حواجز ومعابر وحدود – تجاوزات وقيود !

تاريخ النشر: 31/10/11 | 4:33

الداخل إلى طولكرم من الحاجز الغربي على الخط الأخضر (معبر نتانيا سابقاً) أو معبر نتساني عوز والقادم من قرى ومدن المثلث الأوسط والشمالي وقرى الساحل يضطر في العودة إلى بيته أن يرجع من حاجز جبارة (فرعون) أو طريق المزبلة كما يحلو للبعض منا تسميته وهو حاجز جانبي فرعي للحاجز الكبير الواقع على الطريق القادم من نابلس والمستوطنات ابني حيفتس وعيناب والموصل إلى مدن المثلث الجنوبي الطيبة وقلنسوة والطيرة أو أن يعود من طريق عنبتا حتى يصل إلى الحاجز الكبير نفسه إذا ما تأخر وكان حاجز المزبلة مغلقاً .

ورغم المسافات والوقت والجهد والانتظار على المعابر أو الحواجز إلا أن العديد من عرب الداخل يصرون على التواصل مع أسواق طولكرم وجنين والخليل ونابلس وغيرها في مناطق السلطة الفلسطينية أو الضفة الغربية أو فلسطين لاحقاً , ويعود هذا الحرص لعدة أسباب أولها توفر البضائع والمستلزمات والمواد الغذائية وتنوعها وتعددها في أسواق مركزة وثانيها الأسعار المعتدلة رغم تفاوت الأسعار ورغم الاستغلال عند بعض الباعة والتجار لأهلنا القادمين من داخل الخط الأخضر , وثالثها الكراجات ومحلات قطع الغيار وسرعة التدبر والتنفيذ وإيجاد الحلول واعتدال التكاليف وكذلك الصرافة والحلويات والكنافة والمطاعم المعتدلة والمخابز والمحامص ومحلات الأحذية والملابس والترفيه وغيرها وغيرها ……

لكن السبب الأكثر أهمية هو الشعور بالراحة وتطابق الهوية واللغة والقومية والدين وصلة القربى والانتماء والإحساس بالأمن والأمان والتمتع بالأجواء العربية التي يفتقدها عرب الداخل في مراكز الشراء والأسواق عندهم .

في نفس الوقت وبالمقابل تحرص المحافظة والبلدية ورجال الشرطة وأصحاب الشأن على التسهيلات وتنظيم حركة المرور وتوفير أمكان الوقوف والمتابعة للقادمين الضيوف لما في ذلك من أثر في الانتعاش الاقتصادي وتنشيط حركة التجارة ومرافق العمل من الواردات التي تسهم في الجانب الاجتماعي وتعين على الصمود أمام الحصار بالحواجز التي تفرض على المحافظات لتجزئتها وفصلها عن بعضها البعض جغرافياً واقتصادياً واجتماعياً وتحكم القبضة عليها وتبعدها وتفرقها وتمنع التواصل في ما بينها .

وعلى سبيل المثال فإن محافظة طولكرم بحسب ما جاء في دراسة الكاتب ذيب عمارة محاطة بالعديد من الحواجز الثابتة والمتحركة والمتنقلة والفجائية .

(طولكرم ليس لها سوى ثلاث جهات رئيسية عليها منافذ ضيقة ومحدودة،جنوبا مغلق بحاجز جبارة الرئيسي ،وشرقا بحاجز عناب ،وشمالا بالبوابات الحديدية والحواجز الثابتة والشوارع الالتفافية والجدار الفاصل من جهة الغرب وفيه معبر نتانيا ومعبر العمال الفلسطينيين إلى داخل الخط الأخضر الواقع جنوب غرب المدينة , ومن أجل الوصول إلى طولكرم من قرى المحافظة إلى الداخل يستغرق عشرة دقائق في حين يستغرق أحياناً أكثر من ساعة بالالتفاف عبر قرى وشوارع ترابية مهجورة في ظل وجود عشرات الحواجز الفجائية الطيارة والتي يتم تثبيتها ووضعها في مفارق حيوية ومفصلية للشوارع الرئيسية للبلدات والقرى التي وجدت نفسها مقيدة ومحاطة بالحواجز والجدار الفاصل والبوابات الحديدية والإغلاقات المتكررة لها والتي تسبب الدمار الاقتصادي وتقضي على الزراعة فيها مع عدم إمكانية إدخال المواد الزراعية هذا إلى جانب وجود مشكلة مائية كبيرة رغم توفرها ). ومشكلة التواصل الاجتماعي والتنقل للدراسة أو للعلاج أو لقضاء الحاجات أو للعمل في المرافق المختلفة كالتعليم والصناعة والصحة وغيرها .

وهناك العديد من الحواجز التي توضع دون سابق إنذار في أماكن متفرقة من المحافظات لا يمكن رصدها بشكل دقيق لأنها تتغير في مواقعها بالإضافة إلى السواتر الترابية والخنادق والمكعبات الإسمنتية التي تغلق طرقاً ترابية بين قرى المحافظة .

هذا إلى جانب المعاناة وإجبار المواطنين على النزول مشيا على الإقدام مع التفتيش الجسدي الدقيق إلى جانب الأمتعة الشخصية دون النظر إلى معاناة المواطن في حال عدم حضور الجنود أو الدورية والبقاء على حالة الانتظار الطويلة.

وتمتاز هذه الحواجز بضيق المساحة والمقامة على شوارع رئيسية الأمر الذي يخلق معاناة واختناقا وازدحاما مستمراً يختلط فيها المواطنون بالحافلات والسيارات والباعة المتجولون وأصحاب الانتظار المواطنين والبضاعة التجارية القادمة من خارج المحافظة .

ويتم المرور بصعوبة بالغة بعد عملية ممنهجة نفسيا تهدف إلى إذلال المواطن وتكبيله في ظل ظروف جوية قاسية كالبرد والمطر أو الحر الشديد .

هذا كله بالإضافة إلى البطالة وصعوبة استصدار تصاريح عمل أو تجارة للدخول عبر المعابر داخل الخط الأخضر لكسب لقمة العيش بظروف عمل ومعيشة صعبة للغالية .

كل هذا الواقع المرير يعيشه ويحياه يومياً الإنسان الفلسطيني ويتعامل معه بصبر وتدبر , ينتظر ولا يملك سوى الانتظار , ينتظر الفرج من رب العالمين !

أما نحن القادمون إلى المدينة للتسوق من عرب الداخل فإن البعض منا يتعامل مع كل شيء بالكبر والعنجهية والترفع والأسلوب القاسي الخشن الفظ , لا يعجبنا العجب , نشعر ونحس ونتصرف كأننا ماركة مسجلة ويا أرض اهتزي ……

هناك الكثير من عدم الثقة بيننا وبين أهالينا في الضفة من باعة وتجار ومهنيين وخدمات وأول ما نفترض الغش ورفع الأسعار والاستغلال والسبب هو مرور اغلبنا بحالات وتجارب وحوادث وتجاوزات وقصص في ذلك الباب .

ورغم هذه التجاوزات ورغم كل هذه القيود والصعوبات من ظروف معيشية صعبة وحواجز وقيود ومعابر وجنود وحرس حدود وسيطرة واحتلال إلا أننا نتجاهل التفكير في كل ذلك ونقبله ونسلم به كواقع مفروض علينا بالقوة ولا نملك لرفضه حتى الاعتراض والاحتجاج والتصدي والحوار .

صار جل اهتمامنا وهمنا ينحصر في الوقوف بالمرصاد لبعضنا البعض وتجاوز حواجزنا النفسية والحرص واليقظة في البيع والشراء المبني على فقدان الثقة وافتراض الغش في البضاعة والجودة والأسعار .

وصار جل تفكيرنا وانتصاراتنا ينحصر في كيفية تجاوز جميع السيارات والمركبات التي تنتظر بألم وصبر على الحواجز والمعابر لكي نصل إلى بوابات الحرية بسرعة وبدون أي تفسير وتبرير متجاهلين كل أصول وذوق ونظام وأولوية , متفاخرين بأمجادنا العريقة وبطولاتنا العظيمة وإصرارنا على محاربة أي تجاوز في ما بيننا والدفاع عن حقوقنا والحرص على عدم استغلالنا في أمور البيع والشراء بينما نسمح لأنفسنا بالتفاخر والزهو والاستخفاف والاستهتار في تجاوز كل المنتظرين وتجاهلهم والالتفاف على الدور والاستعداد للمعارك في ما لو قوبل هذا العمل بالاعتراض والانتقاد .

لكن المؤسف حقاً أن ترى في هذه النوعية شرائح متنوعة من بيننا وفيهم الملتزم وشبه الملتزم والمثقف وأصحاب الرسائل ورجال الأدب والعلم يتنازلون للحظات عن كل المبادئ والقيم والأصول وينصب كل جهدهم في عبور الحواجز والمعابر قبل الجميع وتجاهل العديد من إخوانهم المنتظرين والذين باستطاعتهم أن يتصرفوا مثلهم لكنهم يأبون على أنفسهم ذلك ويمتنعون عنه احتراماً لأنفسهم ولغيرهم ولدينهم وعقيدتهم .

والمؤسف المدهش أكثر في أدب العبور على المعابر والحواجز أن ترى كيف يقف الفرد منهم أمام جندي يبادره السلام ويتكلم معه بأدب وينصاع لتوجيهاته بخنوع ويظهر اللطف المبالغ به ولا يتجاوز ولا يجادل,يتحول إلى إنسان آخر لأنه قد نجح في الوصول إلى باب الحرية والذي لم يفكر على الأقل بسبب وجوده والأرض التي يقع عليها والمساحات التي يحصرها والشعب الذي يقبع خلفها ولم يعتصر ألماً لأبناء شعبه وجلدته الذين يمرون على مثل هذه الحواجز يومياً في الدخول والخروج فهو كل ما يعنيه أنه انتصر على المنتظرين مدة طويلة وتجاوزهم ولم ينتظر مثلهم وفي نفس الوقت فإنه قد انتصر على الجنود على الحاجز واستطاع إدخال بعض الممنوعات بدون تفتيش والتي تقتصر على البيض ومنتجات الحليب واللحوم وهذه بحد ذاتها أم المعارك وفيها يسجل أكبر انتصار !

تعليق واحد

  1. الدخول للمناطق الفلسطينيه سهل .
    اما الخروج وبالذات بفترات شهر رمضان او ال 10 ايام ما قبل عيد الاضحى فهي قصه عذاب . فمثلا الحاجز للخروج من مدينه طولكرم يمكنك في بعض الحالات ان تقضي 2-3 ساعات حتى تخرج .
    اخراج البضائع من الضفه تقريبا ممنوع الا بكميات صغيره وحسب مزاج الجندي على الحاجز .
    مع العلم بان الاسعار بالضفه الغربيه مقارنه مع نفس الجوده هنا في البلاد فليست ارخص .
    انا لا انصحكم وبهذه الظروف ان تتسوقوا هناك . مع كل الاسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة