تبعات ازمة الكورونا ما تزال واضحة على الاقتصاد
تاريخ النشر: 13/06/22 | 10:01– د. محمد زحالقة:” للصناعات العربية المحلية إمكانيات واسعة وآفاق عديدة يمكن استغلالها من خلال التصدير لأسواق عالمية مما سيعود بالفائدة على المجتمع العربي عامة”
خلقت جائحة كورونا منذ دخولها لحياتنا بداية عام 2020 العديد من التحديات في مجال الصناعة والاقتصاد عامة. ناهيك عن التأثيرات الاقتصادية التي عصفت بالصناعات العالمية والمحلية على حد سواء. الا ان الامر الأكثر اهمية كان تأثر البلاد والعالم بإمدادات المواد الخام من خارج البلاد من جهة، وتصدير المنتوجات المحلية للخارج من جهة أخرى.
ومع ان الكورونا أصبحت من ورائنا الا ان مستوردين ومصدرين ما زالوا حتى اليوم يواجهون تحديات عديدة ومعقدة بكل ما يتعلق بإدارة المشتريات والمخزون، الطلبات والإنتاج، تصاريح السلطات المختلفة والتأخيرات غير المتوقعة وغيرها من العقبات. إضافة لهذا يواجه المصنعون تآكلًا مستمرًا في ميزانيات الدعم الحكومية خاصة بعد الجائحة، حيث يُضعف هذا التآكل من قدرتها على تقديم الابتكار وتطوير مزايا نسبية وإنشاء محركات جديدة لنمو الأعمال.
تباطؤ الإنتاجية في الصناعة
وعلى الصعيد المحلي ما زال المصنعين المحليين أيضا متأثرين بالمتغيرات المذكورة خاصة وان العام الماضي 2021 تم تسجيل ارتفاع في أسعار جميع المواد الخام، ويعود ذلك بالأساس للطلب المرتفع الناتج عن التشويشات التي حصلت في عملية التزويد المتقطعة خلال الجائحة وبالتالي فإن مؤشر المواد الخام للصناعة سجل ارتفاعا حادا بنحو 9.39% خلال عام 2021.
كما وسجل خلال عام 2021 تباطؤ في معدل الإنتاج الصناعي ومع بداية عام 2022 وبالربع الأول منه تم تسجيل انخفاض في الإنتاج الصناعي برصيد صافي سلبي قد وصل الى 5% بعد ان سجل في الربع الأخير من عام 2021 رصيد صافي إيجابي بنحو 15%
صعوبة في تجنيد عمال جدد
وتشير المعطيات المتوفرة لدى اتحاد ارباب الصناعة والعمل انه في الربع الأول من هذا العام كان هناك ارتفاعا، ولكن ضئيلا وبطيئا نسبيا في استيعاب عاملين أضافيين في الصناعة. كما يدور الحديث عن استمرار الصعوبة في تجنيد عمال مهنيين، حيث تشير المعطيات ان نسبة المصنّعين الذين أبلغوا في الربع الأول من عام 2022 عن صعوبتهم في إيجاد عمال قد وصلت الى حوالي 89% وبنسبة مرتفعة عن العام الماضي والتي كانت حوالي 87%.
في الوقت نفسه، تستمر صعوبة تعيين عمال محترفين في المجالات الصناعية المختلفة، حيث كانت النسبة المئوية للأرباب الصناعة الذين أبلغوا عن صعوبة في الربع الأول من عام 2022 لتجنيد ايدي عاملة مهنية حوالي 89٪، بعد معدل متوسط بلغ حوالي 87٪ في عام 2021.
حوالي 12 ألف وظيفة شاغرة في الصناعة
وكان متوسط الوظائف الشاغرة في الصناعة العام الماضي قد بلغ ما يُقارب 12 ألف وظيفة شاغرة. ومن بين الوظائف المطلوبة للتوظيف نذكر منها: موظفي تسجيل ونقل المواد، معالجي الواح معدنية، عمال لحام، إضافة لعمال غير مهنيين. هذا وقد قام قسم التعليم والتدريب في اتحاد ارباب الصناعة على تطوير وتفعيل دورات تدريبية متنوعة للعمال الجدد لتأهيلهم للانخراط في هذه الاعمال، وتعزيز خبرة العمال الحاليين في الصناعة المحلية بواسطة هذه الدورات من خلال تخصيص ميزانيات حصرية بالتعاون مع ارباب العمل والصناعة.
تباطؤ في مبيعات الصناعة المحلية
في الربع الأول من عام 2022 تم تسجيل انخفاض في مبيعات الصناعة للسوق المحلية بـنسبة 2%. ويبدو ان سبب التباطؤ في وتيرة التوسع في المبيعات للسوق المحلي في الربع الأول من العام الحالي تعود الى انتشار سلالة الاوميكرون وتبعاتها على النشاط التجاري.
شحنات التصدير تراجعت بـ 2%
وبحسب تقارير اتحاد ارباب الصناعة والعمل في البلاد فانه في الربع الأول من عام 2022 شهدت الصناعة المحلية انخفاضا أيضا في الصادرات بنسبة صافية بحوالي 2%. وبالمقابل استمر التآكل في أرباح الصادرات. هذا ويتوقع المصنعين في الربع الثاني من هذا العام استمرار انخفاض شحنات التصدير. ويعود ذلك للتبعات الاقتصادية للصراع العسكري في أوروبا ومن اهم الأسباب الرئيسية للتباطؤ في نمو التصدير يعود أولا الى تكلفة الإنتاج المحلي، سعر صرف العملات، الأسعار العالمية، صعوبة التسويق واختراق أسواق جديدة، الطلب العالمي وانتاجية العمل.
اما المجالات الأساسية التي سجلت ارتفاع في الصادرات الصناعية عام 2021 كانت الصناعات الالكترونية، الادوية والمنتجات المعدنية، وبالمقابل تم تسجيل انخفاض حاد في التصدير في مجال الكيمياء حوالي 19%، وانخفاض في تصدير الانسجة والالبسة والجلد بنسبة 6% والنفط بحوالي 7%.
واردات المواد الخام ونفقات استهلاك المنتجات الصناعية للاستهلاك الشخصي
وفيما يتعلق بواردات المواد الخام (لا يشمل المحروقات والألماس) فقد سجلت ارتفاعا عام 2021 بـنسبة 1.14% مقارنة بعام 2020. ويعود سبب الارتفاع الأساسي الى زيادة واردات مواد الخام لصناعة الإلكترونيات بنسبة 6.16% الى جانب ارتفاع استيراد الحديد بنسبة 2.17% وارتفاع استيراد المواد المطاطية والبلاستيك بـ 6.17%.
ويعود سبب زيادة استيراد المواد الخام للصناعة، توسع المنتج الصناعي الذي يستخدم للتصدير والاستهلاك المحلي. إضافة لذلك وعند فحص الانفاق الاستهلاكي الخاص للعائلة في البلاد على المنتجات الصناعية بما يتعلق بمصدر المواد إن كان انتاج محليا او استيراد فيمكننا ان نلاحظ انه وفي عام 2019 كان هناك زيادة في إنفاق العائلات على المنتوجات الصناعية المستوردة بنسبة اعلى بكثير من المنتوجات المحلية.
زحالقة:”مضاعفة الميزانيات المخصصة لتشجيع التصدير”
وقال رئيس لجنة المجتمع العربي في اتحاد ارباب الصناعة د. محمد زحالقة ان التصدير الصناعي يعتبر المحرك الأساسي والاقوى للنمو الاقتصادي ولتوفير أماكن عمل إضافية في المرافق الاقتصادية. لدى المصالح والشركات والمصانع العربية المحلية إمكانيات واسعة وآفاق عديدة بالإمكان استغلالها من خلال التصدير لأسواق عالمية، والتي ستعود بالفائدة على تطوير هذه الصناعات والمصالح لمصلحة المجتمع العربي. نحن ندرك العقبات الجمة بهذا المضمار، ونطالب بدورنا في اتحاد ارباب الصناعة الحكومة، رصد الميزانيات وتوفير مسارات الدعم لمساعدة الصناعات العربية المحلية الوصول للأسواق العالمية. نحن مصممون على استغلال الإمكانيات الهائلة الكامنة في المجالات الصناعة المختلفة من خلال تعزيز المنافسة الصناعية والتي من شأنها ان تساهم في احراز قفزة نوعية في مجال الصناعة تحديدا وفي الاقتصاد عامة. قبل أيام معدودة كان لنا لقاء مثمر مع مدير سلطة الاستثمار وقد ناقشنا بتوسع قضية دعم المصالح العربية، وعليه نعمل بجهد امام الجهات الحكومية المسؤولة لخفض الضرائب المفروضة على الشركات والمصالح المحلية ومضاعفة الميزانيات المخصصة لتشجيع التصدير من قبل المصالح والشركات المحلية وتخفيف البيروقراطية قدر الإمكان في هذا المجال. قبل عدة شهور دعونا العمال العرب الى التقدم للانخراط في المجالات الصناعية المختلفة وكنا نحن في اتحاد ارباب الصناعة على اتم الاستعداد لتقديم المساعدة والتسهيل على العمال، وما زالت هذه الدعوة قائمة لسد العجز في الايدي العاملة في ظل المعطيات الأخيرة”.
صورة د. محمد زحالقة (تصوير اتحاد ارباب الصناعة)