المزيد من الوفاء ردا على رسالة الأسير محمود العارضة
المحامي علي أبوهلال
تاريخ النشر: 14/06/22 | 13:54الأسرى في سجون الاحتلال هم أسرى الحرية يتمتعون بمكانة هامة وعزيزة لدى الشعب الفلسطيني ولدى أحرار العالم، وتكاد لا توجد أسرة فلسطينية لا يوجد منها أومن أقربائها أسير أو أسيرة، بحيث وصل عددهم نحو مئات الآلاف خلال المسيرة الكفاحية الطويلة المتواصلة للشعب الفلسطيني وحركته التحررية من أجل انتزاع حقوقه الوطنية في العودة والحرية والاستقلال.
الأسرى والأسيرات قدموا ولا زالوا يقدمون تضحيات كبيرة في مواجهة قوات الاحتلال وأجهزته القمعية، ورغم كل أشكال التضامن والدعم الشعبي والأهلي الفلسطيني للأسرى والأسيرات، إلا أن ذلك لم يرتقي بعد إلى حجم التضحيات التي يقدمونها.
لفت انتباهي رسالة الأسير البطل محمود العارضة التي وجهها الى الشعب الفلسطيني وإلى أحرار العالم، والتي نشرت في وسائل الاعلام يوم التاسع من شهر حزيران/ يونيو الجاري، بعد قرار الحكم الجائر بحقه وبحق زملائه الأسرى الذين تحرروا لعدة أيام، عبر نفق الحرية حفروه للتحرر من سجن جلبوع، في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وجاء الحكم الجائر عليهم بالسجن 5 سنوات إضافية إلى الاحكام العالية المحكومين بها من قبل محاكم الاحتلال غير القانونية، عقابا لهم على فرارهم من السجن المذكور، بما يخالف قواعد القانون الدولي الإنساني، ومبادئ الشرعة الدولية لحقوق الانسان، التي تعطي للأسير حق التحرر من قيود السجن والأسر.
تضمنت رسالة الأسير العارضة في البداية التحية لوسائل الاعلام التي “ما نسيتنا طوال هذه المرحلة” كم جاء في الرسالة مؤكدا أن حكم المحكمة يؤكد “ان الجلاد لا يمكن ان يكون رحيما” مشيرا أنه “الظالم ولا يعرف العدل، لذلك كان قرار المحكمة منسجما مع وحشية هذا الكيان” وقال العارضة “ان الحكم لا يزيدنا الا قوة واصرار على المضي في الطريق”، ويشير الأسير العارضة “منعوا دخول وسائل الاعلام إلى المحكمة، حتى لا نتحدث عن شيرين، لأنها اكملت طريقي الى امي، واهدتها علبة عسل نيابة عني، ثم سارت من جنين الى القدس موشحة بالدماء، عزائنا الى ذوي شهداء الوطن، واخص بالذكر اخواننا سأش كممجي، وداود زبيدي وكل الشهداء” ولم ينسى العارضة من تقديم التعزية إلى “اخانا يعقوب وانفسنا بوفاة والدته وعزائنا الكبير الى عميد الاسرى كريم يونس بوفاة والدته، واقول في هذا المقام ان والدة كريم يونس مضت الى الله تشكوا قلة الناصرين، 40 عاما تنتظر علها تجد ولي او نصيرا من الناس من قبل فمضت. 40 عاما لها ولكريم تاج عز ونصر وفخر”، ويشير العارضة في رسالته الى السادة والقادة والنخب ويقول لهم: “وصمة عار ان من يترك اسراه 40 عاما و30 عاما و20 عاما في السجون بأعداد المئات، هو ليس اهلا لتحرير القدس وفلسطين، وقال: “ان الغصة في قلوبنا كبيرة، وهذا العجز العربي والفلسطيني، خاصة من يقود هذا الشعب من تنظيمات ونخب مثقفه غير مبرر، وكل انجاز حدث سابقا ليس الا قليلا نادرا، اننا نقبل ان يكون نفق الحرية رمزا للتحرير لكننا نرفض ان يكون خيارا وبديلا لذلك”.
ويوجه العارضة في رسالته: “التحية الكبيرة والمحملة بكل الحب والذكريات الى اهلنا في الداخل الذين وقفوا وقفة عز بجانبنا، وبقوا سندا لنا طوال جلسات المحاكم، واخص بالذكر مهجة فؤادي الناصرة واهلها والعظماء ونسائها وبنات مريم”، كما وجه التحية إلى ” اهلنا في القدس واحبابنا في يافا وعكا والجولان وكل مدن وقرى الداخل، والى شقيقتي ام علي قمر، وابناءها الذي منعوا من الدخول الى المحكمة، وذنبها الوحيد انها من جنين واتخذت من الناصرة بيتا لها، وانها شقيقة المناضلة الكبير والأسيرة المحررة فخرية الجلبوني، وخالة الشهيد رمزي العارضة، وتحيه الى الطفلتين من يافا، اللاتي زرعن الامل في قلوبنا عندما حظرن المحاكمة والى ذويهم والاقارب والاصحاب وكل اهل يافا”.
كما وجه العارضة “التحية كل التحية الى الابطال الذين شقوا معنا طريق القدس ونفق الحرية، الاحد عشار كوكبا والى ذويهم وحقا على الشعب الفلسطيني وشعوب العالم الحر، ان يضعوا على اكتافهم اسماء النجوم محمود شريم، ومحمد أبو بكر، وقصي مرعي، واياد جرادات، ومناضل انفيعات، ومحمد عارضه، زكريا زبيدي وايهم كممجي، ويعقوب، ويجعلوا هذه الاسماء اعلاما على أبنائهم”.
وطالب العارضة “قادة الشعب الفلسطيني ونخبه كافة، ان تخطوا خطوة جدية لحل هذه المأساة الإنسانية المتواصلة، كما وجه “تحية خاصة الى اهل اكسال ونسائها العظيمات، ولو ان محمود العارضة سار بطريقة كما خطت له نساء اكسال وبناتها، لم يتم اعتقاله ولتغير مجرى التاريخ، وذكر العارضة “قصتي مع اكسال طويلة وغائرة في الزمن من 4 عقود وسيكون لي خاطره طويله لاكسال كلها اشجان وحب”.
ووجه العارضة رسالة الى نجوم الفن العربي في الدراما والسينما، بان العدو يجهز من خلال فنانيه لعمل فلم كبير عن نفق الحرية، وهدفه ان لا يتحول هذا الانتصار على الارض الى انتصار سياسي، وسيعتمدون على رواية لا تمثل الحقيقة”، وذكر الأسير العارضة أن لديه “امنيه ان يسبقهم الفن العربي بكل اطيافه ويحفظوا للامه انجازها وملحمتها البطولية، لان العدو مقهور ومصدوم من الحدث” ويذكر العارضة أن “الشاباك قال لي لو ان غيركم في العالم قام بهذا العمل الكبير لكان اهون علينا”. وقال أيضا “لقد حاولت التقاط صورة مع صورة الفتاة رازان عباس من قرية كفر كنا والتي قتلت ظلما، لكن المحكمة وادارة السجون منعتني من ذلك، وكنت اود من خلال هذا الموقف ارسال رسالة الى شبابنا في الداخل، بان يكفوا عن سفك الدماء لان القتل جزء من مؤامرة ضد اهلنا في الداخل، وقد كتبت قصيدة باسم رازان “. ويشير الأسير العارضة في رسالته “نحن نتعرض لعملية انتقام من قبل ادارة السجون من خلال النقل المتواصل والتفتيش العاري المستمر، ومنع الزيارات والتضيق علينا بكافة النواحي، وقد قاموا في اللحظات الأخيرة بمنع زيارة الاخ الكبير مناضل انفيعات، وحاولوا ادخال البطل محمود شريم الى داخل غرفة مراقبة مع أحد الاسرى المرضى النفسيين، وقام الاخ محمود بعمل بطولي، وتعارك مع السجانين وحطم كل كاميرات المراقبة وهو الان في زنازين العزل الانفرادي وكان ذلك في سجن ابالون”.
وختم الأسير العارضة رسالته قائلا: “اخيرا ان المأساة الفلسطينية في السجون طويلة وبعيدة الامد وهناك تقصير كبير بحق الاسرى وعجز لا يبرر، وقد أمضى مئات الاسرى عقودا طويلة في السجون، وهذه مأساة وفضيحة كبيرة وغير مبررة، والادهى من ذلك الهجمية المستمرة من قبل ادارة السجون ومدفوعة من قرار سياسي”، مشيرا إلى أثر الانقسام الكبير على ذلك. مذكرا “أن العمل على إطلاق سراح الاسرى يجب أن يكون بالتوازي على تحسين ظروفهم، وقد تحدثت في عام 2011 مع الاخ ابو إبراهيم، حول ان تضمن أي صفقة في المستقبل تحسين ظروف المعتقلين، حتى لو أفرج عن الجميع، فالسجون لم تنتهي ما دام هناك محتل، وقلت له: انا محمود العارضة مستعد ان اتنازل عن حريتي مقابل ان يعيش الناس في السجون بكرامة وشرف”.
رسالة الأسير محمود العارضة تعبر عن إرادة لا تقهر رغم كل أشكال القهر والمعاناة والتعذيب، الذي تعرض لها هو وزملائه الأسرى من أسرى نفق الحرية، وتعبر عن الوفاء الى أبناء شعبنا الفلسطيني الذين وقفوا معهم ومع الأسرى ومع الأسيرات على امتداد الوطن، كما تحمل تحياته وتحيات الأسرى والأسيرات لوسائل الاعلام والصحفيين، وتضحياتهم في الدفاع عن القضية الوطنية وحقوق الأسرى، كما تحمل التعزية بالصحفية شرين أبو عاقلة، التي تم اغتيالها من قبل قوات الاحتلال، وتحمل الرسالة دعوة شعبنا وقواه التحررية للوحدة والتضامن.
كما تدعو الرسالة الفنانين العرب لأخذ دورهم في ابراز بطولة أسرى نفق الحرية والاعتماد على روايتهم، لمنع سلطات الاحتلال من تسويق روايته الكاذبة والمضللة، التي تحاول طمس الحقيقة عما جرى.
وتدعو الرسالة الى مزيدا من التضامن والدعم للأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، كما توجه اللوم لقادة الشعب الفلسطيني، ونخبه الفكرية لتقصيرهم في تبني حقوق الأسرى والأسيرات، والعمل من أجل تحررهم وتبني الدفاع عن قضاياهم وحاجاتهم الإنسانية داخل السجون. وختم رسالته بـالقول: “أنا محمود العارضة مستعد أن أتنازل عن حريتي مقابل أن يعيش الناس في السجون بكرامة وشرف”. سنبقى جميعا مقصرين تجاه تضحيات الأسرى والأسيرات وحقوقهم ومطالبهم العادلة، وعلينا تقديم المزيد من الدعم للأسرى والأسيرات ومقابلة التضحيات والوفاء منهم، بوفاء أكبر ما استطعنا اليه سبيلا.