وقفات مع كتاب: الشرح الوافي للتفعيلات والقوافي (1) / تأليف: يوسف أبو خيط- الطِّيرة
بقلم: الشَّاعر العَروضي محمود مرعي
تاريخ النشر: 08/09/22 | 19:13
كلام الـمؤلِّف بين مزدوجين (())
سأدع التَّدقيق الإملائي والنَّحوي إِلى نهاية حلقات الرَّدِّ لكثرتها.
أعترف أنَّني عَلى امتداد مطالعتي في العَروض الَّتي تمتدُّ ثلاثة عقود ثُمَّ تخصُّصي
فيه، لـم أقرأ عبثًا
في علم العَروض كَهٰذا الكتاب، والَّذي لـم أجد- بعد قراءته- أنَّ مؤلِّفه يمتلك معرفة
تؤهِّله
للخوض في علم العَروض، ولا يعدو الكتاب أن يكون لشخص هاوٍ لـم يحالفه الحظُّ
ففشل فشلًا
ذريعًا، ومنذ بداية الكتاب أدركت أنَّ الـمؤلِّف وضع العربة أمام الحصان وحاول
السَّير، ولأنَّ
الحصان يجرُّ العربة ولا يدفعها فقد اختلط الأمر عَلى الـمؤلِّف، فجاء بشرح القوافي
بداية
الكتاب، وحقُّه أن يكون في آخر الكتاب، وجاء بشرح الزِّحافات والعلل في آخر
الكتاب وحقُّه أن
يكون في بداية الكتاب قبل شرح البحور والأوزان، أضف إِلى ذٰلِكَ ما وقفتُ عليه
من أخطاء
فاضحة في شرحه للأوزان، لا يقترفها من كانت له خبرة في علم العَروض،
فالـمؤلِّف يكتب في
العَروض ويُنَظِّر، وحين يكتب القصيد يكسر أوزانه ويخلط الأوزان ببعضها، ولا
يفعل شاعر خبر
الأوزان مثل هٰذا الفعل.
2
وأقول للمؤلِّف: وقت الامتحان يكرم الـمرء أو يهان، ولن يفيد لو مدح أهل الأرض
جميعًا كتابك،
بينما حين نقرأه نجده عكس ما كتبوا عنه، وأنَّه كتاب يضرُّ بالعَروض وطالبي هٰذا
العلم، وأنَّه
يجب سحب هٰذا الكتاب الـمطبوع وحذف النُّسخة الإلكترونيَّة من الشَّبكة، فليس له
من العَروض أكثر من الاسم.
قبل البدء: لقد اطَّلعت على مادَّة الكتاب المنشورة على الشَّبكة، وهو نفس الكتاب
الـمطبوع:
https://b-poetic-rhythm.blogspot.com/
وبعد قراءتي مادَّة الكتاب، أقول بكلِّ صراحة، يجب على مؤلِّف الكتاب أن يعيد
النَّظر فيه، لكثرة
الأخطاء، وما هكذا تورد الإبل، فالعَروض علم دقيق وشريف، وإن خاض فيه غير
أهله هدموه..
وكان على الـمؤلِّف أن يستعين بأهل الخبرة في العَروض قبل أن يقحم نفسه في
مجال ليس له،
حتَّى وإن كان يعلِّم الموسيقى.. وفي بلده الأستاذ بروفيسور لطفي منصور، ونعلم
عنه أنَّه كان
يُدرِّس العَروض في كلِّيَّة بيت بيرل، فلو استعان المؤلِّف به لسلم من الأخطاء الَّتي
وقع فيها وهي
كثيرة وكافية لإسقاط كتابه.
كتب مقدِّمة الكتاب الدُّكتور سامي إدريس، ويقتبس عن مؤلِّف الكتاب:
((ملاحظه هامه: الوزن الدقيق هو الوزن الموسيقي لأن الكسر البسيط في التفعيله
يمكن ان
نتلافاه (نصحِحُهُ) بالمد او السكوت في الوزن الموسيقى (الرتم) Music
Rhythm
3
هذا صحيح لكن العروضيين لم يسمحوا بمثل هذا الكسر ولو كان بسيطاً وليس كل
قارئٍ للشعر
يمتلك موهبةً موسيقية)).
