متنفَّس عبرَ القضبان (61)
حسن عبادي|حيفا
تاريخ النشر: 28/06/22 | 8:57بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّبت سميرة دويات (والدة الأسيرة شروق): “لا حول ولا قوة إلا بالله، لقاء مؤثر، أحسست بكل تفاصيله. وقت تزوجوا إخوة شروق وما حضرت فرحهم كانت أوقات عصيبة عليها. بكت بحرقة لكن كانت حاضرة بقلوبنا، الله يفرجها عليهم، ويفك أسرهم جميعا”.
وعقّبت خلود القاسم (أخت الأسيرين ناصر وخالد الشاويش): “كانت تنقل الصورة من الخارج، فأرادوا أن يخرسوا صوتها، ويصموا آذانها، ويعموا عين الحقيقة، فإذا بها تنقل الصورة من داخل السجون، وتفضح كل جرائمهم ضد الأسرى والأسيرات، بوركت جهودكم، أستاذ حسن عبادي”.
“كرت العرس”
التقيت صباح الثلاثاء 31.05.2022 في سجن الدامون بالأسيرة المقدسيّة أماني خالد حشيم مبتسمة، وبادرت بالسؤال: “شو قصّة الملوخيّة اللّي بحكوا عنها السجّانين؟”، فأخبرتها بملوخيّة صندلة ورشاد باب السجن فقالت: “مبادرة حلوة ومشكورة، وكأنّا أكلناها وزيادة. بكفّينا إنو عم بفكّر فينا رغم إنّو ما بعرفنا، إنشا الله بنتحرّر قريبًا وبنستنّى يعزمنا عليها”.
أوصلت لها كرت عرس أخيها وسام، فنزلت دمعة الفرح من عيونها (“أول مرّة بشوف كرت عرس من يوم الاعتقال”) لتخبرني عن التحضيرات لسهرة عرس موازية في الدامون؛ فساتين ومكياج وموسيقى، “زمان ما احتفلنا!” والزغرودة التي تستعد لها منى، وملابس العرس التي اختارتها لأحمد وآدم.
حدّثتني عن دورة كتابة إبداعيّة في السجن، البنات تشجّعن للكتابة وخاصة بعد صدور كتابها “العزيمة تربّي الأمل”، وفكرة ترتيب صورة جماعيّة ترافق كتاب جماعي.
حتلنتها عن المؤتمر السابع للتحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين، وطلبت إدراج بعض الأمور التي تخصّ الأسيرات على جدول الأعمال وسألت عن إمكانيّة تحضير رسالة مشتركة من حرائر الدامون.
حدّثتني بحرقة عن غياب الأولاد “نظرة عينيهم ما بتحكيلي!”، ومن أصعب لحظات الأسر حين “طرشوا” الزنزانة وراح طول أحمد وآدم.
وعدتها المشاركة برفقة زوجتي سميرة مناقشة رسالة الدكتوراه، وحضور حفل التخرّج بتفوّق.
“زغرودة”
بعد لقائي بأماني، التقيت الأسيرة منى حسين قعدان، وبعد التحيّة وإيصال متبادل للسلامات سألتني عن موضوع الساعة، رشاد وملوخيّة صندلة، وحدّثتني عن زغرودة عرس وسام وحفلة القِسم مساء الاثنين القادم، وقتٌ آخر للفرح.
حدّثتني عن تجديدات التعليم داخل السجن وأهميّته للأسيرات، دورة الكتابة الإبداعيّة وتميّز شروق، أهميّة اللقاء بالمحامي “طلعت وحكيت وفرّغت”، بكفّي نطلع من القِسم ونشوف السما ونتنفّس.
تناولنا فكرة “من رحم أمي إلى رحم زنزانتي وما بينهما”، وكتاب جماعي للأسيرات ومشاركة لهن تُقرأ في مؤتمر التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين الشهر القادم في السويد.
خبّرتني عن طبخة المفتول والكُلّاج في السجن؛ تناولنا فكرة إصدار كتاب “مأكولات السجن” بمشاركة عبد الكريم حول الطبيخ، نورهان حول التحالي ومنى حول المخلّلات.
وكذلك مناقشة رواية “الشهيدة” للصديق هيثم جابر (وصلتها كلّ إصداراته)، حيث عاشت الأحداث وتأثّرت بوصفه الواقعي جدًا.
“سما بتطلّع على الصورة”
بعد لقائي بأماني ومنى، التقيت بالأسيرة بشرى جمال محمد الطويل، فنحن معارف قدامى من الاعتقال السابق، وها هي تُعتقل من جديد يوم 21.03.2022 لكونها صحافيّة وناشطة فصارت مستهدفة، وليس صدفة إعدام شيرين.
رتّبت اللقاء بناءً على توصية محمد على هامش حفل إطلاق ديوان “أنانهم” للأسير أحمد العارضة في جنين، حين أخبرني بمنع والدتها، على بوابة السجن، من لقائها رغم التصريح الأمني الذي حملته.
طمأنتها على صحّة العائلة، وسما المشتاقة لها ولجدّها، “حين تُسأل عن عمتو بشرى وسيدو بتطلّع على الصورة”.
تناولنا إصدارات الأسرى الأخيرة، تهميشها من المؤسّسة، وأهميّة أنسنة قضيّة أسرانا.
أخبرتها عن المؤتمر السابع للتحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين، وطلبت طرح أمور تخصّ الأسيرات وهي بصدد تحضير مشاركة لها لقراءتها في المؤتمر.
طلبت إيصال سلامات وشكر على المتابعة لمحمد عتيق وشذى حنايشة وجميع الزملاء والزميلات.
لكن عزيزاتي أماني ومنى وبشرى كلّ التحيات، والحريّة القريبة لكن ولجميع أسرى الحريّة.
حيفا أيار 2022