روسيا تنتقم من إسرائيل

بقلم: أحمد حازم

تاريخ النشر: 29/07/22 | 16:42

وأخيراً اكتشفت روسيا أن الوكالة اليهودية (سخنوت) تشكل خطرًا أمنيًا على الأمن القومي الروسي، وأصدرت السلطات المختصة قراراً بحلها، الأمر الذي أزعج إسرائيل وترك حالة من الإرتباك لدى حكومة لابيد، التي تعرف كما يعرف قادة إسرائيل خطورة هذا القرار مستقبلاً وأبعاده على الدولة العبرية وعلى اليهود في روسيا.
ولكن ما حكاية هذا القرار الروسي وخلفياته على الأقل المعلنة؟ تقول السلطات الروسية، إن الوكالة اليهودية المذكورة انتهكت القوانين الروسية، كما ورد على لسان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، لذلك طلب المسؤولون في القضاء الروسي إغلاق مكاتب الوكلة في روسيا نهائياً.
ولكن ما هي التهم الموجهة للوكالة اليهودية(سخنوت) ؟ على ذمة المعلومات الروسية فإن سخنوت تمكنت من سرقة العقول وأصحاب رؤوس الأموال بالإضافة إلى تزوير أوراق مواطنين من أصول روسية ومنحهم الجنسية الإسرائيلية في تسهيل هجرتهم، وشبهات بانتهاك الوكالة للقوانين الروسية في تهجير اليهود الروس إلى إسرائيل، وبتخزين معلومات عن اليهود الروس والمواطنين الأصليين ونقلها خارج أراضي روسيا مما يشكل خطرا على الأمن القومي الروسي، وهذا الأمر يستدعي تدقيقاً في الحسابات المتعلقة بالمعلومات المخزنة.
قد يكون هذا الأمر صحيحاً. ولكن كيف يمكن لجهاز استخبارات في منتهى القوة مثل الجهاز الروسي (كي جي بي) أن يحتاج إلى أكثر من عقدين من الزمن ليعرف حقيقة نشاطات هذه الوكالة اليهودية التي تأسست في روسيا عام 1989؟
والسؤال المطروح لماذا اتخذت روسيا قرار إغلاق الوكالة اليهودية في هذا الوقت بالذات؟ السلطات الروسية تبسط الأمر وتقول انه إجراء قانوني ومن حقها اتخاذ القرارات بحق الشركات والجمعيات والمنظمات غير الربحية التي تتخذ من روسيا الاتحادية مركزًا لنشاطاتها، وتخالف القانون الروسي.
الأسباب الظاهرة لقرار روسيا إغلاق الوكالة اليهودية، لم تكن في حقيقة الأمر مقنعة، وبالأحرى تم اتخاذها للتغطية على الأسباب الخفية، منها، موقف إسرائيل من الحرب الدائرة في أوكرانيا، وعرقلة تقدم الاتفاق النووي الإيراني وهو ما أغضب روسيا كثيرًا.
قناة كان العبرية، ذكرت صباح الأربعاء الماضي بصراحة، إن موسكو غاضبة من مشاركة اشخاص يحملون الجنسية الاسرائيلية في الحرب إلى جانب القوات الأوكرانية بعد أن كشفت بيانات الجيش الروسي، أن 35 إسرائيليا قاتلوا مع الجيش الاوكراني قضى عشرة منهم وغادر 11 آخرون الجبهة، فيما لا يزال 14 يحملون السلاح. وفق القناة العبرية.
لكن في ظل هذا التوتر الحاصل بين روسيا وإسرائيل، فهل هناك ردود فعل إسرائيلية؟ الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ، وحسب القناة العبرية، سارع إلى اجراء الاتصالات مع موسكو، وطالب الساسة الإسرائيليين بإغلاق أفواههم والتزام الصمت حول هذا الموضوع. لكن الاعلام العبري يقول إن إسرائيل تدرس اتخاذ خطوات شديدة وصارمة إزاء موسكو إذا أقرت نهائياً إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية، كما أن رئيس وزراء إسرائيل يائير لابيد، حذر من أن حظر الوكالة اليهودية في روسيا، سيمثل حدثا خطيرا من شأنه التأثير على العلاقات بين البلدين، إذ تضمّ إسرائيل أكثر من مليون شخص أصولهم من الاتحاد السوفياتي السابق، وفي نفس الوقت أعطى توجيهات لإعداد فريق قانوني ليكون مستعدا للسفر إلى موسكو فور موافقة روسيا على إجراء محادثات بهذا الشأن.
إذاً، بوتين قرر هذه المرة بجدية تلقين إسرائيل درساً قاسيا، لإفهامها أن الأمور لا تسير حسب المزاج الإسرائيلي، وأن لكل تصرف يضر بالمصلحة الروسية يجب أن يكون له ثمناً. والأهم من ذلك فإن إغلاق الوكالة اليهودية رسالة روسية انتقامية مفادها أن الدب الروسي جاهز للإنقضاض والانتقام في كل لحظة ورد الصاع صاعين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة