القرضاوي الكاتب غير القرضاوي الخطيب – معمر حبار

تاريخ النشر: 07/10/22 | 10:54

من المفاتيح الممكنة لفهم يوسف القرضاوي، رحمة الله عليه، هو الوقوف عند كتبه ككاتب من جهة، والوقوف عند خطبه كخطيب من جهة أخرى.

يوسف القرضاوي الكاتب:

يوسف القرضاوي غزير الكتابة، وامتازت كتبه الأولى -على العموم- بالدقة، والصّدق، والترتيب، والتنظيم، والتأريخ، والردود السّريعة المتقنة.

وله كتب أخرى، امتازت بالسطحية، والسّرعة، وإطلاق الأحكام، والعموم،

رفض يوسف القرضاوي سفك الدماء في كتبه، وعارضها بقوّة. ولم أقف على كتاب قرأته له، -ولغاية هذه الأسطر، وفيما قرأت-، يدعو عبرها إلى سفك الدماء.

القارئ لكتاب “الحلّ الإسلامي فريضة وضرورة” -مثلا-، يرى أنّ يوسف القرضاوي، عدّد وسائل لإقامة الدولة الإسلامية -حسب مفهومه-، وتطرّق لكلّ وسيلة من حيث الإيجابيات والسّلبيات. ومنها الحلّ العسكري، والإنقلابات العسكرية.

ذكر -فيما أتذكر-، إيجابيات وسلبيات الحلّ العسكري، واستبعد الحلّ العسكري لأنّه يؤدي إلى سفك الدماء، ولم يختره كوسيله، ولم يفضّله كخيار، واستبعده نهائيا من قائمة الحلول الممكنة لإقامة الدولة الإسلامية.

وبتعبيره “حتمية الحلّ الإسلامي”، كما جاء في سلسلة الكتب، والمتضمنة –فيما أتذكر-، كتابين وهما: الحلول المستوردة وكيف جنت على أمّتنا”، و “الحلّ الإسلامي فريضة وضرورة”. مايدلّ أنّ يوسف القرضاوي، لم يدعو لسفك الدماء في كتبه -أقول في كتبه-.

يوسف القرضاوي خطيبا:

لن يضيف القارئ المتتبّع جديدا، إذا قال أن يوسف القرضاوي أوتي مجامع الخطابة من فصاحة، وشعر، وصوت، وبنية جسدية كاملة دائمة، وذاكرة قوية، وبغضّ النظر عن مضنونها، وعن الاتّفاق معه أو مخالفته.

مايجب ذكره، أنّ يوسف القرضاوي دعا إلى الدماء عبر خطبه، وعبر كلمته المشؤومة: “اقتلوه ودمه في رقبتي”، واستنكاره على أوباما حين تراجع عن قصف سورية الحبيبة، ودعوته لقتل كلّ من يتعامل مع سورية، وبداية بعلماء سورية، وفي مقدمتهم سيّدنا محمّد سعيد رمضان البوطي، رحمة الله ورضوان الله عليه، -ودون أن يذكره بالإسم-

التحدّث هنا عن سورية الدولة والحضارة، التي عمرها عمر الكون. أمّا الأشخاص، فمن حقّ المرء، أن يأخذ منهم ويرد، وسواء كانوا أحياء أو أمواتا.

للأمانة، خطب يوسف القرضاوي الأولى، لم تكن تحمل الدعوة لسفك الدماء. لكن ظهرت دموية يوسف القرضاوي وبشكل واضح وجلي أثناء مايسمونه إعلاميا بـ: “الربيع العربي؟!”.

فقد يوسف القرضاوي في هذه المرحلة بالذات هدوءه، وحكمته، وفقهه، وعلمه، وفرّط في الكثير من صفاته الحسنة التي تميّز بها، وميّزته.

الإخوان وحرق الأوطان:

ظلّ يوسف القرضلوي، وفيا لعقيدة للإخوان وفكرة الإخوان، التي لاتؤمن بالوطن. رغم أنّه رفض رئاسة تنظيم الإخوان، وقال -فيما أتذكر، وفيما معناه-: أصبحت ملك الأمّة، ولم أعد ملك حزب.

ممّا لفت انتباه القارئ المتتبّع، أنّ يوسف القرضاوي دخل مصر، بعد انتصار الإخوان والرئيس محمد مرسي يومها،رحمة الله عليه دخول الفاتحين، وليس دخول الإبن المشتاق لوطنه، والمطرود منه منذ سنوات.

ساهم يوسف القرضاوي بخطبه النارية، وفيما يسمونه “الربيع العربي؟!”، في حرق ليبيا وسورية، -بالإضافة إلى عوامل آخرى-، لأنّ الفكر الإخواني لايؤمن بالولاء للوطن، ويؤمن بالولاء للمرشد الأعلى.

يتحدّث القارىء المتتبّع في هذا المقام، عن فكر وعقيدة راسخة، وليس عن مرحلة مؤقّتتة عابرة.

يوسف القرضاوي السياسي أساء ليوسف القرضاوي الفقيه:

ممّا وقف عنده القارىء المتتبّع، وهو يتابع سيرة يوسف القرضاوي رحمة الله عليه، أنّه في السنوات الأخيرة، تحوّل إلى سياسي بخطبه النارية، وعدم ثباته، وعدم اتّزانه، وفقدانه للصواب، وانغماسه في الدماء. ولم يعد ذلك القرضاوي الفقيه، الذي أبدع وأمتع، في بدايات حياته.

أساء يوسف القرضاوي السياسي، إلى يوسف القرضاوي الفقيه. وحرم الأمّة من مزايا فقه يوسف القرضاوي الفقيه، وحرم نفسه أوّلا من أن يكون أفضل وأحسن ممّا كان يملكه، ويتميّز به.

دماء يوسف القرضاوي وهو في أرذل العمر

من عجائب ماوقف عنده القارىء المتتبّع، أنّ يوسف القرضاوي كلّما تقدّم في العمر، كلّما توغّل فيالدماء. وهو الذي قال -فيما أتذكر-: بعدما بلغت الشيخوخة، أصبحت أكثر تسامحا، ورقّة في الفتاوى، بينما في شبابي كنت الشديد وغير المتسامح في الفتوى.

لكن الأيّام أثبتت عكس ماذكره، فأصبح أكثر دموية، وهو في أرذل العمر. ويكفي أنّ مطالبته بقتل العقيد معمر القذافي رحمة الله عليه، وحرق سورية، وقتل سيّدنا محمّد سعيد رمضان البوطي، ودون أن يذكره بالإسم، -بالإضافة إلى عوامل أخرى-، كانت كلّها في أرذل العمر، وليس في شبابه.

خاتمة:

رحم الله يوسف القرضاوي، الذي أثنينا على محاسنه، وذكرنا عيوبه، ودافعنا عنه ضدّ الحركى الجدد، الذين يكنون له كلّ الحقد والبغض.

الشلف – الجزائر

معمر حبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة