بحجة “العودة”.. الفلسطيني محروم من حياة كريمة في لبنان
كتب: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 08/08/22 | 12:58قوانين ومواثيق الأمم المتحدة تنص على توفير حياة كريمة للإنسان وعدم تعرضه للعنصرية والتمييز. لكن ما يعيشه الفلسطيني في لبنان هو عكس ذلك تماما. حتى في موضوع توفير الجنسية يوجد تمييز إزاء الفلسطيني. الأسطوانة التي نسمعها دائما من الساسة اللبنانيين، أن عدم تجنيس الفلسطينيين (أو على الأقل توفير الجنسية لمن يريد)، يعود لسبب سياسي وهو أن الفلسطيني له وطن والعودة إليه حق مشروع للفلسطيني عندما تسمح الظروف، ولا يجوز بذلك تجنيس الفلسطيني لأنه يعتبر ضيفا على لبنان وإقامته مؤقتة. هكذا يدعي ساسة لبنان. لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماما، لأن قضية التجنيس هي قضية طائفية ليس أكثر، وأن “حق العودة” هو مجرد ستار كاذب يختبيء وراءه ساسة لبنان وخصوصا الطبقة الحاكمة.
فإذا كان الفلسطيني يعتبر “ضيفا” فإن أصول الضيافة تتطلب من المضيف تكريم الضيف واحترامه وتقديم وسائل الرعاية والحماية له، وليس تمييزه بقوانين عنصرية ولا سيما فيما يتعلق بعمل “الضيف” في لبنان الذي حرمت قوانينه “ضيفه” الفلسطيني حتى من العمل بالمهن التي يعمل بها اللبناني. فهل هذه أصول استقبال الضيف والضيافة؟
ان حقيقة عدم التجنيس تكمن في مكان آخر وليس حجة العودة. عندما يتسنى للفلسطيني الحصول على الجنسية اللبنانية فلا يعني هذا انه لا يريد العودة للوطن الأم، بل الهدف من الحصول على الجنسية هو المساواة في التعامل والتعايش. والفلسطيني في الأردن يمتلك الجنسية الأردنية لكنه لم ينس وطنه، والفلسطيني في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية يمتلك جنسية الدولة التي يقيم فيها، ولم يهمل بلده الأصلي، وبالعكس من ذلك، فالفلسطينيون الذي يحملون جنسيات أخرى هم من أوائل الناس الذين عملوا بصدق وإخلاص للقضية الفلسطينية، وتوجد مئات الأمثلة على ذلك.
كلهم كذابون في لبنان حكومة ودولة وساسة. عدم التجنيس هو قرار طائفي بامتياز ضد الفلسطينيين المسلمين (السنة) بشكل خاص. لنفترض أن تبرير السلطات اللبنانية بعدم تجنيس الفلسطيني هو وجود وطن لهم وهم بانتظار العودة. فلماذا تم تجنيس المسيحيين الفلسطينيين؟ أو أن حق العودة لا ينطبق عليهم؟
القضية ليست في حق العودة بتاتاً إنما هي قضية مذهبية بامتياز. والحكاية وما فيها أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لا يوجد بينهم شيعة أو دروز كي تهتم بهم القيادات الشيعية والدرزية، فالمسيحيون الفلسطينيون تجنسوا، (أو غالبيتهم العظمى) بفضل دعم من الساسة المسيحيين في لبنان، ولم يبق سوى المسلمين، وإذا تم تجنيس هؤلاء فإنهم سيغيرون بشكل كبير التركيبة الديمغرافية انتخابياً، وبهذا يفضل الساسة عدم الاقتراب من هذا الموضوع الحساس. ولذلك نرى أن الساسة يتخذون من “حق العودة” ستاراً بعدم تجنيس المسلمين الفلسطينيين.
إذا كانت حجة النظام اللبناني بعدم تجنيس الفلسطيني هو وجود وطن لهم، فالمفترض أن يطبق هذا القانون على كل عربي مقيم في لبنان؟ تعالوا نسأل السلطات اللبنانية: ألا يوجد وطن للعلويين السوريين. ألا يوجد وطن للعراقيين (المسيحيين والشيعة) الموجودين على أرض لبنان؟ لماذا تسمح السلطات اللبنانية بتجنيس هؤلاء ولا يقال أن لهم وطناً يجب عليهم العودة إليه. الفلسطيني وطنه محتل وله ظرف خاص، ولكن ماذا عن العلويين وعن العراقيين؟
إذاً، التجنيس في لبنان يتم بناءً على المصالح السياسية وليس استناداً للقوانين. فإذا كانت هناك مصالح للطبقة الحاكمة فتكون عملية التجنيس سهلة، وبما أن المافيا الحاكمة في لبنان لا يهمها الفلسطيني، فالطريقة الوحيدة لتبرير عدم التجنيس هو حق العودة، علماً بأن كل الساسة في لبنان وكما يقولون باللهجة اللبنانية “كٍلّن يعني كٍلّن” لا يهمهم حق العودة ولا تهمهم فلسطين.