عرض فيلم “جسر العودة” في الزرنوق بالنقب
إيمان جبور
تاريخ النشر: 22/06/22 | 12:00وسط مشاركة واسعة في قرية الزرنوق مسلوبة الاعتراف، أقامت جمعيّة كيان – تنظيم نسوي، الثلاثاء عرضها الافتتاحي للفيلم الوثائقي “جسر العودة” للمخرج عصام بلان، ومن إنتاج جمعيّة كيان، والذي يحكي قصة مدينتين عريقتين، صفد شمال فلسطين التاريخية، وبئر السبع في جنوبها. وينقل الفيلم قصصًا شخصيّة على لسان المهجّرين والمهجرات من الأجيال التي عاشت النكبة، لتلتحم تلك الروايات الخاصة بالهمّ الوطنيّ العام، وليتشابك الجانب الإنسانيّ بالسياسيّ. ويركّز الفيلم على روايات النساء ليُبرز دورهن ورواياتهن ومعاناتهن، التي غالبًا ما غُيّبت من السرديّة التاريخيّة، المكتوبة والمحكيّة. ويركّز الفيلم أيضًا على انتقال هذه القصص إلى الأجيال الشابة، التي لم تزل تنبش صفحات التاريخ وثنايا الذاكرة بحثًا عن جذورها، وفي وجدانها يتّضح الأفق نحو العودة المنتظرة .وأقيم العرض في النقب في قرية الزرنوق (أبو قويدر)، وقد سبقه جولة في القرية مسلوبة الاعتراف والتعرّف على معالمها وتاريخها وقصص صمود السكان في القرى مسلوبة الاعتراف. وشاهد الحضور خلال الجولة تلال ركام البيوت المهدومة على أطراف قرية الزرنوق، التي يتخذها نحو 6000 نسمة مسكنًا لهم. وفور انتهاء الجولة وتجمّع الحضور، تحدّثت السيدة نسرين طبريّ مركّزة مشروع “أجيال تتوارث الذاكرة والعهد” في جمعيّة كيان، عن أهميّة المشروع وعلاقته بتعزيز النسّاء عبر معرفة التاريخ كضرورة لفهم الحاضر والسياسات الحاليّة التي ما زالت تستهدف الفلسطينيات والفلسطينيين في موطنهم، وتسعى لتهجيرهم عبر الهدم والمصادرات، بما لا يدع مجالا للشك بأن النكبة ما زالت مستمرّة.
وألقت المحامية ألحان نحّاس- داوود كلمة جمعيّة كيان، لتتحدّث عن دور الجمعيّة في تعزيز دور النساء في مجتمعنا، وعن الفيلم الذي يُعتبر استمراريّة لمشروع “نساء على درب العودة” الذي نفذته الجمعيّة لسنوات، ابتغاء تذويت خطاب العودة والتعرّف إلى الدور النضالي للنساء الفلسطينيات وإبراز صوتهن المغيّب تاريخيًا، وتعزيز وعي ومشاركة النساء في العمل الوطنيّ.
أما ميّادة ومحمد أبو قويدر، اللذان استضافا هذا الحدث، فقد تحدّثا عن صمود سكّان القرية بنسائهم ورجالهم، وإصرارهم على الصمود وعلى تعرية الرواية الإسرائيليّة التي تتعامل مع السكان كعشائر وقبائل، وتسمي المنطقة “عشيرة أبو قويدر”، بينما يؤكد السكان على اسم “الزرنوق” وهو الاسم التاريخيّ للقرية مسلوبة الاعتراف. وأكّدت ميّادة على ذلك بقولها “نحن هنا، نحن موجودون وصامدون، وعدم اعتراف الدولة بنا لا يسلبنا وجودنا”. بعد المداخلات، عرض الفيلم وسط تفاعل الحضور مع المشاركات والمشاركين فيه والقصص التي نقلت من أفواههن. وفي ندوة قصيرة بعد العرض، قال المخرج عصام بلّان بأن الفيلم استند إلى حوارات دارت بين الشخصيّات المشاركة عوضًا عن إجراء المقابلات مع كل شخصيّة على حدة، لتلتقي ذاكرة الشخصيات وأحلامها معًا في سرديّة بصريّة وحواريّة كوّنت نسيج الفيلم. كما شاركت الناشطة النقباوية، هدى أبو عبيد، إبنة الجيل الثالث لمهجري النكبة في هذه الندوة، لتروي قصة جدّها وجدّتها اللذين هجّرا من الشريعة إلى اللّقيّة فتل عراد، وعودة إلى اللقيّة، مع كل ما رافق رحلات التهجير من شعور الاقتلاع والصعوبات الحياتيّة بالتأقلم مجددًا في بيئة مختلفة أوصلت المهجرات والمهجرين وقتئذٍ إلى حافة الجوع. بينما تحدّثت نسرين طبريّ من جمعيّة كيان في تلك الندوة عن تجربتها بالبحث عن الشخصيات المشاركة في الفيلم وما رافق ذلك من صعوبات، وعمّا يميّز الصوت النسائي في الرواية التاريخيّة الفلسطينيّة.
مع نهاية هذا الاحتفاء بالفيلم وبإحياء ذاكرتنا الجمعيّة، كرّمت جمعيّة كيان الشخصيّات المشاركة في الفيلم، بدءًا من السيّدة آمنة حليحل، التي أهدي الفيلم لروحها، هي التي هُجّرت من قدّيتا قضاء صفد في سن السابعة والعشرين، ثم نقلت لنا رسالتها وروايتها وسلّمتنا الأمانة، وتوفيّت قبل نحو شهرين من عرض الفيلم. كما تم تكريم سائر الشخصيات على إسهامها الكبير في ولادة هذا الفيلم وخروجه إلى النور، السيد سعيد الصفدي، السيّدة بسمة الصانع، د. جوني منصور، السيّدة ابتسام حليحل، د. منصور نصاصرة، السيّدة آية سرية، والسيدة أمجاد عيسى. وتقدمت جمعيّة كيان بجزيل الشكر للصحافيّة سناء حمّود لمساهتمها بإلقاء قصيدة صفد للشاعر سالم جبران في افتتاحية الفيلم. إن فيلم “جسر العودة”، وهو نتاج لمشروع “أجيال تتوارث الذاكرة والعهد”، يربط ما بين الأجيال المختلفة لأبناء وبنات الشعب الفلسطيني، بين الجيل الذي عايش النكبة والتهجير، والأجيال اللاحقة التي حفظت الذاكرة ونشطت من أجل إحيائها وإبقاء شعلتها متّقدة حتى تحقيق العودة، مع التركيز على قصص النساء ودورهن. وستعرض جمعيّة كيان الفيلم في أماكن مختلفة خلال الشهور القادمة، في بلدات مهجّرة وأخرى عامرة سيتم الإعلان عنها قريبًا. الفيلم أنتج بدعم من الصندوق العربي للإنماء الاقتصاديّ والاجتماعيّ، وبإشراف مؤسسة التعاون.