ما بعد زيارة بايدن: تنفيذ القرارات أم تجديد الرهانات؟
بقلم: هاني المصري
تاريخ النشر: 19/07/22 | 11:37هل نجح الرئيس الأميركي جو بايدن في تحقيق أهدافه من زيارة الشرق الأوسط؟ الأمر الأساسي الذي سيحسم الإجابة عن هذا السؤال هو: هل سينخفض سعر غالون البترول أم لا؟
إن الهدف الرئيسي للزيارة إعلان التمسك بالوجود الأميركي في المنطقة بعد تراجعه، ويضاف إلى هذا الهدف تعويض النقص في إمدادات الطاقة بعد حرب أوكرانيا ومقاطعة روسيا، من خلال زيادة إنتاج البترول من السعودية والدول المشاركة في “قمة جدّة”، أو من مصادر أخرى مثل إيران وحقل كاريش إذا تم التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، غير أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أشار إلى عدم قدرة السعودية على رفع الطاقة الإنتاجية من البترول، لكونها وصلت إلى الحد الأقصى، موضحًا أن المملكة متمسكة بإستراتيجيتها بضرورة العمل في إطار تحالف أوبك بلس الذي يضم روسيا، وعدم التصرف من جانب واحد.
كان بادين يرغب في إصابة عددًا من العصافير بحجر واحد، فمن جهة إذا انخفض سعر البترول سيوقف تدهور شعبية بايدن؛ الأمر الذي سينعكس في صناديق الاقتراع في الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، التي ستجري بعد أقل من أربعة أشهر؛ حيث تشير الاستطلاعات إلى أن الحزب الديمقراطي سيخسر الأغلبية، وهذا سيجعل الرئيس فيما تبقى له في البيت الأبيض مثل البطة العرجاء، فضلًا عن أن فرصه في التمديد لولاية ثانية شبه معدومة.
ومن جهة أخرى، إذا حقق هدفه الرئيسي سيشدد عزلة روسيا وحصارها، ويحافظ على تماسك حلف الناتو. ومن جهة ثالثة يعزز دور الولايات المتحدة في المنطقة، ويحول دون استفادة روسيا والصين من الفراغ الناجم عن تراجع الدور الأميركي.
نجاحٌ باهتٌ دون الطموحات
أما عن أهداف زيارة بايدن الأخرى، فبعضها نجح، خصوصًا تعميق العلاقة الأميركية الإسرائيلية كما بدا واضحًا في كل تفاصيل الزيارة، لا سيما فيما سمي “إعلان القدس”، الذي نافس فيه بايدن سلفه ترامب في حب إسرائيل؛ حيث أعطاها تقريبًا كل ما تريد، وما اختلف معها حوله كان إما شكليًا أو هناك تفاهم حوله، مثل الخلاف على الاتفاق النووي مع إيران، وذلك بعد تشدد الموقف الأميركي عبر التمسك ببقاء الحرس الثوري ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وفي ظل أن الكثير من القادة العسكريين والأمنيين الإسرائيليين يختلفون مع رأي حكومتهم، ويرون أن اتفاقًا سيئًا مع إيران أفضل من عدم الاتفاق واستمرار الوضع الحالي، أما الخلاف الأميركي الإسرائيلي حول تمسك بايدن بحل الدولتين فهو مثير للضحك، فهو ليس أكثر من ترضية كلامية للفلسطينيين لا يترتب عليها أي شيء.
اللافت للنظر أن أهداف بايدن بدمج إسرائيل في المنطقة، والمضي في التطبيع، وضم دول عربية أخرى، وتشكيل حلف عسكري وأمني ضد إيران، لم تتحقق إلا جزئيًا، كما يظهر في الخطوات حول التعاون الأمني والعسكري، خصوصًا في مجال بلورة منظومة دفاع جوي، وفي الاتفاق حول جزيرتي تيران وصنافير مقابل القرار السعودي بفتح المجال الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية، فقد تمسكت السعودية بمبادرة السلام العربية، وأبدى المجتمعون العرب تمسكهم بالقضية الفلسطينية، ورفضهم الانجرار في وضع يقودهم للاشتراك في العقوبات ضد روسيا أو لحرب ضد إيران.
حتى نفسر ما حدث، بكون النتائج من الزيارة أقل من الطموحات الأمر الذي عرّض بايدن للسخرية في الصحافة الأميركية، يجب أن نفهم أن العالم القديم ينهار منذ سنوات، وهناك عالم جديد يتقدم وإن ليس بالسرعة المرغوبة ولا يسير الأمر دائمًا في خط واحد، وسيؤثر في سير الأمور في هذا الاتجاه أو لا نتيجة الحرب في أوكرانيا، وهل ستنتصر روسيا أم ستهزم أم ما بين بين، وبالتالي لم تعد الولايات المتحدة الدولة المهيمنة على النظام الدولي.
كما أن لا أحد، في المنطقة خصوصًا السعودية، يريد أن يراهن على الولايات المتحدة بعد أن قلّصت تواجدها في المنطقة؛ ما فتح لعلاقات متنوعة لدول المنطقة مع روسيا والصين، ولا أحد كذلك يريد أن يضع بيضه كله في سلة رئيس أميركي ضعيف، لدرجة وجود احتمال ولو قليل بألا يكمل ولايته الرئاسية، وفرص حزبه في الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة قليلة، في ضوء أن علاقات العرب المجتمعين في جدة، وخصوصًا السعودية ومصر، بالحزب الجمهوري، وبترامب العائد هو أو زعيم آخر من حزبه إلى البيت الأبيض جيدة، وأفضل من علاقاتها ببايدن وحزبه، لذا يجب عدم الإفراط بالتفاؤل، وتذكر المدى الذي ذهب إليه عرب الاعتدال في فترة ترامب.
تهديداتٌ بلا تنفيذ
انتقل الآن إلى موضوع المقال الرئيسي، وهو هل سينفذ الرئيس محمود عباس بعد لقائه مع بايدن، تهديداته بتنفيذ قرارات المجلس المركزي بخصوص العلاقة مع دولة الاحتلال، لا سيما أن المهلة التي أعطاها للعالم في أيلول الماضي تشارف على الانتهاء؟
بعض التصريحات الصادرة عن قيادات في حركة فتح والسلطة غداة قمة بيت لحم توحي بأن بايدن لم يُعْطِنا أي شيء سوى المساعدات، وهي جزء من حقوقنا المسلوبة بدعم أميركي لإسرائيل، وأن المطلوب الآن تنفيذ القرارات التي صدرت عن المجلس المركزي وطال انتظار تطبيقها، فهي صدرت للمرة الأولى في آذار 2015، وتكررت مرات يصعب عدها، إلا أن تصريح نبيل أبو ردينة الذي “لا ينطق عن الهوى” أعاد الأمور إلى “نصابها” بقوله إن زيارة بايدن حققت خطوة كبيرة إلى الأمام ويجب البناء عليها، ولاحظنا بعد ذلك حملة سياسية إعلامية تصور أن مجرد قدوم بايدن ولقائه بالرئيس في أول زيارة له إلى بلد عربي مهمة بحد ذاتها، وتم تضخيمها والمبالغة فيها بوضعها بمنزلة اعتراف أو شبه اعتراف بالدولة الفلسطينية؛ لذلك تم تضخيم كل قول أو ممارسة إيجابية مثل زيارته إلى مستشفى المطلع من دون مرافقة إسرائيلية (لم يلاحظ السحيجة عدم وجود مرافقة فلسطينية، فلا أحد مثّل السلطة حتى وزارة الصحة)، وتشبيهه لما يجري في فلسطين بما جرى في إيرلندا، وتحيته للعلم الفلسطيني.
لم يلاحظ المروجون للإنجازات أن أسلاف بايدن على الرغم من دعمهم وانحيازهم لإسرائيل (بيل كلينتون، وجورج بوش الابن، وباراك أوباما، ودونالد ترامب) طرحوا مبادرات سياسية، ودعم بوش خارطة الطريق التي تضمنت دولة فلسطينية، ولو انتقالية، مقابل إضعاف ياسر عرفات وإيجاد قيادة فلسطينية جديدة تحارب الإرهاب، ودعم كل من أوباما وكلينتون عملية سياسية، وانتقدوا الاستيطان، لدرجة أن إدارة أوباما توترت علاقتها بحكومة نتنياهو وامتنعت عن التصويت في مجلس الأمن ضد قرار يدين الاستعمار الاستيطاني، وزاروا فلسطين؛ حيث التقى كلينتون الرئيس المغتال ياسر عرفات في غزة مستخدمًا المطار الفلسطيني وهذا له دلالة، بينما التقى الرئيس عباس كلًا من بوش وأوباما في رام الله وبيت لحم، فيما التقى بترامب وبايدن في بيت لحم فقط. والسؤال: لماذا بيت لحم وليس رام الله، وهي المقر المؤقت للرئيس الفلسطيني؟
العودةُ إلى سياسة ما قبل ترامب هدفٌ صعبٌ، ولكن ممكن
عودة السياسة الأميركية إلى ما كانت عليه قبل ترامب هدفٌ صعبٌ، لكنه قابل للتحقيق إذا تم الإصرار الفلسطيني عليه، وربطه بالعلاقات بين الجانبين عبر تفعيل العامل الفلسطيني؛ أي كان يمكن أن تضع القيادة الفلسطينية هدفًا رئيسيًا واقعيًا للزيارة، تعمل من أجله منذ إقرارها، وهو إقناع بايدن والضغط عليه بالعودة إلى الأسس التي حكمت الإدارات الأميركية ما قبل عهد ترامب لا أكثر ولا أقل، وهذا يمكن أن يتحقق بتأكيده على أن أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة، أرضٌ محتلةٌ تنطبق عليها اتفاقيات جنيف، خصوصًا الاتفاقية الرابعة، وأن السياسة الإسرائيلية المستمرة والمسكوت عنها أميركيًا بتغيير الحقائق على الأرض، وخصوصًا عبر الاستيطان الزاحف والضم الفعلي المتدرج، يجب أن تتوقف، وهي تطبق الكثير مما جاء في صفقة ترامب، فبايدن يقف في المسافة ما بين أوباما وترامب، وهو أقرب بشدة إلى الأخير على الرغم من أنه كان نائب أوباما أثناء رئاسته.
في هذا السياق، كان (وهي بكل أسف فعلٌ ماضٍ ناقص) يمكن المطالبة بإلغاء القرارات الأميركية السابقة بالإعلان عن عدم اعتبار الاستعمار الاستيطاني منافيًا للقانون الدولي، وبوسم صادرات المستوطنات إلى الولايات المتحدة بوصفها منتجات إسرائيلية المنشأ، وكما يمكن تشديد المطالبة بفتح القنصلية الأميركية في القدس، وفتح مكتب المنظمة في واشنطن، والسعي الجاد لتغيير القوانين التي تعدّ منظمة التحرير منظمةً إرهابيةً، أو ترهن تقديم المساعدات لها بعدم صرف رواتب عائلات الشهداء والأسرى وتغيير المناهج الفلسطينية ووقف التحريض في الإعلام الفلسطيني، والتشديد على تحقيق العدالة لشيرين أبو عاقلة، ووقف مخطط التقسيم الزماني والمكاني في الأقصى، وعدم الاكتفاء بالحديث عن التمسك بالأمر الواقع الذي لم يعد قائمًا منذ سنوات، فالاعتداءات الإسرائيلية والصلوات اليهودية في الأقصى يومية.
كما كان يمكن طرح إطلاق سراح الأسرى، خصوصًا الدفعة الرابعة من أسرى أوسلو، والمطالبة بإدانة أميركية لعمليات القتل الإسرائيلية التي تضاعفت منذ بداية هذا العام، وكذلك عمليات المصادرة والتطهير العرقي وهدم المنازل والاعتقالات، وخصوصًا الإدارية، وكذلك يمكن المطالبة برفع الحصار عن قطاع غزة، والفيتو عن الوحدة الوطنية، وعن إجراء الانتخابات؛ حيث منحت إدارة بايدن وغطت “القرار الفلسطيني” بإلغاء الانتخابات حتى إشعار آخر.
