ساسة محترفون في الكذب.. وإعلاميون يجيدون لعبة النفاق
بقلم: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 25/09/22 | 12:20يوجد قول متعارف عليه في المجتمع الفلسطيني “بدو يفطرني قبل ما أتغداه”، لكن يائير لابيد رئيس وزراء إسرائيل حوّل هذه المقولة إلى “بدي أفطرو قبل ما يتغداني”.
وتحويل المقولة موجّه بالطبع الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ويبدو واضحاً أن حظ عباس كان سيئاً، لأن كلمة لابيد في الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قبل كلمة عباس، أو على الأكثر كان ترتيب الكلمات مقصوداً. ولذلك طلع علينا لابيد بمفاجأة جديدة وهي تأييد حل الدولتين ولكن يشروط.
يائير لبيد، يعرف مسبقاً أن عباس سيهاجم إسرائيل بشكل عنيف، ولذلك اختبأ وراء تصريحه بدعم حل الدولتين ليكسب تضامن المشاركين في اجتماع دورة الأمم المتحدة مع دعمه، ويكون بذلك قد قطع الطريق على عباس في كل شيء يقوله عن إسرائيل. لابيد اشترط في دعمه حل الدولتين “ضمانة لأمن إسرائيل” مقابل إقامة دولة فلسطينية. فماذا يريد لابيد بالضبط؟
لابيد يريد بل يشترط : “أن تكون الدولة الفلسطينية سلمية ولا تتحول لمصدر إرهاب يهدد أمن إسرائيل”،لأن خواجا لابيد “يريد أن يعيش في سلام شريطة أن يوفر للإسرائيليين الأمن “. ولم ينس لابيد القول:” ان الوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين استناداً إلى حل الدولتين هو الحل السليم لتحقيق أمن إسرائيل”.
هنا لفت نظري أكثر من نقطة وردت في شروط لابيد: أولها، سلمية الدولة الفلسطينية. من الطبيعي أن تكون الدولة الفلسطينية دولة سلمية لأنها ليست معتدية بل معتدى عليها، وهي التي تطلب السلام، والنقطة الأخرى أن لا تتحول هذه الدولة إلى مصدر إرهاب. هنا يجب ان نكون واقعيين لآن إسرائيل هي التي تعتدي دائماً وشعب فلسطين هو الذي يقاوم المعتدي باستمرار، وبذلك فإن صفة إرهاب جاهزة سلفا لوصف المقاومة بها. إذاً الكرة في الملعب الإسرائيلي وليس الفلسطيني.
ومن شروط “مستر” لابيد أن يعيش في سلام مع توفير الأمن له ولشعبه. الذي يطلب العيش بسلام يجب أن لا يعتدي ولا يحتل ولا يعتقل ولا يقتل. فهل تتعامل إسرائيل مع الفلسطينيين على هذا الآساس حتى تعيش في سلام؟
ثم يطلع علينا الأمريكي جو بايدن شاكرا لابيد على تأييده لحل الدولتين. لكن التأييد يا مستر بايدن يتطلب أفعالاً، “ومش طق حكي” على راي احمد طيبي. والأفعال لم نلمسها من الرئيس الأمريكي بايدن الذي يتشدق دائما بحل الدولتين ، وانما مجرد كلام بكلام أي انه لا يربط القول بالفعل. ومنذ قدومه الى سدة الحكم لم يتقدم بأي اقتراح لإحياء المفاوضات المجمدة بين إسرائيل والفلسطينيين منذ عام 2014.
في خطابه أمام الجمعية العام للأمم المتحدة، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن إسرائيل تعرقل عمدا التقدّم باتجاه التوصل إلى حل الدولتين، ولم يعد من الممكن اعتبارها شريكا يمكن الوثوق به في عملية السلام. وأن إسرائيل تتنكر لقرارات الشرعية الدولية وثقتنا بتحقيق سلام قائم على العدل آخذة بالتراجع بسبب السياسات الاحتلالية الإسرائيلية”. اذا كان الأمر كذلك يا سيادة الرئيس فلماذا تتمسك بعد، بالتنسيق الأمني؟
وبالرغم من أن محمود عباس لم يأت بجديد في خطابه، إلا أن المنافقين له ولسياسته أكالوا لخطابه المديح بشكل نفاقي وبأسلوب التزلف، مما يدل على أن عبارات التدليس قد تكون مدفوعة الثمن. فقد كتب الصحفي الأردني سلطان الحطاب مقالاً تحت عنون” عفية.. خطاب شجاع ومقنع!!” في موقع “عروبة ” الإخباري، قال فيه “ان الخطاب السياسي من الدرجة الرفيعة”. والظاهر أن الحطاب وكما يبدو، لا يعرف “الرفيع من الغليظ” بقدر ما هو ملم بالنفاق، وخطاب عباس أقل من عادي ويخلو من الشجاعة والإقناع.
ويتابع الحطاب: ” خطاب الرئيس عباس كان شجاعا ومؤثرا واعلاميا من طراز رفيع، فقد كان للغة الجسد واستعمال المصطلحات والكلمات العامية أبلغ الاثر في ايصال الرسائل، كما كان لثقافة الرئيس التاريخية والاكاديمية دور مهم وهو يدين الموقف الأمريكي”.
ما هذا يا حطاب؟ والله، حسين الشيخ لم يصل إلى هذا الحد من التملق لعباس. عيب والله عيب. احترموا الإعلام ولا تذهبوا به الى الحضيض.