غزة التي قهرت شارون ورابين.. لم يتعلم بينيت ولابيد الدرس
بقلم: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 22/08/22 | 14:50رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق اسحق رابين، الذي تم اغتياله على أيدي متطرف يهودي في الرابع من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1995 والذي اعتبره بعض العرب ومنهم السلطة الفلسطينية أنه رجل سلام من الدرجة الأولى، كان أول من أثار فكرة إقامة جدار فاصل مع الفلسطينيين. وقبل فترة من توقيع اتفاقات اوسلو عام 1993، وخلال لقائه مع الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران قال رابين: “ان الكوابيس تطبق عليَّ كل ليلة بسبب غزة” وانه يحلم أحيانا اثناء نومه بأن قطاع غزة قد غرق في البحر بكل ما فيه لكنه يستيقظ من حلمه ليكتشف ان غزة ومن فيها ما زالوا أحياءً.
هذا ما قاله “رجل السلام” الذي اتبع في الإنتفاضة الأولى عندما كان وزيراً للدفاع سياسة “تكسير عظام الفلسطينيين”. حلم رابين لم يتحقق، والذي تحقق هو تورط إسرائيل أكثر فأكثر قي الحروب على غزة، المدينة التي دخلت التاريخ من خلال نضالها ضد الاحتلال.
بعد رابين جاء شارون إلى سدة الحكم حاملاً الرقم 11 في أرقام رؤساء الحكومات الإسرائيلية، حيث اكتشف أن غزة لن تقهر وفضل الانسحاب منها رغم معارضة قادة سياسيين وعسكريين لهذا الانسحاب. حتى أن أحد كبار حاخامات إسرائيل الحاخام موردخاي الياهو وصل به الخيال الى القول ان زلزال تسونامي في المحيط الهندي والذي أدى الى مقتل 283 الف شخص ليس سوى عقاب إلهي للعالم على مساندته لخطة رئيس الوزراء ارييل شارون في الانسحاب من غزة.
أما القس الأميركي بات روبرتسون صاحب التصريحات النارية المثيرة للجدل في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالعرب والمسلمين وخصوصاً النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فقد قال “إن الأزمة الصحية التي تعرض لها شارون هي عقاب إلهي أصابه لأنه فرّط في غزة مقسماً الأرض المقدسة.” حسب ادعائه.
رئيس ديوان شارون في ذلك الوقت، دوف فايسغلاس وأحد مقربيه، هو من نصح شارون بخطة الانسحاب، لأن جميع الإسرائيليين يكرهون غزة، وهذه الخطة كفيلة بإخراجهم من ذلك الوحل، حسب قوله.
المسؤول الاستيطاني الإسرائيلي تسافي هندل الذي كان رئيساً للمجلس الاقليمي للمستوطنات في القطاع، له رأي آخر. وقتها قال هندل وحسب صحيفة (إسرائيل اليوم) ان “خطة الانسحاب من غزة التي شملت تدمير المستوطنات هناك هي أصعب ألف مرة من تدمير الهيكل، وشارون قام بذلك تنفيذا لدوافع نجسة”. وزعم هندل أن “شارون بدأ بالتحضير للإنسحاب نهاية عام 2003، وبادر لتنفيذ خطة فك الارتباط عن قطاع غزة من أجل الهروب من التحقيقات الجنائية والشبهات القانونية ضده”.
لكن ليس من الضرورة تصديق ما قاله المستوطن هندل ، فهذا مجرد رأي تماما مثل رأي فايسغلاس. وإذا أمعنا النظر في التطورات السياسية التي جرت في تلك الفترة على الصعيد الفلسطيني نستنتج أن سبب هروب شارون من غزة يكمن في مكان آخر.
في العام 2003 وبالتحديد في الثاني من شهر يونيو/ حزيران انعقدت قمة أميركية عربية في منتجع شرم الشيخ بحضور الرئيس الأميركي وقتها جورج بوش مع قادة خمس دول عربية لبحث جهود السلام في الشرق الأوسط وسبل تطبيق “خارطة الطريق للسلام” والتي تضمنت تحديد عام 2005 موعدا لإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع، وقد أعلن شارون عن خطة الانسحاب في منتصف شهر اغسطس/ آب عام 2005 في محاولة واضحة للتملص من هذه الخارطة.
صمود غزة أجبر شارون على الانسحاب مهما كانت التبريرات، وحلم رابين لم يتحقق، والقبة الحديدية فشلت، وبالرغم من ذلك لم يستوعب ولم يتعلم بينيت ولابيد وغانتس وشلتهم الدرس أن غزة لا تقهر، بل هم الذين يقهرون.