سئلتُ: ما هي الأشياء التي قدّمتُها لبلدتي ومجتمعي؟ بقلم د. محمود ابو فنه
د. محمود ابو فنه
تاريخ النشر: 24/08/22 | 6:55ماذا أفدتُ بلدتي ومجتمعي؟
سئلتُ: ما هي الأشياء التي قدّمتُها لبلدتي ومجتمعي؟
فكانت إجابتي كالتالي:
الشيء الأوّل: أقول بأنّ كلّ فرد يستطيع أن يقدّمَ شيئًا نافعًا لبلده:
فكلّ أب يتمكّن من تكوين أسرةٍ ناجحة، يمكن الحُكمُ عليه بأنّه قدّم شيئًا نافعًا لبلده ولمجتمعه؛ وأنا أقول بتواضع بانّي وُفِّقتُ في بناء أسرةٍ ناجحة، ولله الحمد، أنهى أبنائي الخمسة دراستهم الجامعيّة، (وتزوّجوا بزوجات طيّبات، وأنجبوا لي 18 حفيدًا وحفيدة رائعين)، ويشغلون مواقع ومناصب تعود بالنفع والخير لهم وللآخرين.
الشيء الثاني: أنا في عملي في التدريس للطلاب في المدارس الثانويّة كنت أقوم بأداء رسالة تنويريّة حضاريّة قيميّة قبل أن أفكّر في تدريس قواعد اللغة العربيّة وآدابها والحصول على راتب!
الشيء الثالث: في عملي في التّدريس في الكليّات وفي التفتيش/التوجيه، حرصتُ على تأهيل معلّمين أكفاء وتوجيههم لتدريس اللغة العربيّة بنجاعة، لتحبيب المتعلّمين بها، ولرفع مكانتها وتحسين التحصيلات بها.
الشيء الرابع: من خلال عملي في مركز المناهج الدراسيّة في وزارة التربية قمتُ – بمساعدة طواقم مهنيّة مُخلصة- بإعداد المناهج والكتب التعليميّة، وقد حرصتُ على اعتماد الأسس التربويّة الحديثة، وعلى تعزيز الهويّة والانتماء…، وبذلك أكون قد أفدت بلدي وأفدت مجتمعي وشعبي!
الشيء الخامس: منذ أربعة عقود ونيّف بدأ اهتمامي بأدب الأطفال، فقمت بدراسة الموضوع في الجامعة، وزادت معرفتي وإلمامي بالموضوع بالقراءة والمطالعة الذاتيّة، فبدأتُ أنشر المقالات والأبحاث حول الموضوع، وشرعتُ بتدريسه في كليّات إعداد المعلّمين، وفي السنوات الخمس الأخيرة أشارك مع الزميل الأستاذ أحمد عازم بتحرير مجلّة “المرايا” حول أدب الأطفال والفتيان، وقد أصدرنا ستّة أعداد والسابع سيصدر قريبًا (برعاية معهد إعداد المعلّمين العرب في بيت بيرل)، وأعتقد أنّ مجلّة “المرايا” تسهم في تعميق الوعي بأدب الأطفال وفي ارتقائه وتجويده، كما تسهم في زيادة الإقبال على تقريبه وتحبيبه من القرّاء الأطفال والفتيان.
الشيء السادس: شاركتُ – ولا زلتُ أشارك – في مبادرات اجتماعيّة وسياسيّة وثقافيّة لنشر الوعي وترسيخ قيم الديموقراطيّة والخير والعدالة والتسامح والعزّة لدى أبنائنا ومواطنينا.
كذلك كنتُ عضوًا ورئيس لجنة في مجمع اللغة العربيّة في الناصرة، أشارك في جلسات المجمع ونشاطاته، كذلك أداوم على القراءة الذاتيّة والكتابة الوظيفيّة والإبداعيّة، وطبعًا أكرّس الكثير من الوقت للأسرة – الأبناء والأحفاد!
وكان هناك سؤال آخر: ما هي الصعوبات التي مررت بها؟
حسب رأيي، جيل اليوم هو جيل محظوظ نسبيًّا؛ فنحن – جيلنا – يمكن القول إنّنا قد بدأنا من الصفر؛ لم نكن نمتلك في بيوتنا مكتبة ولا كتبا، ولم يكن لدينا، في الوسط العربيّ، وعي كافٍ لتشجيع التعليم العالي، ولم نجد دعما قويًّا من الأهل، هذه هي الصعوبة الاساسيّة التي واجهتني. كذلك، الوضع الاقتصاديّ لم يكن مشرقا، فبعد عام 48 صودرت معظم أراضي القرية، ففقد أبي معظم الأراضي التي كان يمتلكها (أكثر من 90 دونمُا)، فاضطرت العائلة كلُّها إلى العمل في الزراعة، وكانت “تضمن” الأراضي في “المراح” – بلدة يهوديّة مجاورة لقريتي – وتزرعها، وكنت أنا، في العطل وأيام الجمعة والسبت، أنخرط في العمل العائليّ بزرع البندورة والخيار ….
نعم، اضطررنا أن نعمل منذ المر حلة الابتدائيّة من أجل مساعدة الاسرة بسبب الأوضاع الاقتصاديّة، وهذه الفترة ما زالت راسخة بذاكرتي!