متنفَّس عبرَ القضبان (66)
حسن عبادي/ حيفا
تاريخ النشر: 18/10/22 | 10:23بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّبت الروائيّة المقدسيّة ديمة السمان: ” نعم.. هو متنفّس حقا.. يزفرون كلماتهم آهة وجع تدمي القلوب.. ولكن .. ترفع عن قلوبهم شيئا من المعاناة… دامت المبادرات الخيّرة الانسانية بامتياز”.
وعقّبت الكاتبة المقدسيّة نزهة الرملاوي: “قصص اعتقال مملوءة بالقهر والصمود والأمل، شكرا لمبادرتك المتفردة في العطاء استاذ حسن العبادي فلا حدود للإنسانية فك الله قيود اسيراتنا الماجدات وأسرانا البواسل”.
“بِدها تمكين”
التقيت صباح الثلاثاء 11 تشرين أول 2022 في سجن الدامون/ أعالي الكرمل بالأسيرة مريم خالد عبد المجيد عرفات (اعتقال “جديد” منذ 20.08.2022).
حدّثتها بداية عن مبادرتي لزيارتها بناءً على توصية رنا داوود، أخبرتني عن عذاب بيتاح تكفا ووضع زميلات الأسر، وخاصّة أسيرات العزل (فدوى وأزهار ونوال) والدورات التعليميّة والتثقيفيّة المكثّفة.
تحدّثت بحرقة عن تهميش الحركة الأسيرة وإهمال قضيّتها، وأهميّة تدويل ملف الأسرى وقضيّتهم، وضرورة الحراك المحلّي وأثره، فلا يمكننا مطالبة المجتمع الدولي بالتحرّك ونحن مكتوفي الأيدي.
هذا الاعتقال يختلف عن سابقيه وله خصوصيّته، شلّ عملها ونشاطها التمكينيّ، ونشاطها كسفيرة المسؤولية المجتمعية وعملها في جامعة السلام العربي، وقلقة على الشهادات التي لم تصل أصحابها بعد، رُغم الجهد الجهيد الذي بُذل، ولكنّه قوّاها وجعلها أكثر إيمانًا بصدق طريقها.
تناولنا وضع الحركة الأسيرة عامّة، وضرورة تفعيل الملف ليظلّ على المحكّ، كلّ الوقت.
تناولنا أدبيّات الأسرى ومستجداّتها وآخر التحديثات وراتب حريبات.
تبارك لرنا بالعُمرة.
“صار لصينيّة الخضار مذاق آخر”
بعد اللقاء بمريم أطلّت الأسيرة تحرير عدنان محمد أبو سرية تلازمها ابتسامة طفولية (أسيرة نابلسية معتقلة منذ 20.08.2022).
تحدّثتا بداية عن رنا داوود واشتياقها لها، عتبانه عليها وتوقّعت تيجيها، بتحبّها ومشتاقه إلها كثير، أخبرتني عن لحظة الاعتقال والتعذيب في بيتاح تكفا حتى وصولها الدامون.
حدّثتني بشغف عن صينيّة الخضار التي حضّرتها والكبسة والمقلوبة، في السجن صار لها مذاق آخر.
آلمها مصادرة المخابرات لرسالتها إلى مخيم جنين الصمود.
تكتب وتدوّن الاعتقال والأسر، التحقيق ومراحله والتعذيب الذي مرّت به؛ وكم كانت سعيدة حين أخبرتها بولادة ابنة أختها وصورتها.
حدّثتني بحرقة عن “العدد” المقيت وزميلات الأسر وانتظارها سماع صوت أختها يوم الجمعة عبر الإذاعة، وهذا أضعف الإيمان.
أخبرتني بفرحة الصبايا لمشاهدة التقارير حول صدور كتاب “الكتابة على ضوء شمعة” وطلبت توصيل التحايا لأهل جنين ونابلس في حفل إطلاق الكتاب.
“احلم، وحقّق حلمك”
التقيت صباح الخميس 13 تشرين أول 2022 في سجن مجيدو بالأسير عزمي سهل عزمي نفاع، أطلّ مبتسمًا لنبدأ حديثنا عن مستجدّات علاجه الطبّي وتحرير الشفّة إثر تلك الرصاصة الغاشمة التي فتّتت فكّه العلوي وشفتيه، ودور جمعيّة “أطباء لحقوق الإنسان” المبارك، وبستنّى ترميمها.
ينتظر بفارغ الصبر السماح له بلقاء أخيه فيصل الذي سيتحرّر من أسره بعد عشرين يوم (التقيا في حينه لمدّة شهر في سجن الجلبوع).
أدمن عزمي قراءة صحيفة “يديعوت احرونوت”، وتروق له تعدّديتها (على حدّ قوله) الفكريّة والنقديّة والديموقراطيّة، وجرأة تعاملها مع المؤسسات وفضحها، وانفتاحها، وأعربت له عن وجهة نظري تجاهها ومحاولة شيطنة كلّ ما هو عربي في الإعلام العبري.
اتخذ له شعارًا “بدّي أعيش الحريّة بصحّة” فيعمل على الاهتمام بحاله نفسيًا وبدنيًا وعقليًا ساعيًا للنجاح ساعة الحريّة المشتهاة؛ ولسان حاله يقول “احلم وحقّق حلمك”.
لكم أعزاءي مريم وتحرير وعزمي كل التحايا، والحريّة القريبة لكُم ولجميع أسرى الحريّة.
حيفا/ تشرين أول 2022