إدارة بايدن واستمرار الفيتو على الوحدة والانتخابات
بمقدور إدارة بايدن، إذا كانت معنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان كما تدعي، الضغط على الحكومة الإسرائيلية، كما فعلت إدارتي بوش وكلينتون، للسماح بإجراء الانتخابات في القدس، وتزيل بذلك الذريعة التي تستخدمها القيادة الفلسطينية. فمن المثير للسخرية مطالبة بايدن للسلطة بالمساءلة ومكافحة الفساد، وعدم الإشارة إلى الانتخابات، وكأنّ المساءلة والحكم الرشيد ومكافحة الفساد ممكن من دون وجود سلطات تشريعية وقضائية مستقلة تراقب وتساءل السلطة التنفيذية، التي صادرت كل السلطات، وفرّغت مؤسسات المنظمة والسلطة من أدوارها.
قد يقول قائل إن طرح هذه المطالب والتمسك بها غير واقعي، ولا ينتمي إلى السياسة الواقعية التي تقوم على أخذ ما يمكن أخذه. وردًا على هذا القول الذي يعني عمليًا التكيف (أو بالأحرى الاستسلام) مع ما يخلقه الاحتلال والولايات المتحدة من واقع على أساس ليس بالإمكان أبدع مما كان، فهل الهدف الفلسطيني تأبيد الاحتلال وتخفيف شروطه، أم إنهاؤه؟ ولماذا توجد حركة وطنية ومنظمة تحرير وسلطة؟
إنّ التعايش مع الاحتلال والتعامل مع مخططاته بحجة أنها اللعبة الوحيدة بالمدينة لا ينسجم معه لا منظمة تحرير ولا دولة ولا مقاومة، فهذا بحاجة إلى سلطة حكم ذاتي محدود تؤبد الوضع الحالي إلى حين إنضاج شروط تسمح بطرد وتهجير الفلسطينيين؛ لضمان بقاء إسرائيل دولة يهودية نقية، أو أن يكون اليهود فيها أغلبية كبيرة غير معرضة لتغيير طابعها.
سياسة واقعية وثورية بدلًا من السياستين الواقعية والمغامرة
في الحقيقة، على الفلسطينيين أن يختاروا ما بين الاستمرار في السياسة الواقعية التي اعتمدت منذ اتفاق أوسلو من قبل فريق، واعتماد السياسة المغامرة التي تراهن على البرامج الأحادية والمطلقة والمحاور والمتغيرات، من قبل فريق آخر، ولا تؤمن بالدور الخاص الحاسم للشعب الفلسطيني وموقعه في الصراع، وأدت بهم إلى الوضع الكارثي الذي هم فيه، أو تبني سياسة واقعية وثورية تدرك في الوقت نفسه ثقل الواقع، وعدم القدرة على تغييره بسرعة ومرة واحدة، وتعمل في الوقت نفسه على إحداث أقصى تغيير ممكن في هذه المرحلة، وهذا بحاجة إلى رؤية شاملة جديدة وإستراتيجيات وأدوات جديدة وقيادة واحدة وإرادة، والتقدم على طريق إنجاز الأهداف والحقوق الفلسطينية، فما جرى ما قبل زيارة بايدن وبعدها، وما يجري في الإقليم والعالم أثبت أن القضية الفلسطينية حية، وليس من السهل تجاوزها، وهذا ما يجب البناء عليه.
