لا تحبطي طفلك لسعةِ خيالِه.. فقد يصبح مُبدعاً
تاريخ النشر: 02/11/11 | 3:04حدث في إحدى المرات، منذ حوالي خمسين عاماً، أن كبيراً كان يقرأ على “لمبة كاز”، لأن الكهرباء لم تكن قد وصلت إلى ذلك البيت بعد. وكان إلى جواره طفل يلعب ويحدث ضوضاء، ومن ثم كان يعطل عليه القراءة. فقال للطفل منذراً مداعباً :”ماذا تفعل لو أنى وضعتك داخل زجاجة اللمبة هذه؟! فابتسم الطفل أيضاً وقال مداعباً: أطلع “اتشعبط” على “فتلة” اللمبة!!.
“سنديلا”..”جدتي”
الطفل له خيال واسع، يدفعه إلى أن يؤلف قصصاً ويتصور أحداثها ويرويها كأنها حقيقة، فسعة الأفق لديه في أن يحيك قصصا حدثت على أرض الواقع تنم عن ذكاء الطفل، فيجعله مميزا عن باقي أقرانه.
ولكن بعض الأطفال الذين يتمتعون بسعة الأفق والتخيل، يضطرون إلى اختلاق قصص تكون محض كذب وليست خيال، فكيف يمكن أن نفرق بين كذب الطفل وخياله؟
الطفل “محمد” ابن السادسة، متفوق جدا في دراسته، من إحدى نوادره الخيالية التي اكتشفتها أمه بالصدفة من خلال السؤال عنه لدى معلمته أن لها “ضرة” وهي لا تعلم، فكيف ذلك من خيال طفله وتقمصه دور قصة “سندريلا” الخيالية؟!
أوهم “محمد” معلمته بأن له زوجة أب تزورهم دائما في البيت ويحبها كثيرا، فهي دائما تأتي إلى البيت لتجلب له الحلوى، وحبك كامل خيوط قصته التي جعلت معلمته مذهولة عندما عرفت من والدته أن “زوجة أبيه” مجرد قصة خيالة ليس لها علاقة بالواقع!
أما “سلوى” ذات الأربع سنوات، سردت على مسامع أختها الكبيرة قصة من بطولتها مع جدتها على شاطئ البحر، حينما كانت جدتها صغيرة في السن!
تروي والدتها تفاصيل رواية “سلوى” الخيالية:”في يوم كنت أجهز نفسي والأولاد لنذهب رحلة مع أهلي إلى شاطئ البحر، سمعتها بالصدفة تتحدث مع أختها كيف أنها “زمان” لعبت مع “ستها” التي كانت ترتدي جلابية حمراء حينما كانوا صغيرتين في العمر”.
شجعيه على خياله
فالأم في أحيان كثيرة تقع حائرة لا تفرق بين خيال طفلها وكذبه، ولا تعرف كيف تكتشف كذبه من خلال حديثه معها، وقد يستخدم الطفل خياله في الكذب لينجي نفسه من العقاب في بعض الأحيان، فهذه الأسئلة وغيرها تجيب عنها الاختصاصية النفسية والإكلينيكية ببرنامج غزة للصحة النفسية عايدة كسّاب:
أوضحت أن الخيال علامة طبيعة لنمو الطفل، ويدل أيضا على ذكاء كبير يميز الطفل عن أقرانه وسعة قدراته ومداركه.
وعن اضطرار الطفل إلى تأليف قصص من وحي خياله، بينت أن الأفق الواسع لدى الطفل ونمو ذكائه الكبير يدفعانه إلى تخيل أشياء يتمنى أن يحققها، كأن يتخيل نفسه “سوبر مان” ويفعل أشياء خارقة للعادة ويرويها كأنها حقيقة.
وعن الفرق بين الخيال والكذب، أشارت إلى أن الكذب هو مرض نفسي ويختلف عن الخيال فإذا تكرر حدوثه من قبل الطفل وعمره العقلي تجاوز سن الست سنوات، حينها لابد للأم أن تقلق من كذب طفلها وترشده وتصحح له وتعاقبه على كذبه.
وتتابع:”الكذب له أسباب عدة منها الحرمان والإهمال من قبل الوالدين، والتمييز في المعاملة، وحينها يصبح الخيال لديه مرض لابد من علاجه”.
وأكدت على ضرورة تشجيع الأم لخيال ابنها ومشاركته في خياله أيضا، بألا تحاول إحباطه أو تكذيبه أو تعنيفه على خياله، فهي بذلك تحد من قدراته العقلية وإبداعاته، وتزعزع ثقته بنفسه، وهي لا تعلم أنه قد يصبح من المبدعين والقادة في المستقبل إذا نمت هذا الخيال.