ملابس العيد تعمق مفهوم "الثواب" عند الأطفال
تاريخ النشر: 05/11/11 | 0:50مع اقتراب حلول العيد تتوافد الأسر على الأسواق لشراء احتياجاتها لتلك المناسبة، فيما يُظهر الأطفال حماسة كبيرة للحصول على ملابس جديدة يرتدونها أمام الأقارب والأصدقاء.
وعلى الرغم مما تتطلبه عملية شراء الملابس من جهد ومال يبذلان للحصول على أفضل الخيارات المتاحة أمام أفراد الأسرة، إلا أن بعض أولياء الأمور لا يدركون تماماً حقيقة الأثر النفسي لامتلاك ملابس جديدة في العيد على الأطفال.
ويرى مختصون أن ارتداء الملابس الجديدة في العيد لها تأثير أكبر على نفسية الطفل من الأمور الأخرى التي تقدم له في تلك الأيام، فهو أمر يشيع بين أقرانه في تلك الفترة، كما أنه يجلب له مديح الأقارب والأصدقاء، وهو ما يحب الطفل سماعه.
مفهوم “الثواب” ويشير الدكتور أشرف القضاة، وهو أستاذ مساعد بعلم النفس من الجامعة الأردنية، إلى أن الحصول على الملابس الجديدة في العيد بالنسبة للأطفال، هو أمر على قدر من الأهمية من الناحية النفسية والتربوية؛ فهو يعمق مفهوم الثواب عند الطفل، لارتباطه بالعيد الذي يمثل مكافأة للمسلمين، فالأطفال عموماً يجدون صعوبة في استيعاب مفاهيم المكافأت في الآخرة، إلا أنه سيسهل عليهم فهمها إذا ما رأوها في واقعهم، بحسب رأيه.
وقال القضاة إن الملابس الجديدة تشكل مكافأة واقعية يراها الطفل ويخبرها، ما يسهل عليه الاقتناع بوجود المكافأت والتعزيزات الناتجة عن سلوك الطاعة والالتزام بأوامر الشرع”، ليعمق بذك من إحساس الطفل بأنه جزء “مرغوب به” من مجتمع كلي، وينعكس ذلك إيجابياً على صحته النفسية والروحية لاحقاً.
من ناحية أخرى؛ يرى القضاة، وهو محاضر من قسم علم النفس بكلية الآداب بالجامعة، أن الملابس الجديدة تشكل كذلك تعزيزاً لسلوك الطفل الموسوم بالطاعة، فمثلاً بالنسبة لعيد الفطر يصوم الكثير من الأطفال سعياً لتحقيق رغبة الأهل، مع معرفتهم بوجود مكافأة على هذا السلوك، والتي تأتي في العادة على شكل ملابس جديدة في العيد.
مخاطر الحرمان وحذر الباحث في مجال الضغوط النفسية والتكيف من أن الأطفال بعد سن العامين والنصف يبدأون بالتأثر بالحرمان من الملابس الجديدة، وهي المرحلة العمرية التي يبدأ فيها الطفل بتشكيل علاقات اجتماعية مع الآخرين.
وقال: “يتوقع الأطفال في العادة أن يحصلوا على ملابس جديدة لارتدائها في أيام العيد، وهي مرحلة تعقب فترة يتخللها أداء للعبادات كالصيام بالنسبة لعيد الفطر، وزيادة الالتزام بالصلاة وقراءة القرآن بالنسبة لعيد الأضحى”.
وتابع القضاة حديثه: “في حال لم يحصل الطفل على مكافأته بعد قيامه بـ “السلوك المرغوب” المتصل بالعبادات والطاعة، والذي يحثه عليه المجتمع والأسرة، فإن يشعر بأنه من غير المؤكد أن يحصل الفرد على مكافأة عند التزامه بالطاعة والعبادات كما يقول الكبار”، وعند غياب المكافآت والتعزيزات الحياتية التي يسهل فهمها من قبل الطفل، فإن ذلك قد “ينعكس سلباً على إيمانيات الطفل بما تؤمن به أسرته ويؤمن به المجتمع”.
كما نوه إلى أن غياب مكافأة العيد قد يُشعر الطفل بالنقص والإحباط و”عدم التأكد” uncertainity، وكذلك بالحرمان مما يتمتع به أقرانه.
جوانب اقتصادية وفيما يتعلق بالأسر غير المقتدرة؛ أشار الاختصاصي بعلم النفس إلى أنه يمكن لتلك الأسر التعامل مع موضوع الملابس الجديدة بأساليب مختلفة، إلا أنه من الضروري أن يتواءم ذلك مع واقعها ضماناً لاستقرارها، مشدداً على ضرورة أن تنأى الأسرة بنفسها عن مجاراة الآخرين في هذا المجال.
ويورد القضاة بعض الطرق التي يمكن أن تلجأ لها تلك الأسر للتعامل مع هذه المسألة؛ حيث يمكن إضافة قطعة من الحلي على ملابس سبق للطفل ارتداؤها، بالنسبة للإناث، أو شراء قطعة واحدة من الملابس كقميص، بحيث تكون مرغوباً بها من جانب الطفل لاحتوائها مثلاً على رسوم محببة له، ليرتديها مع قطعة أخرى قديمة.
إلا أن نوه بأن هذا الأمر قد يلاقي قبولاً من قبل الأطفال ممن هم دون سن الرابعة، فيما قد لا يتقبل في العادة الأطفال الأكبر سناً ذلك، لذا يجب في تلك الحالة مراعاتهم وعدم فرض ذلك عليهم.
وهنا يقترح الاختصاصي بعلم النفس العمل على توفير” ملابس جديدة” بمفهوم الطفل؛ كشراء ملابس مستعملة بثمن أقل وتجهيزها للطفل؛ فهي ستكون “جديدة” بالنسبة له.
وحول لجوء بعض الأسر إلى إطلاع الأطفال الأكبر سناً على الوضع الاقتصادي للأسرة، قال الاختصاصي :”عادة ما يدرك الأطفال الأكبر سناً أن الوضع الاقتصادي للأسرة ليس خطأهم، وكثيراً ما يبدأون بلوم الأب والأم على ذلك”.
وهنا يشجع الاختصاصي بعلم النفس الأسر على وضع خطة مالية تشمل مناسبات العيد، بحيث تتضمن بنوداً للتوفير الشهري بمبالغ بسيطة يتم رصدها لحاجيات الأطفال في فترة العيد.
الأطفال الكبار كما ينصح الأهل بالتوجه نحو استبدال مبادىء التعزيز المتصلة بالمكافأة المباشرة عند الطفل بمبادئ التعزيز المتصلة بالمكافأة المؤجلة (المكافأة الإلهية)، وذلك بعد سن الرابعة عشرة.
وقال:”يبدأ الأهل بإدخال مفهوم تلك المكافأة بجزأين هما: المكافأة المستمرة؛ وهي أن الله يحفظ ما هو موجود أصلا من النعم مثل الصحة، نعم البصر والسمع، الهيئة الجميلة، الحفظ من الحوادث، وغيرها”.
أما بالنسبة للجزء الثاني وهو المكافأة المؤجلة الأخروية؛ فأوضح الاختصاصي بأن على الأهل أن يتواصلوا مع الطفل بمفهوم الجنة كمكافأة مؤجلة بمفهومها المفصل وليس العام، وذلك بالحديث عن ما أعد الله لأهل الجنة من مكارم.