قضيةٌ إنسانيةٌ بسقف اقتصادي أمني
أخطر ما أدت إليه زيارة بايدن أنها كرّست التعامل مع القضية الفلسطينية بغطاء فلسطيني، باعتبارها قضيةً إنسانيةً بسقف اقتصادي أمني، وهذا يكرس القضاء على أي أمل بتحقيق ما يسمى “حل الدولتين”. ولا يلغي أو يقلل كثيرا من خطورة ذلك أن الرئيس عباس ألقى بالمجمل خطابًا جيدًا في بيت لحم، ورَفَضَ صدور بيان مشترك يؤيد فيه التطبيع العربي مع إسرائيل، والموافقة على صياغة باهتة حول القدس لا تدين بوضوح الإجراءات الإسرائيلية، فليس الأمر الحاسم ما يقال، وإنما ما يجري على الأرض، فهناك رفض لفظي له وتعامل عملي معه.
لست من الداعين إلى مقاطعة الولايات المتحدة، ولكن يجب التمسك بأسس لتحكم هذه العلاقة، وهذا يقتضي تغيير السياسة الفلسطينية المعتمدة في التعامل معها، واعتماد سياسة فاعلة تحقق أقصى ما يمكن من دون التخلي أو المساس بالحقوق والمصالح الأساسية، فمن الخطورة بمكان استمرار السياسة التي تعيد إنتاج الرهان الخاسر على الإدارة الأميركية والتغييرات فيها وفي إسرائيل، والتي تتجنب خوض المعارك السياسية والديبلوماسية الجادة معها ومع الاحتلال، والاكتفاء بمعارك محدودة أو شكلية، مثل استخدام التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية، والمقاومة الشعبية، وتنفيذ قرارات الإجماع الوطني، أو التهديد بحل السلطة، أو بالدولة الواحدة؛ بوصفه تكتيكًا لتحسين شروط التفاوض مع الأميركيين ولاستئناف التفاوض مع الإسرائيليين، وليس إستراتيجية طويلة الأمد تسعى لتغيير الحقائق على الأرض، وهذا أدى إلى الاستهتار بنا، وعدم التعامل معنا بجدية، فأصبح المطلوب مجرد بقاء السلطة وقيامها بدورها الوظيفي لا أكثر ولا أقل.
كفى لمد اليد الفلسطينية للسلام في غياب عناصر القوة والشريك الإسرائيلي
كفى لسياسة مد اليد الفلسطينية للسلام في ظل عدم وجود عناصر القوة، وعلى رأسها المقاومة في اليد الأخرى، ومع عدم وجود شريك إسرائيلي. وكفى لترديد المطالبات للإدارة الأميركية باستئناف المفاوضات وإحياء عملية السلام التي ماتت منذ زمن بعيد، وهي تدعم الحل الإسرائيلي بشكل واضح وضوح الشمس، بل المطلوب اعتماد مقاربة أخرى مختلفة جوهريًا، تستطيع تغيير قواعد اللعبة بشكل جوهري خطوة خطوة وبثبات. السؤال مِن مَن؟ والجواب: من أصحاب المصلحة بالتغيير، وهم الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني.
لو كانت الوحدة الوطنية متحققة، أو على الأقل هناك محاولات جادة لتحقيقها، ولو كانت هناك مقاومة شعبية فعّالة قائمة، وتبنٍ لحملة المقاطعة من القيادة الرسمية، ولو وضعت خطة عملية لتطبيق قرارات المجلس المركزي، ولو بالتدريج، ولو تم الرهان على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والأصدقاء في العالم وهو يتكاثرون باستمرار، وتم جمع أوراق القوة والضغط الفلسطينية والعربية والدولية وتوظيفها في الصراع بدلًا من الشعور بالعجز وفقدان البدائل؛ لتعامل معنا بايدن ودولة الاحتلال بشكل مختلف، ولكانت نتائج زيارته مختلفة جدًا.
من دون وحدة القوى والشعب وإنهاء وجود سلطتين، لا يمكن أن تجدي المقاومة ولا المفاوضات، بل يسير الوضع الفلسطيني من السيئ إلى الأسوأ، ومن الانقسام إلى المزيد من الانقسام والشرذمة، والانشغال بالمصالح الفردية والفئوية والفصائلية، والصراع والتنافس على الخلافة من مراكز القوى وبين سلطتين متنازعتين تحت الاحتلال.