اتفاق ترسيم حدود أم صفقة ترسيم مصالح؟/ بقلم: أحمد حازم

تاريخ النشر: 15/10/22 | 19:10

لبنان هو الدولة الوحيدة في العالم العربي (وقد تكون أيضاً الوحيدة في العالم) التي يوجد لها مخرج بري واحد، وهو حدوده البرية مع سوريا شرقاً وشمالاً، والبحر الأبيض المتوسط من الغرب، أما من الجنوب فحدوده مع إسرائيل، التي يعتبرها لبنان دولة غاصبة محتلة لا يمكن إقامة علاقات معها أو حتى الحديث معها، خصوصاً مع تأسيس حزب الله عام 1982 ورفعه شعار مقاومة إسرائيل بكل الوسائل، وعدم التفاوض معها. حتى أن أدبيات حزب الله، لا يوجد فيها اسم إسرائيل بل “العدو الصهيوني”. لكن السياسة تتغير حسب المصالح. فبعد اكتشاف الغاز في مناطق حدودية بحرية مع إسرائيل، اضطر لبنان للجلوس مع هذا العدو الصهيوني للإتفاق على تقسيم منصات الغاز المكتشفة. لكن الجلوس على طاولة المفاوضلت ليس أمراً سهلاً، إلا عن طريق طرف ثالث. ومن سيكون هذا الطرف غير الولايات المتحدة المقبولة وساطتها لدى إسرائيل والداعمة دائما لها في المؤسسات الدولية. وبطبيعة الحال لا يستطيع لبنان الرسمي رفض الوساطة لأنه بحاجة للدعم الأمريكي. وهكذا بدأت حكاية التفاوض بين إسرائيل ولبنان الذي طالما رفض بشدة إجراء أية مفاوضات مع إسرائيل.
المفاوضات جرت ونم التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وهذا يعني الاتفاق على تقاسم ثروات الغاز الموجودة في المنطقة البحرية المشتركة. من الواضح تماما أن حزب الله كان له الدور الأكبر في هذه الاتفاقية، ولولا ذلك لما توصل الجانبان الى أي اتفاق، إذاً حزب الله كان المفاوض الخفي لهذا الاتفاق.
رسمياً،فإن إسرائيل ولبنان اعتبرا أن الاتفاق هو نصر لكل منهما، كما ورد في تصريحات لمسؤولين من كلا البلدبن. المسؤولون في لبنان وصفوا الاتفاق يأنه تاريخي وانتصار للبنان لأنه حصل على كل المطالب،حسب زعمهم. أما زعيم حزب الله، حسن نصر الله، فقد رأى في الاتفاق “إنجازاً كبيراً لم يكن ليتحقق لولا المسيّرات التي أطلقها حزب الله في اتجاه منصّة الغاز الإسرائيلية كاريش في يوليو/ تموز الماضي”. لكن هناك أصوات لبنانية انتقدت الاتفاق بلهجة شديدة لدرجة أن هذه الأصوات وصفت الاتفاق بأنه جريمة بحق الشعب اللبناني، وأن طبقات سياسية أبرمت هذه الصفقة لمصالح ذاتية.
وماذا تقول إسرائيل عن الاتفاق؟ مكتب رئيس الحكومة لابيد وصف الاتفاق بأنه” تطبيق حرفي لمفهوم كامب ديفيد وما تناسل منه؛ أوسلو، ووادي عربة، واتفاقات إبراهيمية”.وا لقادة السياسيون والأمنيون والعسكريون قالوا “ان الاتفاق يخدم مصالح إسرائيل الأمنية والاستراتيجية، ويحقق الهدوء على الحدود مع لبنان، ويبعد شبح الحرب، ويرسّخ الاستقرار في الحوض الشرقي للبحر المتوسط.” ورغم ان إسرائيل هي المستفيدة الأكثر من هذا الاتفاق، إلاّ أن المعارضة الإسرائيلية بزعامة نتنياهو شنت هجوماً عنيفاً على الاتفاق حيث وصفه نتنياهو بأنه “خضوع لإملاءات حزب الله”.
إذا كان الجانبان يعتبران الاتفاق نصرا لهما، فمن هو الخاسر في صفقة الترسيم؟ المُساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر، وهو حالياً مدير برنامج السّياسة العربيّة في “معهد واشنطن لدراسات الشّرق الأدنى” يجيب على هذا السؤال بالقول:” ان الشعب اللبناني الخاسر الأكبر في صفقة ترسيم الحدود البحرية، لأنّ الطّبقة السّياسيّة في لبنان أعدت ّ تحت الطّاولة لمُشاركة الشّركات التي ستعمل في البلوكات اللبنانيّة، وستستخرج النّفط والغاز والأموال بدون رقابة ولا مُحاسبة.” شيتكر على حق فيما قاله، لأن سياسي لبناني مخلص لوطنه، أكد لي وجود 16 شركة لبنانية وهمية أسستها الطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة، للإستفادة من منصات الغاز المكتشفة.
وأخيراً…
عضو الكنيست منصور عباس بقول ان ” السياسة فعل مش كلام.”. وأنا أقول “بلا كلام فارغ” لآننا لا نرى أفعالً بل كلاماً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة