دعوني… أريدُ أن أهاجر
زهير دعيم
تاريخ النشر: 16/10/22 | 9:15لطالما تغزّلْتُ ببلدتي عبلّين ؛ هذه العروس القابعة كما الخال الجميل على خدّ الجليل …
ولطالما رفعْتُ رأسي شَمَمًا وأنا أقول :
جليليٌّ أنا أعشق التينَ والحَبَقَ والمنتور والقرّيص والبُحيرة العاشقة لآثار القداسة .
تغزّلْتُ وما ندمتُ ، فأرضنا ترفل فعلًا بالقداسة ، وتتسربلُ بالأمجاد .
ولكن !!!
ولا أُخفيكم سرًّا إنْ قلت لكم لقد راودتني أكثر من مرّةٍ فكرة الهجرة والفرار الى أوروبا ..
تراودني حينًا وسَرعان ما تندحر أمام ثقل السنين وعددها ، رغم أنّني وبعد كلّ سفرة- وكثيرًا ما أُسافر- أتوق بعد أيام قليلة الى هذا الوطن الجميل والذي زرعه الماضي فِيَّ لوحةً جميلةً تنقط عفويةً وعُذريةً وسلامًا .
تُراودني ؛ وكيف لا وبعد كلّ غروب شمس هناك قتيل هنا وضحية وضحايا هناك، وجرحى واطلاق رصاص وإتاوات وسوق سوداء تعربد .
وحدّث ولا حَرَج . .
فقد أضحى مجتمعنا العربيّ وللأسف عنيفًا ، شرسًا ، يستعذبُ الدّمَ والألم ، ويتغزّل بالدّموع والأسى والمصائب .
وما يؤلمني حقًّا أنّنا نعدّ الضّحايا وننسى الجرحى والخوف والرُّعب ، وليس هناك مَنْ يرفع عقيرته بالصُّراخ المقرون بالعمل قائلًا :
كفى.. كفى.. نريد حلًّا جذريًّا.. نريد أمانًا ..
حقيقة لقد سرقتم منا الطمأنينة ، وسلبتم النوم من عيوننا وهدأة البال ، وأجبرتمونا عُنوةً أن نحضر في كلّ ليلة وعلى مسرح حياتنا فيلمًا مرعبًا بل أفلامًا ، يكوكب فيها المُسدّس والكلاشينكوف والرّشّاش الى جانب البغضاء والوحشية ..
صدّقوني أنّني افتخرت وما زلْتُ افتخر أنّني ولدت في هذه البقعة المُقدّسة الجميلة ، ولكنني في عين الوقت أتوق للهرب الى حيث السّكينة تُعشّش ، والسّلام يُشرق، والبغضاء تغيب.
أتراني وحدي أفكّر بالهجرة ؟!!
أتراني وحدي أمقت هذا العنف الأسود الذي بات يؤرّقنا جميعًا ..
لسْتُ أدري..