كان عَلى الـمؤلِّف التَّوضيح والمقصود ب (الوزن الدَّقيق هو الوزن الموسيقي)
والَّذي كما يظهر لنا
أنَّه يقصد موسيقى الآلة، وليس موسيقى العروض، وعليه فكلامه ليس صحيحًا لأنَّ
موسيقى
العَروض تختلف عن موسيقى النُّوتة والعزف، وموسيقى العروض أسبق وهي
الأصل المعتمد، ولا
يمكن وفقها مط الحروف، بينما مع النوتة يمكن مطّ الأحرف.. ولا يمكن قبول
الكسر في الوزن،
ولا أن نتلافاه (بالمدّ أو السكوت/هذا يقع في موسيقى النُّوتة والعزف، الَّذي أشار له
بقوله
نصحِّحه، وليس تصحيحًا بل مط الحرف أو خطفه ليوافق الوزن العَروضي، ويكثر
هذا في
التَّراتيل الكنسيَّة، عندما تكون التَّراتيل نثرًا، فيمطُّون ويقصرون ليوافقوا الوزن، أي
أن يدخلوا
غير الموزون في الوزن، وقد تحدَّث الجاحظ عن هذا في كتابه البيان والتَّبيُّن ص
200 ويمكن
للمؤلِّف الرُّجوع إليه) هناك المدّ والخطف والمدُّ في القوافي موضع التَّرنُّم، أو في
حرف يقبل إشباع
حركته، والسُّكوت لا ندري ما قصد به، ربَّما قصد السُّكون، وهذه كلُّها من ضرائر
الشِّعر، لكنَّ
الوزن لا يمكن قبول كسره.
نقف مع العنوان: الشرح الوافي للتفعيلات والقوافي
4
وهو عنوان خطأ، فالتَّفعيلات ليست علمًا يُشرح، والعروض والقوافي علمان
مقترنان ببعضهما،
والتَّفعيلات جزء من العَروض وليست علمًا مستقلًّا حتَّى يتمّ شرحها، وكان عليه أن
يكتب
(الشرح الوافي للعَروض والقوافي) فهذان العلمان هما المقصودان في كتب
العروض دومًا.
المؤلِّف يقحم نفسه في التَّأليف في العَروض، بينما هو ذاته يكسر الوزن العَروضيّ،
فكيف لخبير
يؤلِّف في العَروض والوزن أن يكسر الوزن ولا يعرف أنَّه كسر الوزن، وأنقل
حوارًا لأحد الزَّائرين
معه في صفحته في تعليقات على قصيدة للمؤلِّف:
((يا من إليكِ نسيــجُ الحُـبِّ أغــزِلُهُ = قد أحْرَقت بدموعِ الحُـبِّ وجناتي
ما أنْ أفـَلتِ كشمسٍ كُنتُ أذكُرُها = حتى رمى قلبي سهدي وآهاتي
يَمُــرُّ وجدٌ لساعاتٍ أشاطرهُ = معَ ألآلامِ في فكري وسرحاتي
لوكان مِنْ ومَضات الشوقِ تؤنسني = لما حَزِنَتْ وما أبكَتْ كتاباتي
هل تذكرينَ مضاجِـعَ الحـُبَّ مسكننا؟ = نلهو بجـمعِ نجومٍ في السماوات
هل تذكرين كتابَ الحـُبَّ مرجعنا؟ = كنا خططنا بِهِ حُلُمـاً لساعاتِ
أثخنتني لثماً من بعدِ ما همتي = قبل الصباحِ وقد ضمّختِ وجناتي
5
وقلت مهلاً لعل الحـُبّ مُرجعها = إلى صدري وقد تاقت لزهراتي
يوسف أبو خيط)).
في التَّعليق الأوَّل للزَّائر على القصيدة سأله "العذر منك يا شاعر شنو الوزن اللي
تكتب عليه لو
سمحت لأنه عجبني".
فردَّ عليه يوسف: (( (….) هذا البحر البسيط اخي ..
