الجزائر، وسيّدنا الأمير عبد القادر، والأتراك من خلال المجرم المحتلّ شار فيرو
معمر حبار
تاريخ النشر: 16/10/22 | 13:14مقدمة:
الكتاب: شار فيرو، “بوعكاز وأولاد عاشور، حكام مشيخة فرجيوة، خلال القرن 17، و18، و19″، ترجمة: عبدالحليم حدمسعود، دار خيال، برج بوعريرج، الجزائر، من، أفريل 2022، من 140 صفحة.
سبق للقارىء المتتبّع، أن اشترى وقرأ للمجرم المحتلّ شارل فيرو كتابه:
“HISTOIRE DES VILLES DE LA PROVINCE DE CONSTANTINE[1]”
وعلّق عليه عبر مقال[2].
عظمة الأمير عبد القادر من خلال المجرم المحتلّ شارل فيرو:
أقول: لم يتعامل الاستدمار الفرنسي مع الخونة المجرمين، على أنّهم سلطة مستقلّة، بل تعامل معهم على أنّهم تبع يخضعون لأوامره، وقد رضوا بذلك طواعية.
ممّا وقف عنده القارىء المتتبّع، ولم يذكره الكاتب: تعامل الاستدمار الفرنسي مع سيّدنا الأمير عبد القادر، رحمة الله ورضوان الله عليه، على أنّه سلطة مستقلُة، وذات هيبة، وقوُة، ومنعة، وسيادة، ورجولة، وشجاعة، وصاحب قرار.
تعاون بوعكاز مع المحتلّ الفرنسي، “من أجل منع الأمير عبد القادر من الاستيلاء عليها بالقوّة كما نصّت عليه معاهدة تافنة”. 76
قال: “أثناء الحصار الذي ضربه الأمير عبد القادر على سطيف، ساعدنا بوعكاز في مناسبات عديدة بالإمدادات، تارة إلى سطيف، وتارة إلى جيجل التي كانت تمرّ بظروف مشابهة”. 82
قال، وهو يصف عظمة الأمير عبد القادر: “الحملات الرّائعة للأمير الشاب في مقاطعة الجزائر والتي كلّلت بأخذ زمالة الأمير عبد القادر أكسبته شهرة كانت قد سبقته”. 85
تحدّث المجرم المحتلّ فيرو عن عظمة الأمير عبد القادر، فقال: “اهتم بشكل خاص بإدارة الأهالي بطريقة مابأيدي السلطة التقديرية للقياد والقضاة. العدالة، توزيع الأراضي الفلاحية، قضايا الضرائب، التعليم العمومي، صلاحيات زعماء القبائل، كلّ هذا تمت دراسته وضبطه، علاقات السلطات بالأهالي تمّ تعديلها تحت رعايته بطريقة جعلت من غير الفائدة اللّجوء إلى وساطة زعماء العرب التي كنا قد اضطررنا إلى اللّجوء إليها مبدئيا”.86.85
أقول: ممّا وقفت عنده: تكمن عظمة الأمير عبد القادر، في أنّه قطع واسطة الخونة، التي كان يعتمد عليها المحتلّ الفرنسي المجرم، لاحتلال وتثبيت ووتوسيع احتلاله.
قال: “دحر أحمد باي خليفة الأمير عبد القادر نحو الصحراء، وأخيرا احتلال بسكرة من طرف قواتنا”. 89
وصف المجرم المحتلّ شارل لافيرو،عظمة سيّدنا الأمير عبد القادر، وهو عائد من شرق الجزائر، فقال: “بعد هذه الانتصارات، عاد الأمير إلى سطيف (…) في طريقه، وفي كلّ مكان، لقي ترحيبا حارا من قبل السكان الذين يدينون لعدالته بالهناء والخيرات التي يتمتّعون بها”. 90
يصف المجرم فيرو “استسلام؟ !” سيّدنا الأمير عبد القادر “بالمذل؟ !”، عبر صفحة 95، لكنه يتعمّد -أقول يتعمّد-، أن لايذكر أنّه فرض عليه الاستسلام من جهات عديدة كثيرة. مايدلّ على حقد المجرم فيرو على سيّدنا الأمير عبد القادر.
هذا وجه آخر من أوجه المجرم فيرو، التي وقف عليها القارىء المتتبّع، وهو يقرأ ويعيد قراءة الكتاب.
مع العلم، هو الذي قال عن سيّدنا الأمير عبد القادر بالحرف: “التي كان عدوا لها (فرنسا المحتلّة) عدوا لها خمسة عشر سنة”
فساد الأتراك في الجزائر حسب المجرم المحتلّ شارل فيرو
تطرّق المجرم المحتلّ شار فيرو -كعادته-، للوجود العثماني بالجزائر. وكان صادقا أمينا في الوصف، ولو أنّ الغاية كانت لأغراض تثبيت الاستدمار الفرنسي، من خلال المقارنة وتفضيل الاحتلال الفرنسي المجرم. وممّا جاء في الكتاب:
“بعد عجز (الأتراك) عن الحدّ من نفوذ هذه الشخصيات الصلبة المراس، لم يتوانى في اللّجوء إلى الدسائس وبثّ روح الفرقة، وهي السياسة التي أفلحوا فيها لإسقاط كلّ العائلات الإقطاعية الجزائرية”. 18
“قال: كان البايات يستخدمون البعض للقضاء على البعض الآخر إذا وجدوا مصلحة في ذلك”. 21
“قال: فالسياسة التركية لم تهدف إلاّ للتقسيم وزرع الشقاق”. 21
أقول: اقتتال البايات، والأتراك من أجل المناصب، جعل بعضهم يمكث في الحكم 15 يوما فقط، كما جاء في هامش صفحة 27، وفي سنة 1808.
قال: الاعدام سنة البايات، والأتراك. 29
“قال: شهوة الباي لهدايا، وخصوصا ولعه بالمال، جعلت دائما من القادر على تقديم أكبر عطاء يتقدم لديه على منافسيه”. 36
قال: وفقا للعرف التركي: لاأحد يستطيع أن ينال وظيفة، والولاء المطلق، دون دفع حقّ البرنوس (أي الرشوة). 67
قال: كما تمكّن الأتراك من بثّ النزاعات بين أفراد جميع أفراد العائلات المؤثّرة. 64
أقول: ابتليت الجزائر بتركي فاسد مفسد، وبفرنسي مجرم محتلّ. فاجتمع الفساد والإجرام لتركيع الجزائر. وما زلنا نعاني مظاهره المختلفة، والخفية منها والمعلنة، وعبر تصرفات يومية، وشخصية، ورسمية ودون استثناء.
اللّغوي المترجم شارل فيرو من خلال الكتاب:
المجرم شارل فيرو: رجل يكتب، وغزير الكتابة، ويتقن اللّغة العربية، ويقرأ أمّات الكتب، وأفنى حياته في دراسة وفهم المجتمع الجزائري لأغراض تثبيت الاستدمار الفرنسي في الجزائر. واتّسمت كتاباته -التي قرأناها وعرضناها وانتعقدناها-، بالصّدق في النقل، والأمانة في الوصف، ولأغراض تتعلّق بتثبيت الاحتلال الفرنسي.
أقول: نقل فيرو الشعر الملحون، كما هو بالعامية الجزائرية. مايدلّ أنّه متمكّن في اللّغة العربية، والعامية الجزائرية، وفي الشعر الملحون. 22.23
أضيف: وفي صفحات 49.48، قصائد من الشعر الملحون نقلها فيرو. حتّى أنّ المترجم صوّرها كما هي، وأعاد نقلها عبر ترجمة الكتاب. مايدل على تحكم فيرو الفرنسي في اللّغة العربية، والشعر الملحون، ويكفي أنّ المترجم قام بتصوير القصائد، كما هي.
المجرم المحتلّ شارل فيرو من خلال الكتاب:
في المقابل، فإنّ شار فيرو، مجرم، ومحتلّ، ومغتصب، وشارك في احتلال ونهب الجزائر بسيفه في المعارك التي خاضها ضدّ الأحرار من الجزائريين، وفي غزو الجزائر، ونهب خيراتها، وكان أحد جنود وقادة الجيش الفرنسي المحتلّ المغتصب.
شارك في احتلال الجزائر بكتاباته، ووصفه الدقيق لعادات وتقاليد المجتمع الجزائري لأجل احتلاله، ونهبه، وتقسيمه. وكان مستشارا للجيش الفرنسي المجرم المحتل، فيما يتعلّق باحتلال ونهب الجزائر، باعتبار درس المجتمع الجزائري، دراسة وافية ودقيقة، ووظّفها في خدمة تثبيت الاستدمار الفرنسي، واحتلال الجزائر.
أمثلة عن جرائم المجرم المحتلّ شارل فيرو من خلال أقواله:
أقول: يتحدّث المجرم المحتلّ شارل لافيرو، وعبر كلّ صفحات الكتاب ، عن مراحل وطرق الاحتلال الفرنسي للجزائر، مستعملا ضمير المتكلّم وهو يتحدّث بثقة وافتخار، عن جرائمه وجرائم الاستدمار الفرنسي، التي شارك فيها بسيفه وحبره. وبلغة الجنرال المحتلّ المجرم السّفاح، وينسبها إليه بافتخار واعتزاز. مايدلّ أنّه مجرم محتلّ مغتصب. وأنّه من المنظرين للاستدمار الفرنسي، ومن الركائز التي اعتمد عليها الاستدمار الفرنسي لاحتلال الجزائر بالسيف والقلم، ومن الذين شاركوا وبرّروا للاحتلال.
أقول: افتخار فيرو باحتلال الجزائر، وقسنطينة، وقمعه للمجاهدين. 81
قال فيرو المجرم: “نملك القوّة والإرادة لنكون سادة هذه البلاد وأن نرسخ أقدامنا فيها”. 82
أقول: شارك المجرم فيرو في احتلال قسنطينة سنتي 1836.1837. مايدلّ أنّه مجرم محتلّ مغتصب مستدمر. وشارك في استدمار الجزائر بسيفه وحبره. 60
قال المجرم فيرو، وهو يتحدّث عن ظروف احتلال الجزائر: حماية الاستدمار الفرنسي لبعض العائلات والشخصيات، كان له تأثير معنوي في نفوس القبائل التي يسهل الوصول إليها، وتجلب التعاطف معنا. 66
أقول: ألّف فيرو هذا الكتاب، بعد كتابه المذكور في مقدمة المقال. وقد أشار إليه في هامش صفحة 24.
قال فيرو بشأن جريمة احتلال قسنطينة: “لجأنا لاستعمال تأثير الموظفين القدامى الذين أظهروا لنا خضوعهم”. 62
أقول: يتحدّث عن الخونة الحركى، منذ الأيّام الأولى للاستدمار الفرنسي.
“قال: كان من الضروري أن نظهر للأهالي من البداية أنّنا نحترم معتقداتهم، ولا نريد تغيير أيّ شيء، ولا هدم أي شيء يتعلّق بعادلتهم وتقاليدهم” 62
أقول: يتحدّث عن استعمال الغزو الثقافي كوسيلة ناعمة لاحتلال الجزائر، وكسب قلوب الجزائريين باسم الدين، لترسيخ الاحتلال وتثبيته، بما يدغدغ العواطف، ويجعلها تميل لقبول الاستدمار، ورفض مقاومته، وكلّ من يحاربه؟.
أقول: يبرّر المجرم فيرو للاحتلال، قائلا: “ينبغي علينا استحضار وضعنا أنذاك والذي لم يسمح لنا بالتصرف سوى بتلك الطريقة” 63.
أقول: يقصد التبرير للجرائم، والاغتصاب التي قام بها المستدمر، ولم يكن أمامنا غير الهمجية، والقتل، والترويع، والنهب، والاغتصاب.
