وقفات مع كتاب: الشرح الوافي للتفعيلات والقوافي (3) تأليف: يوسف أبو خيط- الطِّيرة
بقلم: الشَّاعر العَروضي محمود مرعي
تاريخ النشر: 12/09/22 | 19:07
كلام الـمؤلِّف بين مزدوجين (())
سأدع التَّدقيق الإملائي والنَّحوي إِلى نهاية حلقات الرَّدِّ لكثرتها.
أعترف أنَّني عَلى امتداد مطالعتي في العَروض الَّتي تمتدُّ ثلاثة عقود ثُمَّ تخصُّصي
فيه، لـم أقرأ عبثًا
في علم العَروض كَهٰذا الكتاب، والَّذي لـم أجد- بعد قراءته- أنَّ مؤلِّفه يمتلك معرفة
تؤهِّله
للخوض في علم العَروض، ولا يعدو الكتاب أن يكون لشخص هاوٍ لـم يحالفه الحظُّ
ففشل فشلًا
ذريعًا، ومنذ بداية الكتاب أدركت أنَّ الـمؤلِّف وضع العربة أمام الحصان وحاول
السَّير، ولأنَّ
الحصان يجرُّ العربة ولا يدفعها فقد اختلط الأمر عَلى الـمؤلِّف، فجاء بشرح القوافي
بداية
الكتاب، وحقُّه أن يكون في آخر الكتاب، وجاء بشرح الزِّحافات والعلل في آخر
الكتاب وحقُّه أن
يكون في بداية الكتاب قبل شرح البحور والأوزان، أضف إِلى ذٰلِكَ ما وقفتُ عليه
من أخطاء
فاضحة في شرحه للأوزان، لا يقترفها من كانت له خبرة في علم العَروض،
فالـمؤلِّف يكتب في
العَروض ويُنَظِّر، وحين يكتب القصيد يكسر أوزانه ويخلط الأوزان ببعضها، ولا
يفعل شاعر خبر
الأوزان مثل هٰذا الفعل.
2
أقول لكِّل مؤلِّف: وقت الامتحان يكرم الـمرء أو يهان، ولن يفيدك لو مدح أهل
الأرض جميعًا كتابك، بينما حين نقرأه نجده عكس ما كتبوا عنه.
3
يقول الـمؤلِّف: ((القواعد الأساسية التي تيسر لك فهم العروض:
الشرح والتحليل لكل بحر))
قوله ” الشرح والتحليل لكل بحر” يجب أن يليه شرح وتحليل للبحور، وليس الكلام
عَلى الكلمة والأحرف والـمتحرِّك والسَّاكن.
1- ((الكلمة: تتكون الكلمة من حرفين أو أكثر وتنقسم هذه ألأحرف إلى نوعين:
حرف متحرك ونشير اليه ب- ( / ) وآخر ساكن. ونشير البه ب- ( 0 ). )).
قوله ” ونشير اليه ب- ( / ) وآخر ساكن. ونشير اليه ب- ( 0 )” يوحي للقارئ
أنَّ هٰذِهِ الطَّريقة من ابتكار الـمؤلِّف، وليست كَذٰلِكَ، بل هي طريقة قديمة، وهناك
طريقة عكسها، الدَّائرة للمتحرِّك (0) والخطّ الـمائل للسَّبب الخفيف (/).
وأوَّل من استعملها وأشار إليها ابن عبد ربِّه الأندلسي:
فالخطُّ المائل (/) رمز للسَّاكن والحلقة (o)رمز للمتحرِّك يقول:
ما لها من الخطوط البائنهْ.. دلائل على الحروف السَّاكنهْ
والحلقـــــــات المتجوِّفات.. علامــــة للمتحرِّكـــــــــــات
وزاد:
والنُّقط الَّتي على الخطوط.. علامة تعدُّ للسُّقوط
والحِلَقُ الَّتي عليها تنقطُ.. تَسْكُنُ أحيانًا وحينًا تَسْقُطُ
والنُّقط الَّتي بأجوافِ الحِلَقْ.. لمُبْتدا الشُّطور منها يُخترقْ
(العقد الفريد: 6/247)
وأوَّل من وضع هٰذِهِ الرُّموز تحت التَّفاعيل هو جبران ميخائيل فوتيّه في كتابه
(البَسْط الشَّافي في عِلمي العَروض والقَوافي)، ثُمَّ جاء ميخائل خليل الله ويردي
ليعكس الأمر فجعل الخطَّ المائل (/) للمتحرِّك والحلقة (o) للسَّاكن.
وقد وجدت الـمؤلِّف يذكر (الوزن الرَّقمي) والصَّواب (التَّقطيع الرَّقمي)، فلا يوجد
وزن اسمه الوزن الرَّقمي ((وهنالك طريقه أخرى تسمى (الوزن الرقمي) وهي
طريقه سلسه لمن يتقنها.. طبعا هنالك الوزن الموسيقي الدقيق)) وهو يمتدحه من
خلال قوله (طبعًا هنالك الوزن الموسيقي الدقيق)، وَهٰذا كلام لا يمت إِلى الحقيقة
بصلة، فلا علاقة لطرق التَّقطيع بالـموسيقى، وَهٰذا يعني أنَّ الـمؤلِّف زار منتدى
العَروض الرَّقمي لصاحبه الأستاذ خشَّان خشَّان، لٰكِنْ فات الـمؤلِّف أنَّ الأرقام لا
صوت لها، والعَروض وتقطيع الوزن موسيقى، أي صوت، وفرق بين الصَّوت
وعدمه، وهناك دراسة للأستاذ خشَّان أسماها (الـمدارس العَروضيَّة في الشِّعر)
نشرها في منتداه الرَّقمي عام 2012، ولديَّ نسخة منها، وأعاد نشرها في كتابه
4
(العَروض رقميًّا) ولو اطَّلع الـمؤلِّف عليها، لرأى أنَّ الأستاذ خشَّان يذكرني
كصاحب مدرسة عروضية ضمن مجموعة من علماء العَروض، وأسمى عَروضي،
العَروض الرِّياضي لأنَّ طريقتي في التَّقطيع مبتكرة رياضيَّة (>>×>× مُتَفاعِلُنْ)
(> متحرِّك < ساكن × سبب خفيف >> سبب ثقيل >× وتد مجموع ×> وتد
مفروق).
رابط ممَّا كتبه الأستاذ خشَّان عن المدارس العَروضيَّة:
https://sites.google.com/site/alarood/Home/tarmeez?fbclid
=IwAR3tX9d_2-
7lXEZUvsDoZ9fQ2hPdnQr8BCKDz_aM0k7FnFZXaN6GV
YUec9w
أمَّا أنا فلم أُسَمِّ عَروضي بالرِّياضي، بل أسميت طريقتي في التَّقطيع الرِّياضيَّة،
لاعتمادها إشارات رياضيَّة، ولديَّ طريقة رقميَّة تعتمد الرقم 7 و8 الهنديَّين، اللَّذين
نستعملهما عَلى أنَّهما عربيَّين، معذرة لعدم تمكُّني من كتابتهما لأنَّ تغيير الأرقام في
الحاسوب سيغيِّر كلّ الأرقام. سأورد صورتي الطَّريقتين في نهاية الـمقال.
((2- في علم العروض كل ما يُنطق يُكتب، وما لا يُنطق لا يُكتب،
مثال:
حرف أللام في أل –التعريف: إذا تلاها حرف شمسي! لا تُنطق ولكنها تُكتب ويشدد
الحرف الذي يلي الّام فيكون الحرف الأول ساكن والثاني متحرك وإذا تلاها حرف
قمري! تكتب ويلفظ ..فقط حرف اللام …. إذا سبق ال التعريف حرف ساكن.
منها …. الباب … الخوخ ….. الحبيب … المسكن الخ ..
اما الاحرف الشمسية: منها …. الثبات ..الرمح ..السبيل..الطارق …. الخ)).
هٰذا الشَّرح قاصر ولا يفي بالـمطلوب لأنَّه ناقص وفيه أخطاء، فقد كان عليه أن
يذكر الأحرف الشَّمسيَّة والقمريَّة ثُمَّ يشرح صفات كلٍّ منهما، ثُمَّ إذا سبق ال
التَّعريف حرف ساكن فَهٰذا يسمَّى التقاء السَّاكنين وعندها لا بدَّ من تحريك السَّاكن
قبل ال التَّعريف (لَمْ يَكْتُبْ الوَلَدُ دَرْسَهُ) جرِّب قراءة الجملة مع تسكين باء (يكتب
وال التَّعريف)، لن تتمكَّن، ولا بدَّ من تحريك حرف الباء بالكسر. ونقول: حُرِّكت
الباء بالكسر منعًا لالتقاء السَّاكنين.
((تعريف الأحرف القمرية: كل حرف تشترك فيه الشفتين او الحنجرة (لسان
المزمار) ميم .. حاء ..خاف … هاء..الخ ..
تعريف الأحرف الشمسية: اشتراك اللسان او الأسنان او كلاهما.. السين.. راء
..زين وكذا كل ما يقرأ (يُنْطَقْ) نكتبه للوزن هذا = هاذا …. لكن = لاكن …
5
في المكتب = فِلْ مَكْتَبِ – من المنزل = مِنَلْ مَنْزِل … وهكذا.3- الحرف المشدد
أصله حرفان أولهما ساكن والثاني متحرك ، والحرف المنون أصله حرفان أولهما
متحرك والثاني ساكن ، مثال: محمدٌ = مُحَمْمَدُنْ.4-ألف وقامت ، والثانية ،
بإصدار مدِّ ، الأولى وتكون ، أي: (آ) = (أا).)).
هٰذا الشَّرح يُصَعِّب عَلى من يريدون تعلُّم الشِّعْر ولا يُسَهِّل الأمر عليهم. فما معنى
تكرار الشَّرح مرَّتين، مرَّة تكفي، ثُمَّ يكفي القول: الحرف القمري هو كلُّ حرف
اتَّصلت به ال التَّعريف فظهرت اللَّام ساكنة في النُّطق. والحرف الشَّمسي هو كل
حرف اتَّصلت به ال التَّعريف فلم تلفظ وشُدِّد الحرف الشَّمسي. ثُمَّ هناك من لا
يعرفون الحروف الشَّمسيَّة والقمريَّة فلماذا لـم تذكرها.
((5- ميم الجمع المضاد، تولت المقاولة بعدها ، حيث ينتج عن ضمها (واوٌ) ،
مثال: فعلتمُ = فعلتمو- ذهبتمُ = ذهبتمو)).
نسأل الـمؤلِّف ما معنى (ميم الجمع الـمضاد/ تولَّت الـمقاولة بعدها) ما الـمقصود
بهذا الكلام، ثُمَّ ميم الجمع لا تشبع حركتها دومًا، فَهٰذا خاضع للضَّرورة الشِّعريَّة، ثُمَّ
ليس دومًا حركتها الضَّمَّة، كقول البوصيري في بردته:
فمبلغُ العلمِ فيهِ أنَّهُ بشرٌ.. وأنَّهُ خيرُ خلقِ اللهِ كُلِّهِمِ
ثُمَّ انتقلت من شرح الحروف الشَّمسية والقمريَّة إِلى ميم الجمع، مع أنَّ ميم الجمع
وإشباعها يكون شرحها في باب ضرائر الشِّعر، لأنَّ إشباعها من ضرائر الشِّعر
وليس قاعدة.
((6- الضمير المتصل الذي يدل على الغائب المفرد المذكر (الهاء) إذا سُبق بساكن
، جاز فيه الإشباع وعدمُه ، مثال: رآه = (رأاهو) أو (رأاه) .. ففي حالة إشباعه
يتولد منه ساكن بعده ، يتم دفع الوزن بنجاح ، أما إذا كان يقتنع بمتحرك ، وجب
الإشباع وجوبًا ، مثال: به = بهي- رأيته = رأيتهو)).
وينطبق عَلى هاء ضمير الغائب ما ينطبق عَلى ميم الجمع، فمكان شرحها في باب
ضرائر الشِّعر، لأنَّه ليس قاعدة بل من الضَّرائر، وقوله (أما إذا كان يقتنع بمتحرك،
وجب الإشباع وجوبًا) ما وجه استعمال كلمة (يقتنع) وفي أيِّ لهجة هٰذِهِ؟ ربَّما قصد
ينتهي، وشرحه قاصر، فقد وردت الهاء خطفًا بعد متحرِّك، في القرآن وفي الشِّعر،
رغم حكمهم بضعفه في القياس، بل وردت ساكنة بعد متحرِّك في الشِّعر، وقد قلت
في هاء الضَّمير:
“هاءُ الضَّميرِ إِذا تَلَتْ مُتَحَرِّكًا.. فَالحُكْمُ مَدٌّ في ضَميرِ الغائِبِ
وَالخَطْفُ إِنْ سُبِقَتْ بِحَرْفٍ ساكِنٍ.. حُكْمٌ وَجيهٌ لا يُعابُ بِشائِبِ
وَأَجازَ الَاخْفَشُ مَدَّها أَوْ خَطْفَها.. فَاعْمَلْ بِأَيِّهِما وَدونَ مُراقِبِ”
ولم أذكر خطفها بعد متحرِّك أو تسكينها.
