المرياع
هادي زاهر
تاريخ النشر: 10/09/22 | 15:46بعد أن شعر الرّاعي “عطاالله” بأنّ حركات كثيرة تحاصره وتشكّل له الكثير من الازعاج وأنّ المرياع الّذي يعتمد عليه قد هرم ولم يعد يقوم بالمهام كما يجب قرّر التّخلّص منه وإنتاج مرياعًا جديدًا.. استعرض الواقع في ذهنه وأدرك أنّ الاغنام في الجهة الثّانية انفصلت إلى (شماليّة وجنوبيّة)، قال لنفسه: “انّها فرصتي”.
تسلّل إلى هناك وما أن ولد حمل من إحدى الأغنام الجنوبيّة حتّى قام باقتناصه واخذه إلى الحمارة الّتي يعتمد عليها عندما يقود قطيع الأغنام إلى المراعي كي يرضع منها ويعتقد بأنّها أمّه، ثم علق في رقبته حرس كي يلحق به القطيع.
وهذا ما تفتضيه المهنة عندما يريد الرّاعي انتاج المرياع الّذي يقود القطيع.
اخذ عطاالله يهتم بالحمل حتّى كبر وعندها قام بخصيه كي يسمن ويصبح ذو هيبة تميّزه عن بقيّة الأغنام وكي لا ينشغل عن المهام المنوطة به.
وكان قد أدرك بحسِّهِ ووعيه بأنّه لن يكون الأوّل الّذي يقرّر كيف تُدار المراعي وذلك بعد أن تنمّر على من حوله ممّا جعلهم ينفرون منه، وبعد أن أخذت تهم كثيرة تحوم حوله تقول بأنّه أخذ ما له وما لغيره.
وكم كان حزينًا عندما هرب المرياع بعد الجهد الّذي بذله ولاذ إلى قطيع آخر بعد أن وعده الرّاعي الاخر بالخبز بدلًا من الأعشاب الّتي يرعاها مع الأغنام شريطة أن يفهمه وفقًا للإشارة.
ضرب الرّاعي عطاالله الأرض بقدمه ثم اطلق مسبّة لجميع الأغنام، فكّر طويلًا.. نفخ أنفاسه بعيدًا وقرّر أن يرتاح، قال لنفسه:
“لن اهتدي السّبيل وأنا في قمّة غضبي”
وفي اليوم التّالي خرج ليقول أنّ المرياع شرسًا عنيفًا ومتطرّفًا وأنّ العار سيلاحق كل من سيتعاون معه.
طلب الرّاعي الجديد من المرياع أمور كثيرة تضرب مصالح ربعه فقام بتلبية مطالب صاحبه بشكلٍ دقيق ولم يعترض أبدًا مدّعيًا بأنّ الشّراكة تقتصي ذلك، لا سيما وأنّه كان يرى أرغفة الخبز تلوح في الأفق، لم يكتفِ الرّاعي بذلك وطلب منه أن يقول بأنّ الوطن خلق وسيبقى تابعًا للرّاعي ولأبناء جلدته فقط، لم يستوعب المرياع ابعاد ما طلب منه سيّده وقام بتنفيذ ما لقّن به.