لقاءات المصالحة الكاذبة وخداع الشعب الفلسطيني

كتب: الإعلامي أحمد حازم

تاريخ النشر: 16/10/22 | 11:20

صورة كبيرة نشرتها صحف فلسطينية وجزائرية وصحف عربية أخرى، جمعت قيادات التنظيمات الفلسطينية في لقاء المصالحة الذي جرى مؤخراً في الجزائر برعاية الرئيس الجزائري. هذه الصورة أظهرت قادة الفصائل الفلسطينية وهم مصطفون الى جانب بعضهم البعض رافعين أياديهم المتشابكة كعلامة رضا على ما جرى. من يرى الصورة يعتفد بأن الخلاف بينهم وبالتحديد بين حركتي حماس وفتح قد انتهى و”وصافي يا لبن”. لكن مثل هذه الصورة نشاهدها منذ 15 سنة، وكل مرة يقولون لنا نفس الكلام. يعني يجترون الكلام نفسه. إذا نفس “طق الحمك” ونقس الصور ونفس البيانات، ولا جديد في هذا اللقاء عن غيره، سور انعقاده في الجزائر.

اللقاء الفلسطيني في الجزائر لم يكن ليجري بدون موافقة مصرية وبالتحديد بدون موافقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يملك وسيلة الضغط الرئيسية على قطاع غزة، لأن حدود غزة مع مصر هي المتنفس الوحيد لأهل القطاع. والسيسي لا يمكن أن يوافق على عقد ما أسموه “لقاء المصالحة” في الجزائر بدون مقابل.، ولا يسنطيع قادة حماس وفتح وغيرهم الذهاب للجزائر بدون ضوء أخضر من السيسي، لأن القاهرة كانت دائماً “مربط خيول” التنظيمات الفلسطينية وتعتبر المقر شبه الدائم لاجتماعات “المصالحة”.

تحدثوا في لقاء الجزائر عن العديد من الأمور، لكن بيانهم النهائي لم يتضمن أي فقرة تتحدث عن حكومة وحدة وطنية فلسطينية. فهل الوحدة غير مهمة بنظرهم، وأقصد هل حكومة فلسطينية مؤلفة من جميع الفصائل غير مرغوب فيها والإبقاء على حكومة من لون واحد؟ والسؤال المحير دائماً، لماذا لا يتصالح الفلسطينيون فيما بينهم بدون وصاية منت الخارج؟ هل صعب على “الأخوة” أن يقوموا وحدهم بإزالة الغيوم من سمائهم وإزالة البقع السوداء في علاقاتهم؟ وهل يحتاج هذا الأمر إلى تدخل عربي؟ كيف يمكن الوثوق بهم فلسطينياً وهم نفسهم لا يثقون ببعضهم البعض، وهم نفسهم راضون بتدخل عربي لتسيير أمورهم ؟ حتى هذا التدخل لم يساعدهم في إعادة المياه إلى مجاريها فيما بينهم.

المشكلة ليست في الشعب الفلسطيني، بل المشكلة في قيادات الننظيمات الفلسطينية وبالتحديد في حركتي حماس وفتح. وهما الحركتان الرئيسيتان لأن الأولى تحكم في غزة والثانية تحكم في الضفة الغربية. ويبدو أن الجانبين مرتاحان لهذا “التقسيم” فكلاهما له “دويلته” وكلاهما لا يملك القرار بل يأتيهما القرار “من فوق” وكان الله بعون الناس “اللي تحت”.

يقول “إعلان الجزائر للمصالحة الوطنية” أن أولى خطوات بدء تنفيذ الإعلان ستبدأ الشهر المقبل. “ليش يا فصائل”؟ ولماذا لم يبدأ التنفيذ فور الإعلان عن التوافق؟ مؤسف جدا، القول ان القرار الفلسطيني ليس بيد الفلسطينيين بل بيد أو بأيادي أخرى. والتنظيمات الفلسطينية التي (كما يقولون وكما جاء قي إعلان المصالحة) اتفقوا ، ولكن هذا الاتفاق بحاجة إلى مباركة الأنظمة العربية، وكأن هذه الأنظمة هي المسؤولة عن الفلسطينيين. ولذلك سيتم عرض الاتفاق على القمة العربية الشهر المقبل في العاصمة الجزائرية، والمجتمعون في القمة هم أصحاب القول الفصل وهم الذين يثبتون الاتفاق مما يعني بوضوح عدم استقلالية القرار الفلسطيني.

مصدر فتحاوي أكد لي، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أوعر إلى عزام الأحمد رئيس وفد حركة فتح في اللقاء، أن يطرح ضرورة موافقة الأطراف المجتمعة عل احترام اتفاقيات السلطة الفلسطينية، ما يعني احترام التنسيق الأمني، وكادت الإجتماعات أن تنفجر، وتم رفض هذا الطرح. قادة حركة فتح وحماس وخلال اجتماع المصالحة في مكة المكرمة في العام 2007، أقسموا اليمين وهم يطوفون حول الكعبة،على تنفيذ كل بنود الاتفاق الذي توصلوا إليه برعاية سعودية. لكن الاتفاق ورغم “القسم” كان مجرد حبر على ورق. هم لم يلتزموا “بالقسم” في مكة ولم يحترموه، فكيف يمكن أن يحترموا اتفاقاً بدون “قسم” في الجزائر؟

وأخيراً…
الصدق والحقيقة “أقرب إلى الناس” للتأثير وليس الكذب والخداع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة