يكذبون كلما تحركت شفاههم
بقلم: احمد حازم
تاريخ النشر: 16/08/22 | 11:07في الخامس عشر من هذا الشهر نشرت صحيفة ” معاريف” مقالاً للكاتب اسحق لفانون بعنوان “إسرائيل بحاجة إلى تلفاز بالعربية موجه للناطقين باللغة العربية” والهدف منه التأثير على الرأي العام في العالم العربي من خلال ما أسماه “تبيان الحقائق”. طبعاً الحقائق كما يراها هو ودولته وليس كما يراها العالم.
ويبدو ان مفهوم لفانون لما يسميه حقائق يختلف كليا عن المفهوم البشري لهذه الكلمة. والواضح النه يقصد “تبيان الأكاذيب” وتعميمها على العالم العربي. وعلى لفانون ان يفهم أن الشعب العربي في كل مكان من المحيط للخليج يختلف كلياً عن أنظمته، التي يحلو لإسرائيل أو بالأحرى تمني النفس أن تقيم معها جميعاً اتفاقات تطبيع على غرار “اتفاق أبراهام”.
يقول لفانون في مقاله:” أبدأ بقصة حقيقية وقعت قبل 15 سنة. في حينه جرى نقاش في مجلس حقوق الإنسان في جنيف حول إسرائيل، تعرضنا خلاله لتشهيرات من كل حدب وصوب. سفير سوريا في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، الذي يشغل، اليوم منصب نائب وزير الخارجية السوري، هاجمنا وادعى بأن إسرائيل تمس بحقوق الإنسان السوري؛ لأنها تمنع نقل التفاح الذي ينتج في هضبة الجولان إلى داخل سوريا. ”
لفانون طرح فقط موضوع التفاح وكأن هذا الموضوع هو الأساس ونسي أعمال القصف المتكرر التي تقوم بها طائرات الجيش الإسرائيلي عل سوريا ونسي القصف الصاروخي المستمر ضد أهداف قي سوريا ونسي قتل جنود ومدنيين سوريين، ولم يجد سوى تفاح الجولان للحديث عنه لإثبات ما يسميه حقائق. وحتى لوكان الجعفري تطرق لهذا الموضوع فبالتأكيد أنه كان واحداً من عدة حقائق أوردها في خطابه.
ثم يقول لفانون في مقاله:”عملية (الفجر الصادق) على غزة أفهمت كل الجهات ذات الصلة أهمية دحض كذية أننا قتلنا أطفالا في جباليا واكثر من ذلك دحض هذا الكذب بسرعة، يعني أن إسرائيل مظلومة “يا حرام” لأنها لم تقتل أطفالاً فلسطينيين في حروبها على غزة بل كانت توزع لهم الهدايا. تصوروا هذه الوقاحة.
نترك الرد على ذلك للبروفيسور يجيل ليفي المحاضر في العلوم السياسية، والباحث المختص في شؤون الجيش، والذي قال في مقال له أمس الإثنين في صحيفة (هآرتس)،والذي جداء فيه: “وفق البيانات الرسمية المعترف بها إسرائيلياً وحسب مركز معلومات المخابرات والإرهاب، والمرتبط بالمؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، فإن الحروب الثلاثة التي قامت بها إسرائيل على غزة 2012/2021 والحرب الأخيرة، فإن نسبة الضحايا المدنيين بلغت 40% من مجموع الضحايا، وأن هناك فجوة بين الخطاب الرسمي لإسرائيل وسلوك الجيش”.
طبعا الضحايا المدنيين بما فيهم الأطفال، مما ينفي بوضوح ما يدعيه لفانون في مقاله بأن قتل الأطفال كذبة، لكن الحقيقة هي أن لفانون هو الكاذب، وأن ما يطالب به هو في حقيقة الأمر إثبات الكذب الإسرائيلي.
واستنادًا لتقرير الصحفية عميرة هاس في هآرتس، الذي أظهر بأن عدد الضحايا المدنيين أكثر مما أعلن “مركز المعلومات الاستخبارية” نستنتج مدى كذب إسرائيل ليس في القضايا السياسية فقط بل في قضايا الحروب التي تشنها على العرب بشكل عام وغزة بشكل خاص.
وأنا أنفق مع الباحث ليفي والصحفية هاس في أن المعلومات حول الضحايا المدنيين غير دقيقة وتقلل تزويرًا من عددهم، وأن الدعاية الإسرائيلية حول عدد الضحايا المدنيين لا تصمد في امتحان الواقع، حسب قول ليفي، وهذا الأمر يؤكد أنهم يكذبون كلما تحركت شفاههم.