مستفعلن فعلن مستفعلن فعل ( ن) يجوز ايصا فاعل….تحياتي)).
فعقّب الزَّائر " لكني أحسست بنشاز بعض شطورها:
معَ الآلامِ في فكري وسرحاتي
لما حَزِنَتْ وما أبكَتْ كتاباتي
إلى صدري وقد تاقت لزهراتي
هل يمكنك أن تشرح لي وزن هذه الشطور، لأنني لم أستسغ وزنها".
فأجابه يوسف ((ليتك اخي (….) تقرا قليلا عن العلل والزحافات.. وزن الشطر.
واشر على
(النشاز) وهذه كلمة للعزف الآلي والاصوات (الترددات الصوتية والهارموني)..
والكسر لاوزان
6
الشعر. وهذا البحر يحتمل الزحاف. ويحتمل العلل في عروضه وحشوه وضربه)).
فعقَّب الزائر "أشكرك جدًّا، هل لك كتاب يمكن أن أستفيد منه في هذا الأمر؟ كتاب
إلكتروني؟".
فأجابه يوسف ((نعم.. في جوجل ..( الشرح الوافي للتفعيلات والقوافي) كتاب شامل
لكل بحور
الشعر .مع العلل والزحافات وكيفية كتابة القصيدة بطريقة سلسة .. وغيرها..
تحياتي)).
وهنا ظهر الزَّائر أنّه كان يختبر معرفة يوسف فلم يكن سائلًا عاديًّا، فردَّ عليه
بالقول "أقول يا
النشمة، يا ريتك ترجع تدرس العروض بدل شرحك اللِّي ما يقنع طفل، نقلت لك 3
شطور لتنتبه
إلى خطئك، فرحت تتمنى أن أقرأ عن العلل والزّحافات، ولا أدري ما علاقة العلل
والزحافات
بخلطك البسيط مع الوافر على أصله:
معَ الآلامِ في فكري وسرحاتي
لما حَزِنَتْ وما أبكَتْ كتاباتي
إلى صدري وقد تاقت لزهراتي
هذه الشطور على بحر الوافر على أصله، فما علاقة الزحافات والعلل بالخلط بين
بحرين؟"، ثُمَّ
عاد بتعقيب آخر:
7
"وحبذا يا النشمة لو أكملت معروفك وقطّعت هذا الشّطر، وحبذا لو صوّبت (الحُبَّ)
فهي
(الحُبِّ) مضاف إليه مجرور:
هل تذكرينَ مضاجِـعَ الحـُبَّ مسكننا؟=".
ونحن نسأل المؤلِّف مع الزَّائر، كيف تجمع بحرين في قصيدة، وتزعم أنَّ المسألة
مسألة زحافات
وعلل، ثُمَّ الشَّطر ذو الوزن المختلّ هل غاب عنك اختلال وزنه؟ وكذلك من أجاز
لك قطع فاعلن
في حشو البسيط؟
"حتى رمى قلبي سهدي وآهاتي"
"أثخنتني لثماً من بعدِ ما همتي"
فاعلن في حشو البسيط لا يدخل عليها القطع، ثمَّ (همتي) هل تكتب عاميَّة، وهل هي
فاعلْ هِمْتي،
وبالتّالي قطع فاعلن في الحشو والعَروض، وهذا خطأ لا يفعله شاعر ولا
عروضيّ؟
في الزَّجل وجدناهم يستعملون فاعِلْ في الحشو:
سبّل عيونو وِمَدِّ ايدو يحنُّونو/ مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلْ
ولها أداء آخر تظهر فيه فاعلْ في الحشو:
8
سبّل عيونو وْمَدِّ ايدو يحنُّونو/ مستفعلن فاعلْ مستفعلن فاعلْ، وفيها تُشبع حركة
الميم من مدّ
فتلفظ (عيونو وْمادِّ يدو يحنُّونو).
ولن نتحدَّث عن تكرار قافية (وجناتي) في سبعة أبيات، والواجب إن تكرَّرت نفس
القافية أن
تكون بعد سبعة أبيات، وليس البيت السَّابع.
(يتبع)