُؤْمِنًا وَاسْكُبْ دُعا.. مَدِّدْ رُقاكَ عَلى يَمينٍ أَنْظَفِ
وَاحْذَرْ عَلَيْهِ مَدارِكًا عَنْ دَرْكِها.. لَمْ تَرْتَحِلْ، وَقِرى رَبائِبِها خَفِ
لا تُلْقِحَنَّ بِهِ العَواقِرَ وَانْفِها.. عَنْهُ ابْتِداءً، وَاجْتَنِبْها تُخْسَفِ
وَارْجُ اللُّحونَ فَرائِدًا وَشَوارِدًا.. عَنْ فَضِّ بِكْرِ العَزْفِ لا تَتَعَفَّفِ
فَاعْزِفْ عَلى عُودِ الخُلودِ شَرودَها.. وَعَنِ الدَّوارِسِ في الـمَدارِسِ فَاعْزِفِ
زِرْيابُ قَدْ أَهْداكَ خامِسَهُ فَجُدْ.. وَلِسَمْعِ آبِدَةِ الدُّهورِ فَشَنِّفِ
وَارْبَأْ بِشِعْرِكَ عَنْ مَنائِحِ عَجْزِهِمْ.. وَخَوائِهِمْ بَعْدَ انْخِسافِ الأَسْقُفِ
مِشْكاةُ شِعْرِكَ ما خَبا مِصْباحُها.. وَالزَّيْتُ لَمْ يَنْضُبْ وَلَمْ يَتَنَطَّفِ
فَاسْلُكْ رُؤاكَ بِجَيْبِ روحِكَ تَنْبَجِسْ.. عَيْنُ القَصيدَةِ ثَرَّةً لَمْ تُخْلِفِ
يَنْداحُ رَوْنَقُها، يَطيبُ مَقيلُها.. وَظِلالُها تَنْداحُ طَوْعَ مُهَفْهِفِ
تُسْلي الشَّجِيَّ فَلا يُبارِحُ مَدَّها.. وَيَعافُ ظِلَّ الدَّوْحِ لِلْمُسْتَعْطِفِ
وَمِنَ الكَلامِ شِفا وَطِبُّ مَواجِدٍ.. وَجِراحُ أَرْواحٍ بِسَيْفِ تَلَهُّفِ
لا تَرْجِعُ الكَلِماتُ بَعْدَ صُدورِها.. كَالرُّوحِ ما انْفَصَلَتْ، وَماضٍ قَدْ نُفي
بَعْضُ الـمَحاسِنِ كَالـمَساوِئِ نَبْذُها.. فَرْضٌ عَلَيْكَ، فَبادِرَنَّ وَأَوْجِفِ
لا تَرْكَنَنَّ إِلى الحِيادِ إِذا فَشَتْ.. وَانْبِذْ هُناكَ عَلى سَواءٍ وَانْسِفِ
وَاسْأَلْ رِياحَكَ أَنْ تَقيكَ نَسيمَها.. فَنَسيمُها كَسَمومِها إِنْ تَعْصِفِ
وَاخْصِفْ عَلَيْكَ رُقى التَّجَلِّي وَاسْتَزِدْ.. ما شِئْتَ، أَنْتَ الـمُصْطَفى وَالـمُصْطَفي
وَاجْعَلْ حُضورَكَ في الغِيابِ تَرَفُّعًا.. عَنْ حاضِرٍ يَئِدُ الغِيابَ، وَأَلِّفِ
بَيْنَ الحُضورِ غَيابَةً وَغِيابِهِ.. إِثْباتَ عُرْيِكَ دَثِّرَنْ بِالـمُنْتَفي
وَاقْفُ الجُنونَ لَدى الغِيابِ تَعَشُّقًا.. تُحْرِزْهُ، نِعْمَ الـمُقْتَفى وَالـمُقْتَفي
وَاسْتَوْدِعِ الأَطْلالَ دارِسَ نَخْلِها.. وَسَوالِفَ السُّمَّارِ حِلْفِ القَرْقَفِ
وَرَواقِصَ النَّسَماتِ تُزْجيها الصَّبا.. وَرَواقِصًا وَنَواصِفًا لَمْ تُنْصَفِ
وَاتْهِمْ وَأَنْجِدْ ما اسْتَطَعْتَ لَعَلَّ في.. بَعْضِ الـمَضارِبِ بُلْغَةَ الـمُسْتَأْنِفِ
فَإِذا عَدِمْتَ نَسيمَها وَعَبيرَها.. وَأَوانِسَ العَهْدِ التَّليدِ الأَلْطَفِ
وَلَـمَحْتَ مُسْقِطَةَ النَّصيفِ تَبَرَّجَتْ.. وَنَضَتْ شُفوفَ اللَّيْلِ بَعْدَ الـمِعْطَفِ
وَفَواطِمَ الضِّلِّيلِ طَوْعَ بَنانِهِ.. وَقَدِ ارْتَمَيْنَ شِواءَهُ كَالـمُشْتَفي
وَدَخَلْتَ في لَيْلِ الظُّنونِ وَنَبْرِهِ.. وَعَراكَ لَيْلٌ غائِلُ الـمُسْتَهْدَفِ
وَتَناوَشَتْكَ مِنَ اليَقينِ مَشاعِلٌ.. بَيْنَ الرُّجومِ وَساحِلٍ مُسْتَشْرَفِ
وَدِّعْ هُناكَ خَريدَةً كانَتْ تُرى.. كُلَّ الجَمالِ كَرَقْنِ آيِ الـمُصْحَفِ
"وَدِّعْ هُرَيْرَةَ" قَدْ نَضَتْ عَنْها الهَوى.. فَغَرامُها غُرْمٌ رَديفُ تَخَلُّفِ
"وَدِّعْ هُرَيْرَةَ" وَانْتَبِذْ ما جَنَّها.. غَشِيَ الغِيابُ عُبابَ نَفْيِكَ فَادْلِفِ
فَشِعابُهُ يَنْفي الحُضورَ حُضورُها.. فَارْكُضْ إِلَيْكَ بِكُلِّهِ الوافي وَفِ
وَارْقَ الـمَدارِجَ فَالـمَعارِجَ لَهْفَةً.. لِتَظَلَّ قَيْدَ الحَرْفِ لا الـمُتَحَرِّفِ
وَانْظُرْ فَراديسَ الغِيابِ تَشَوَّفَتْ.. وَطَغَتْ أَياءُ جَمالِهِا الـمُتَشَوَّفِ
بِمَسالِكٍ نَفَتِ الـمَناسِكَ في السُّرى.. وَنَميرُها عَذْبٌ زُلالُ الـمَرْشَفِ
فَلِجِ الغِيابَ فَعِفَّةُ العافي عَفَتْ.. وَتَغَلَّقَتْ أَبْوابُ رَسْفٍ مُسْرِفِ
أَحْرَزْتَ في نَفْيِ الحُضورِ حَضارَةً.. وُقِفَتْ عَلَيْكَ، فَجُزْ فَضاكَ وَطَوِّفِ
وَاكْرَعْ خُمورَكَ مِنْ دِنانِ صَبابَةٍ.. تُعْطَ القِيادَ عَلى الزَّمانِ فَرَفْرِفِ
وَابْدِ احْتِفاءً بِالغِيابِ وَجِنَّةً.. يَنْطِقْكَ، نِعْمَ الـمُحْتَفى وَالـمُحْتَفي