6
وقال ابن جنِّيّ (322- 392ه/934- 1002م) “وممَّا ضعُف في القياس
والاستعمال جميعًا بيت الكتاب:
لَهُ زَجَلٌ كَأَنَّهُ صَوْتُ حادٍ.. إِذا طَلَبَ الوَسيقَةَ أَوْ زَميـرُ
فقوله: “كَأَنَّهُ”- بحذف الواو وتبقية الضَّمَّة- ضعيف في القياس، قليل في الاستعمال.
ووجه ضعف قياسه أَنَّهُ ليس على حدِّ الوصل ولا على حدِّ الوقف. وَذٰلِكَ أَنَّ الوصل
يجب أن تتمكَّن فيه واوه، كما تمكَّنت في قوله في أوَّل البيت (لهو زجل) والوقف
يجب أن تُحذف الواو والضَّمَّة فيه جميعًا، وتُمكَّن الهاء فيقال: (كَأَنَّهْ)، فضمُّ الهاء
بغير واو منزلةٌ بين منزلتي الوصل والوقف. وهٰذا موضع ضيِّق، ومقام زَلْخٌ (أي
مزلَّة تزلُّ فيها الأقدام)، لا يتَّقيك بإيناس، ولا ترسو فيه قدم قياس. وقال أبو إسحاق
في نحو هٰذا: إِنَّهُ أجرى الوصل مجرى الوقف؛ وليس الأمر كَذٰلِكَ؛ لما أريتُك من أَنَّهُ
لا على حدِّ الوصل ولا على حدِّ الوقف. لٰكِنْ ما أُجري من نحو هٰذا في الوصل على
حدِّ الوقف قول الآخر:
فَظَلْتُ لَدى البَيْتِ العَتيقِ أُخيلُهُ… وَمِطْوايَ مُشْتاقانِ لَهْ أَرِقانِ
على أَنَّ أبا الحسن حكى أَنَّ سكون الهاء في هٰذا النَّحو لغة لأزْدِ السَّراة. ومثل هٰذا
البيت ما رُويناه عن قُطْرُب من قول الشَّاعِر:
وَأَشْرَبُ الـماءَ ما بي نَحْوَهُ عَطَشٌ.. إِلَّا لِأَنَّ عُيونَهْ سِيلَ واديها
ورُوينا أَيْضًا عن غيره:
إِنَّ لَنا لَكَنَّهْ.. مِبَقَّةٌ مِفَنَّهْ
مِتْيَحَةٌ مِعَنَّهْ.. سِمْعَنَّةٌ نِظْرَنَّهْ
كَالذِّئْبِ وَسْطَ القُنَّهْ.. إِلَّا تَرَهْ تَظُنَّهْ
فقوله (تَرَهْ) مِمَّا أُجري في الوصل مجراه في الوقف، أراد: إِلَّا تَرَ، ثُمَّ بيَّن الحركة
في الوقف بالهاء، فقال “تَرَهْ” ثُمَّ وصل ما كان وقف عليه” (الخصائص: 1/127-
129. البيت (له زجل) للشَّمَّاخ بن ضرار، الدِّيوان: 154) .
وقال في موضع آخر “ومن ذٰلِكَ بيت الكتاب (لَهُ زَجَلٌ كَأَنَّهُ صَوْتُ حادٍ) فحذف
الواو من قوله (كَأَنَّهُ) لا على حدِّ الوقف ولا على حدِّ الوصل. أَمَّا الوقف فيقضي
بالسُّكون: (كَأَنَّهْ). وأمَّا الوصل فيقضي بالـمطْلِ وتمكين الواو: (كَأَنَّهو) فقوله إذًا
(كَأَنَّهُ) منزلة بين الوصل والوقف.” (انظر: رفع شفوف الهودج عن مقصورة
الخزرجي: 119- 120، وهو تحقيقنا للرَّامزة الشَّافية في علمي العَروض والقافية
للشَّيخ ضياء الدِّين الخزرجي 589- 686ه).
صور الحروف الشَّمسيَّة والقمريَّة، والطَّريقة الرِّياضيَّة والرَّقميَّة من كتابي
(العَروض الزَّاخر واحتمالات الدَّوائر 2004).
7
الحروف الشَّمسيَّة والقمريَّة
8
طريقتي الرِّياضيَّة في التَّقطيع.