أردوغان لن يتخلى عن فلسطين.. ليس دفاعًا عن تركيا
بقلم: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 30/08/22 | 13:02
تاريخ الدولة النركية يتضمن مواقف مشرفة بشأن فلسطين. فخلال فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني كانت قضية فلسطين بالنسبة له تعتبر من المسائل المهمة التي أبدى فيها السلطان عبد الحميد صلابة حيث رفض عرضاً من الصهيونية بسداد الديون الخارجية، مقابل إقامة دولة لليهود في فلسطين. كما اتخذ السلطان عبد الحميد سلسلة من التدابير للحيلولة دون هجرة اليهود إلى فلسطين من أصقاع العالم، واستيطانهم فيها.
وقد حاولت الصهيونية في تلك الفترة بزعامة تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونبة إغراء السلطان عبد الحميد بالمال، للتنازل عن فلسطين، فرد عليهم السلطان بالقول:”لا أستطيع أنْ أتنازل عن شبر واحد من الأراضي المقدسة، لأنها ليست ملكي، فليحتفظ اليهود بملايينهم”.
ويقول الكاتب محمد حرب في كتابه (السُّلطان عبد الحميد الثَّاني ص 234): بعدها تحرَّكت الصّهيونيَّة العالميَّة، لتدعم أعداء السُّلطان عبد الحميد الثَّاني، وهم المتمرّدون الأرمن والقوميّون في البلقان وحركة حزب الاتحاد والتَّرقي، وللوقوف مع كلّ حركة انفصاليّة عن الدّولة العثمانيَّة. وبما أن التاريخ يعيد نفسه، فهذا بالضبط ما حصل مع الرئيس التركي الذي تعرض في الخامس عشر عام 2016 الى محاولة انقلاب فاشلة بسبب مواقفه.
أردوغان هو ابن الدولة العثمانية التي أبى سلطانها بيع فلسطين. وإذا كانت السياسة والدبلوماسية تتطلبان أحياناً تغييراً في المواقف لمصالح معينة وليس تنازلاً عن مباديْ أساسية فلا يجوز توجيه التهم للرئيس التركي بشكل عشوائي. فكل دولة لها اعتباراتها الخاصة في العلاقات مع دول أخرى، ولا يجوز أبداً التدخل في الشأن الداخلي لتركيا وأقصد في السياسة التركية، فعندهم قادة يعرفون تماماً الجيد والسيء، ويعرفون جيداً وجهتهم السياسية.
في السابع عشر من الشهر الجاري تم الاعلان عن إعادة تطبيع العلاقات بين تركيا وإٍسرائيل التي ظلت مقطوعة سنوات طويلة بسبب ممارسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين. بعد الإعلان بأيام قليلة، سارعت القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في أنقرة، “إيريت ليان” في السابع والعشرين من هذا الشهر إلى الإدلاء بتصريح يعتبر محاولة واضحة للإصطياد في المياه العكرة. فقد صرحت:”بأن إسرائيل تتوقع من تركيا إغلاق منكتب حماس وترحيل النشطاء من أراضيها، لأنَّ حركة حماس منظمة إرهابية،” وفق زعمها.
وما قالته الدبلوماسية الإسرائيلية هو مجرد تمني منها. ورد حماس كان سريعاً على هذه التصريحات. فقد استقبل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة وأعضاء آخرون من المكتب، رئيس حزب السعادة التركي،”تمل كاراملا أوغلو”، حيث جرى خلال اللقاء استعراض آخر مستجدات اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلة وغزّة.
والجدير بالذكر أن العلاقة بين تركيا وحركة حماس علاقة وطيدة مميزة ولا سيما بعد فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006. وبعد إبرام حركة حماس صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل وهي صفقة “وفاء الأحرار- شاليط” عام 2011. منحت تركيا العشرات من أسرى حماس جوزات سفر تركية وسمحت لهم بالإقامة.
التسويق لإغلاق مكتب حماس هو مجرد رغبة إسرائيلية وليس طلباً رسمياً (على الأقل لغاية الآن) وفي حال حصل هذا وتقدمت إسرائيل بمثل هذا الطلب، فإن تركيا حسب اعتقادي لن تستجيب لهذا الطلب، لأنه حسب الأعراف الدبلوماسية يُشكل تجاوزاً لهذه الأعراف وانتهاكا لسيادة تركيا، والرئيس أردوغان لن يفبل بأي انتهاك لسيادة دولته.
على أي حال لا يستطيع أحد من الفلسطينيين أنّ يجبر تركيا أو حتى الطلب منها بعدم إقامة علاقة مع إسرائيل، لأنَّ أردوعان هو أدرى بمصالح بلاده؛ ولأن العلاقات بين تركيا وإسرائيل، قائمة منذ عام 1948، لكِنها مرت بصعود وهبوط وصل حد تبادل سحب السفراء”.
في النهاية فإن سياسة الدول تتغير حسب المصالح، ولا أعتقد أن من مصلحة تركيا إغلاق مكتب حماس، لكن كل شيء جائز في السياسة، وما علينا سوى الانتظار.