مستوطن يقتل فلسطيني تتجه نية الاحتلال لتبرئته من هذه التهمة
المحامي علي أبوهلال
تاريخ النشر: 30/08/22 | 10:48يحظى المستوطنون بدعم وحماية حكومة الاحتلال أثناء اعتداءاتهم المتواصلة على الأراضي الفلسطينية وسرقتها والاستيلاء عليها وإقامة المستوطنات عليها، وكذا الأمر عندما أيضا يعتدون على الفلسطينيين ويرتكبون جرائم القتل بحقهم، دون أي اعتبار لحقوق الفلسطينيين في أرضهم وفي حقهم في الحياة.
وفي هذا الإطار فقد أبلغت النيابة العامة الاسرائيلية، منظمة “ييش دين” الإسرائيلية الحقوقية التي توثق جرائم المستوطنين، يوم الجمعة الماضي 26/8/2022، عزمها إغلاق ملف القضية ضد المستوطن الذي قتل المواطن الفلسطيني علي حرب طعنا في كرم الزيتون يعود لمواطنين من محافظة سلفيت، بالقرب من مستوطنة “أريئيل”.
ووقعت هذه الجريمة في حزيران 2022 عندما وصلت مجموعة من المستوطنين إلى كرم للزيتون بالقرب من قرية اسكاكا شرق مدينة سلفيت بالضفة الغربية، لغرض إنشاء بؤرة استيطانية جديدة، حيث اندلعت مواجهة بين المستوطنين والفلسطينيين طعن خلالها أحد المستوطنين المواطن الفلسطيني علي حرب حتى الموت ما أدى إلى استشهاده. وعلى الرغم من حجم الأدلة التي تعزز الشبهة بقتل المستوطن مع سبق الإصرار والترصد، وتتعارض مع ادعائه بأنه تصرف دفاعًا عن النفس، أعلن مكتب مدعي عام الاحتلال أنه من المتوقع إغلاق القضية لعدم كفاية الأدلة بمعنى إغلاقها دون لائحة اتهام.
وكانت الشرطة الإسرائيلية والشاباك قد اعتقلت المستوطن يوم الأربعاء 22/06/2022، مستوطنا بشبهة ضلوعه في طعن الشهيد علي حسن حرب (27 عاما)، أثناء تواجده في أرض بملكية خاصة فلسطينية في قرية اسكاكا شرقي محافظة سلفيت، أمس. وأفادت الإذاعة العامة الإسرائيلية “كان” بأنه تم العثور على السكين التي استخدمها مستوطن في الطعن.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إنه لم يتم اعتقال مشتبهين بتنفيذ الجريمة وزعمت أن هوية منفذها ليست معروفة لها. لكن صحيفة “هآرتس” نقلت عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن “مجموعة فتية إسرائيليين وصلت إلى المكان في إطار جولة تهدف لإقامة بؤرة استيطانية عشوائية بمحاذاة مدخل مستوطنة أريئيل”. وأضافت الشرطة الإسرائيلية أنها تلقت تقريرا حول “مواجهات” في المكان، وأنها فتحت تحقيقا في حول ملابسات الجريمة.
وفي تطور جديد لصالح المستوطن أطلقت محكمة إسرائيلية يوم الثلاثاء 6/7/2022 سراح المستوطن قاتل الشاب الفلسطيني حسين حرب بطعنة مباشرة في القلب. وأفادت هيئة البث الإسرائيلي (كان 11) نقلا عن مصادر مطلعة على التحقيق مع المستوطن في “أريئيل”، أن السلطات لا تعتزم توجيه تهمة القتل ضد المستوطن. ورجحت القناة أن يتم توجيه تهمة الإهمال الذي أدى إلى الموت، للمستوطن القاتل، أو تهمة “إماتة بتهور”، وهي جريمة عقوبتها القصوى السجن لـ 12 سنة، وذلك رغم أن الشهيد حرب قتل بطعنة مباشرة في القلب من قبل هذا المستوطن. وأوضحت أنه تم الإفراج عن المستوطن القاتل بشروط مقيدة تتضمن خضوعه للحبس المنزلي.
وزعمت القناة أن القناعة التي تشكلت لدى محققي “الشاباك” هي أن القتل “لم يكن مقصودا أو على خلفية قومية”، ما دفع النيابة الإسرائيلية إلى طلب الإفراج عنه. وادعى المستوطن أنه “اضطر إلى طعن” علي حرب “للدفاع عن حياته وحياة مستوطنين كانوا برفقته ” في الاعتداء على الأراضي الفلسطينية الخاصة في سلفيت.
ورغم أن الشبهات الرسمية تشير إلى ارتكاب المستوطن القاتل “جريمة قتل في إطار عمل إرهابي”، إلا أن الإفراج عنه يؤكد أن الشرطة الإسرائيلية لا تعتزم توجيه تهمة القتل ضده، وإنما ستكتفي بتوجيه تهم مخففة لا ترقى إلى القتل العمد. ويذكر أن المستوطن طعن علي حسين حرب أثناء تواجده في أرض بملكية خاصة في قرية أسكاكا شرقي محافظة سلفيت، وتنظر الشرطة في مزاعم المستوطن بأن العملية كانت “دفاعا عن النفس”. وبحسب معطيات منظمة “يش دين” الحقوقية الاسرائيلية، فإن 92٪ من ملفات التحقيق التي تم التحقيق فيها بين 2005 و2021 في جرائم على خلفية إرهابية ضد الفلسطينيين أغلقت دون لائحة اتهام.
إن قرار النيابة العامة الأخير بإغلاق ملف قضية المستوطن المتهم بقتل المواطن علي حرب، يؤكد النية لدى كافة المؤسسات الإسرائيلية الأمنية والقضائية لتبرأة المستوطن من تهمة جريمة القتل التي ارتكبها بحق المواطن الفلسطيني علي حرب، وهذه السياسة التي تنتهجها حكومة الاحتلال ليست جديدة، فقد مورست تجاه كل الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال والمستوطنين الارهابين بحق الفلسطينيين، خلال العقود الطويلة الماضية، ويجدر بنا تذكر الحكم الذي صدر بحق الضابط الإسرائيلي يسخار شدمي المسؤول عن قتل 49 شهيدا في مجزرة كفر قاسم، في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1956 والذي تمت تبرأته من مسؤوليته وفرضت عليه غرامة قرش واحد، حتى بات يعرف الحكم باسم “قرش شدمي”.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.