النفاق الفلسطيني في التعزية بوفاة ملكة بريطانيا

بقلم: الإعلامي أحمد حازم

تاريخ النشر: 19/09/22 | 13:21

كانوا يقولون عن بريطانيا انها الدولة التي لا تغيب الشمس عن مستعمراتها. فتخيلوا كم كانت هذه المملكة ظالمة مستبدة بحق شعوب العالم. وأكثر شعب لحق به أسى وظلم من هذا الاستعمار البريطاني هو الشعب الفلسطيني. وهل ينسى شعبنا وعد وزير الخارجية البريطاني بلفور للصهاينة بإقامة دولة يهودية لهم على أرض فلسطين؟ وهل ننسى تكبة 48 التي أدت إلى قتل وتهجير فلسطينيين والسماح للعصابات الصهيونية بتأسيس دولتهم على الأرض الفلسطينية بتخطيط بريطاني ؟ وهل ينسى العرب الحرب التي شنتها بريطانيا على مصر عام 1956 لاحتلال قناة السويس بمساعدة فرنسا وإسرائيل، والتي عرفت باسم العدوان الثلاثي على مصر؟

 

ورغم ذلك سارع “خدم” بريطانيا في العالم العربي الى تكثيف لغة النفاق بالتعبير عن تأثرهم الكبير على وفاة إليزابيت الثانية ملكة بريطانيا، وسارعوا (بما فيهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس) إلى الإشادة بأعمالها وبتاريخها. لم يتـأثر العرب كما يبدو بما حل بالفلسطينيين من ظلم بريطانيا، ولم يفعلوا أي شيء، بل تأثروا كثيراً بوفاة صاحبة العرش البريطاني الذي تمتليء صفحاته تاريخياً بالمآسي اتي ألحقها بشعوب كثيرة في هذا العالم نتيجة الاستعمار.

 

حتى الرئيس الفلسطيني محمود عباس وفي برقية التعزية التي أرسلها لوريث العرش تشارلز تحدث “عن عقود طويلة قضتها في العطاء وعمل الخير وتأدية واجباتها الملكية، تاركةً إرثاً زاخماً سيبقى محفوراً في أذهان وقلوب الأجيال”. لست أدري أين هو عمل الخير الذي فعلته إليزابيت الثانية تجاه الفلسطينيين؟ ولا أعرف أين هي الواجبات التي قامت بها الملكة البريطانية تجاه الشعب الفلسطيني؟ ولا أدري ما هو الإرث الجيد الذي تركته الملكة للأجيال الفلسطينية ليبقى محفوراً في ذاكرتهم؟

 

نحن مع استعمال لغة الدبلوماسية، ولكن ليس لدرجة استخدام النفاق والتزلف، خصوصاً من محمود عباس الذي يعرف تماما أن هذه الملكة التي يمدحها بعد وفاتها، هي التي رفضت الاعتذار للشعب الفلسطيني عن وعد بلفور.

 

مؤلف كتاب “الجدار الحديدي: إسرائيل والعالم العربي” آفي شلايم، الأستاذ الفخري للعلاقات الدولية بجامعة أكسفورد البريطانية، نشر مقالاً مطولاً في موقع “ميدل إيست آي”، تحت عنوان “الاستعمار البريطاني ومعاداة السامية والحقوق الفلسطينية” تحدث فيه عن الدور الذي تلعبه بريطانيا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والانحياز للاحتلال الإسرائيلي وسعيها لإفشال إقامة دولة فلسطينية، وعن عنصرية بريطانية ضد الفلسطينيين.

 

يقول الكاتب في مقاله:” في شهر كانون الأول/ ديسمبر من عام 2016، تبنت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي رسمياً تعريف معاداة السامية كما هو صادر عن التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست (المحرقة النازية). كانت تلك هي الحكومة الأولى في العالم التي تقدم على ذلك، واضعة معلما آخر في تاريخ الدعم البريطاني المستمر للصهيونية منذ مائة عام وما يصاحبه من تجاهل للفلسطينيين ومن تنكر لحقوقهم. أما “الخطيئة الأصلية” فكانت إعلان بلفور عام 1917، الذي وعد بدعم إقامة وطن قومي للشعب اليهودي”.

 

في الخامس والعشرين من شهر ابريل/نيسان عام 2017 أي بعد مرور مائة عام على وعد بلفور، طالبت السلطة الفلسطينية بريطانيا بالاعتذار عن الوعد، لكن الملكة التي امتدحها محمود عباس رفضت ذلك. وكان رد وزارة الخارجية البريطانية لسفير فلسطين في بريطانيا مانويل حساسيان: “أن جلالة الملكة وحكومة بريطانيا لن تعتذر للشعب الفلسطيني”.

 

ولم تكتف بريطانيا برفض الاعتذار، بل قامت نكاية بالشعب الفلسطيني بتنظيم احتفالات مع مسؤولين إسرائيليين بمناسبة مرور مئة عام على وعد بلفور. فهل تستأهل صاحبة العرش البريطاني المتوفية كل هذا المديح من العرب ولا سيما من محمود عباس على حساب الدم الفلسطيني؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة