ننتظر زخّاتك يا ربّ
زهير دعيم
تاريخ النشر: 13/10/22 | 13:01الخريف باهتٌ، كئيب، بدون زخّات المطر تُغسّل الاشجار العارية والكاسية
الخريف حزينٌ بدون وهج البروق يُلوّن الآفاق ويزركش النواحي.
الخريف كلمةٌ جافّة، مُغبرّة بدون الغيمات تُوشّح السّماء وتُغطّي وجه شمسها نهارًا وقمرها ليلا، وترسم لوحاتٍ جميلةً تتماوج مع كلّ هبّة ريح.
الخريف الباهت، الكئيب، الحزين، يستوطن في هذه السّنة في بلادنا ويأبى ان يغادر….. إنّه عنيد، حرون وغليظ الرقبة..
وننظر الى السّماء، ونتوسّل الى المُبدع الأروع، ربّ الخيرات، لعلّه يُشفق علينا ويأمر الانحباس بالرّحيل.
ننظر الى الغرب، لعلّ هناك من غيمة صغيرة بقدر كفّ اليد، تأتينا من لدنه لتملأ أوديتنا وسواقينا بعسل الحياة، فتزغرد معها الحياة والحقول والبقول والزّنابق، وتدبّ الحياة في الانسان والحيوان وتجاعيد الزّمان.
إنّه المُعطي بلا مِنّة.
إنّه معطي الحياة وباعثها.
إنّه “كل ما شاء الربّ صنع في السماوات وفي الأرض، في البحار وفي كل اللجج. المصعد السحاب من أقاصي الأرض. الصانع بروقا للمطر. المخرج الريح من خزائنه ” ( مز 135).
لقد اشتقنا في الشّرق الى البقول يا سيّدي !!!…الى طبخة “العلت” و”الخبيزة” و”الهليون” والى كلّ خيراتك المجّانيّة تسكبها على الفقراء والمعدمين والاغنياء.
اشتقنا الى “قعدات” العائلة حول موقد النّار، نتلذّذ بشيّ الكستناء، والأحاديث الطّليّة والترنيمات تشقّ العنان الى السماء.
اشتقنا الى حبّات المطر تُوقّع فوق زجاج النوافذ سيمفونيّة جميلة.
اشتقنا الى العاصفة تطرد من نفوسنا الخمول والكسل وأوراق الخريف الصّفراء.
اشتقنا الى قوس قزح يُعيدنا الى محبتك، ويُذكّرنا بفجورنا وتوبتنا وبطوفانٍ لن يعود.
اشتقنا الى حساء شهيّ، نحتسيه على مَهَل ونحن نتناول من مائدة خيراتك عشاءَنا.
إنّنا نتوسّل اليــــــــــــك يا ربّ ونرجوك، فشرقنا يبكي بلا دموع، فالعطش أخذ منه مأخذًا، فشقّق خدوده، ويبّسَ شفتيْه.
إنّنا نتوسّل إليــــــــــــــك يا ربّ أن ترحم شعبك في الشّرق، فتُلمّع وجوهنا بدهن خيراتك، وتبلّ شفاهنا بغيثك، وتُحيي أوديتنا بمائك.
أتراني أحلم إن قلت :
غدًا أو بعد غد ستعود ترقص الموجات في أنهارنا وسواقينا.
غدًا أو بعد غد ستبتسم الازهار والزنابق واللوز في كرومنا ومروجنا.
غدّا أو بعد غد سترفع السنابل رؤوسها متباهية في حقولنا.
فقد كنت بالأمس وستكون اليوم وستكون غدا موسم فرحنا وخيرنا يا الله.