أقول: أعجب المجرم المحتلّ شارل فيرؤو، بعظمة وشجاعة الجزائريين، أثناء احتلال الجزائر، وقال: “التي كانت محطة قاتلة لجنودنا الشباب الذين لم يعتادوا على مقاتلة العرب المندفعين نحو القتال بجموح”. 41
ينسب المدن الجزائرية التي احتلّها المستدمر إلى نفسه، وبصيغة المتكلّم، وكذا الاحتلال، والسّيطرة، والقوّة، والجنود، كقوله:
“اليوم: مدينتنا سطيف. 42″، “عندما تقدّم جيشنا أمام قسنطينة.60”. “في شأن غزوتنا الجديدة. 61″، “غزوتنا الجديدة. 61″، “ضمان سيطرتنا القانونية. 62″، “رجالنا الجدد من الأهالي. 63″، “الخاضعين بمحض إرادتهم لسيطرتنا. 63″، “احتلالنا للمدينة.64″، “بسبب احتلالنا. 66″، “التابعة لنا.67″، “الخاضعين لحكمنا.71″، “في طاعتنا هذا البلد المجاور لنا.71″، “يستفز تدخلنا.72″، “من أجل بسط نفوذنا.72″، “بقواتنا.78″، “احتلال بسكرة من طرف قواتنا.89″، “في أوساط جنودنا.100”.
قيمة الكتاب من قيمة المترجم عبدالحليم حدمسعود
أبدع المترجم عبر الهوامش، من حيث الإضافات القيّمة.
أجاد المترجم حين أعاد ضبط الأماكن، والبلديات، وربطها بالولايات والبلديات الحالية المعاصرة. وكم أتمنى أن يكون عمله هذا، قدوة لمن سيأتي من بعده.
كان المترجم صادقا، وأمينا، ومحترفا حين راح يبيّن في بعض الهوامش، أنّه وبعد البحث، لم يعثر على معنى الكلمة التي استعملها الكاتب، كما هو واضح في هامش صفحة 78 وغيرها.
ذكر المترجم أنّه “لم يعثر على ترجمة وافية لهذه العبارة”، في هامش صفحة 80. مايدل على صدق، وأمانة المترجم.
أعجبني المترجم، وهو يعيد كتابة الأسماء الفرنسية باللّغة العربية، ثمّ يعقّب قائلا: (… بالفرنسية)، ثمّ يذكر الإسم باللّغة الفرنسية. كما هو مذكور -على سبيل المثال- في هامش صفحة 90
يذكر المترجم أنّه لم يجد معنى كلمة la diffa في قواميس اللّغة الفرنسية، كما هو مذكور في هامش صفحة 92، والتي تعني من خلال سياق الكلام، أنّها الضيافة. مايعني أمانة، وصدق، واحترافية المترجم التي يظلّ القارىء المتتبّع يشكره عليها. والكلمات العامية الجزائرية التي تصاغ باللّغة الأجنبية، تحتاج لإعادة صياغتها حسب صياغتها العربية، والتي تحتاج لجهد وبحث وأمانة. وقد توفّرت هذه الخصال في المترجم. وللزيادة، راجع أيضا هامش صفحة 103.
نصائح معمر حبار للمترجم عبدالحليم حدمسعود العزيز علينا:
ضرورة إعادة نقل صورة الكتاب الأصلي.
إعادة كتابة العنوان الأصلي للكتاب، والنسخة التي اعتمد عليها المترجم.
تصحيح الأخطاء المطبعية، كالحروف الناقصة، والحروف المتباعدة كما هو في صفحة 127.
وضع فهرس للأعلام، والأماكن، والكتب المذكورة.
إعادة صياغة ترجمة بعض الكلمات، كالتي وقفت عليها في السطر 11 من صفحة 56.
استعمال “غير”، عوض “الغير”.
صفحات: 111.110، و 115.114، و 119.118. بيضاء اللّون، ولا أثر لحرف واحد من الكتابة. ولا أعرف -لغاية هذه الأسطر- محتوى هذه الصفحات.
وبما أنّي أتعمّد “تلطيخ؟ !” الكتاب بملاحظاتي، فلم أعرف عيب النسخة إلاّ بعد أن وصلت للبياض، ولم أستطع حينها إعادة النسخة لصاحبة المكتبة، واكتفيت بالنسخة التي بين يدي.
استعمال علامات التنقيط.
[1] L.Charles feraud « HISTOIRE DES VILLES DE LA PROVINCE DE CONSTANTINE », Edition Awrak thakafia, Jijel, 2006, Contient 204 Pages. [2] مقالنا بعنوان: رحلتي إلى جيجل- الحلقة 10.. جيجل كما يراها شارل فيرو – معمر حبار—
الشلف – الجزائر
معمر حبار