” طَشّة ونَتشة ” وعبلّين في القلب “
زهير دعيم
تاريخ النشر: 27/06/22 | 10:52عندما يتناغم الحجَرُ والبَّشر على وترِ المحبّة تحلو المساءات .
وحينما يسيرُ مجد القديم في الطّرقات ومع النتشات الجميلة يدًا بيد تحلو السَّهرات.
وحينما يتعانق أبو جُبران وأبو محمد والدكاترة والمربيّات وأمّ رزق عناق الأخوة الحقيقيّة تعلو الأُغرودات.
وعندما نضع – كما العادة – عبلّين في القلب وبالذّات في الحَيِّ القديم تصحو الأمنيّات وتستفيق على إيقاع ” طشّة ونتشة ” ؛ هذا العمل المجتمعيّ الجميل والذي شدّني وأثَّر فِيَّ ، كما أثَّرَ في المئات من العبالنة الذين اجتمعوا في الحيّ القديم الذي يربط الكنيسة بالجامع القديم ، فتذوّقوا البطاطا المشويّة على وقع طبول الكشّاف الارثوذكسيّ العبلّيني الهازج ، نعم …أولئك العبالنة الذين راحوا يجوبون ساحات الحارة الدافئة والعابقة بشذا المحبّة والجيرة الحَسَنة ، يتمتعون بالمذاقات الجميلة والابداع الرائع والرقصات والاهازيج على وقع العود وغناء المطرب الجميل النصّراوي بشارة ذيب ، ويستمتعون بعمل مَن تجعل شَعْر الأطفال جدائل غَنَجٍ وضفائر غَزَل ، ومن يزرع الزّهرة الهامسة في بوتقة صغيرة ، ومن تَعزف على السكسوفون ألحانًا عذابًا ، ومن يعمل على إسالة اللُّعاب بهريسة طيّبةٍ حلوة المذاق يطير فوْحُها ويتواصل مع ترنيمات عذبة آتية من البيت القديم لجارنا الدكتور منير نشاشيبي ، فيُصفّق تولستوي أو يكاد من معرض الكتاب القريب يؤازره تارة دوستويفسكي وأخرى جبران وشلّة من أدباء العرب والعالم …
لقد عادت الحارة الجميلة – حارتنا – تزهو من جديد وترفل بثياب المجد ، يُزيّنها كاهن جميل هنا وشيخ جميل هناك ، في حين راحت الطفولة المغناج تسرح وتمرح وتتذوّق وتلعب.
فكرة رائدة ” طشّة ونتشة ” أطلقتها وعملت على تنفيذها الجمعية الغيورة والراقية بشبابها وشابّاتها : جمعية ” عبلّين في القلب ” مع أُطر وجمعيات عبلّينيّة كثيرة زرعت البهجة في القلوب ، ورفعت معنويات المواطنين المرفوعة أصلًا على روابي المحبة وحسن الجيرة … فكرة أطلقتها ونفّذتها في الحيّ القديم الغافي في حضن الهدوء والسَّكينة والذي يصرخ بهمس الى رئيس مجلسنا المحليّ الأخ الغالي مأمون شيخ أحمد قائلًا : بمقدوركَ أن تفعلها !
فتستثمر في هذا الحيّ الجميل والعريق ، فتحفظه وتحافظ عليه بل وتُلوّنه وترصف ارضيته كما يفعل الأوروبيون في حاراتهم العتيقة بالرّصف الجميل ، وتعمل ولو على مراحل على تخصيص الميزانيات – وعلى قدر الطّاقة – للإبقاء على هذا المجد الأثيل فترعاه وتدعمه وتحفظه سالمًا ؛ هذا الحيّ الذي اجتذب قبل سنتين فقط مخرجًا يهوديًّا ليصوّر الكثير من مشاهد فيلمه فيه .
لقد تجولتُ برفقة الأب الفاضل سابا الحاج فكان المسار عبارة عن لوحة جميلة تعبق بشذا الحياة وقصيدةً عطرة تفوح فيُردّدها الحاضرون قائلين :
أكثروا منها ومن أمثالها؛ ازرعوا حارتنا في هذا الزمن العابس ، ازرعوه بهجة وأملَا وأحلامًا ، وأعيدوا التاريخ المجيد ليتمشى بشموخ فينا وبيننا.