مناقشة الخطاب الفلسطيني بين جدل الأبارتهايد والاستعمار الاستيطاني
تاريخ النشر: 03/11/22 | 14:12ناقش أكاديميون وحقوقيون فلسطينيون من الجنسين خلال ورشة حوارية حول جدل الخطاب الفلسطيني بين الأبارتهايد والاستعمار الاستيطاني، وتطرقوا إلى استخدام منظمات حقوق الإنسان الدولية لهذين المصطلحين. وأشار بعضهم إلى وجود حالة ارتباك في الخطاب الفلسطيني بالنسبة إلى الحقوق، فيما حذر بعضهم من وضع كل البيض في سلة القانون الدولي، فوعد بلفور وقانون الانتداب البريطاني وقرار التقسيم كله قانون دولي. فيما تطرق آخرون إلى مزايا ومساوئ انضمام دولة فلسطين المراقبة إلى المعاهدات والقوانين الدولية.
جاء ذلك خلال الورشة الحوارية الثالثة ضمن ورشات المؤتمر السنوي لمركز مسارات، التي ناقشت مسودّة ورقة بحثية أعدّها د. نمر سلطاني، أستاذ الحقوق في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن، بعنوان “الخطاب الفلسطيني بين جدل الأبارتهايد والاستعمار الاستيطاني”، بمشاركة مجموعة من الأكاديميين والباحثين من الجنسين من مختلف التجمعات الفلسطينية. وأدار الحوار هاني المصري، المدير العام لمركز مسارات.
ورحب المصري بالحضور، موضحًا أهمية الجلسات الحوارية البؤرية لمناقشة المواضيع بعمق، لا سيما مثل موضوع الجدل الدائر بين الأبارتهايد والاستعمار الاستيطاني، مشيرًا إلى أن هذه الورشة تأتي ضمن فعاليات المؤتمر السنوي الحادي عشر “رؤى إستراتيجية: فلسطين 2022 … التحوّلات المحلية والإقليمية والدولية وانعكاساتها على القضية الفلسطينية”، الذي سيعقد تتويجًا لهذه الورشات يومي السبت والأحد 3 و4 كانون الأول/ديسمبر 2022، وسيكرس لمناقشة تقرير إستراتيجي يستند إلى مخرجات أوراق العمل والورشات الحوارية.
وقدم سلطاني عرضًا موجزًا عن ورقته، وتناول الأبعاد الإستراتيجية لاعتماد إطار الصراع القائم على الفصل العنصري/الأبارتهايد، أو الاستعمار الاحتلالي الاستيطاني العنصري، ونقاط القوة والضعف في كل منهما، موضحًا أن الإشكالية التي يثيرها خطاب منظمات حقوق الإنسان في السنتين الأخيرتين هي الفصل المصطنع بين الفصل العنصري والاستعمار وبين جريمة التمييز العرقي وحق تقرير المصير. والحديث عن أبارتهايد فقط معناه التركيز على مطلب المساواة والاندماج، في حين أن الحديث عن استعمار يعني التركيز على حق تقرير المصير، موضحًا أن الوثيقة الدولية المتعلقة بتجريم الأبارتهايد تشير في ديباجتها إلى الإعلان الدولي ضد الاستعمار الذي شدد بطبيعة الحال على حق الشعوب في تقرير المصير. لذا يجب التشديد على أن الاستعمار هو الأصل والأبارتهايد هو الفرع.
ويوضح أن القانون الدولي كما عبرت عنه مؤسسات الأمم المتحدة عارض الأبارتهايد في جنوب أفريقيا؛ نظرًا إلى منعه حق تقرير المصير بالإكراه ولتهديده السلم العالمي، إضافة إلى أن الفرق الأساسي عن حالة جنوب أفريقيا هو قضية اللاجئين، وهذا ما يهمله خطاب مؤسسات حقوق الإنسان.
وأشار إلى أن الخطاب الحقوقي الدولي، حتى المتقدم منه الذي يشخص جريمة الأبارتهايد، لا يسائل القرارات الدولية الأخرى، مشددًا على ضرورة إمكانية مواجهة الاستعمار من ناحية قانونية محدودة.
وحول الجدل بشأن حل الدولتين وحل الدولة الواحدة، وهل هناك مقاربة ثالثة، أكد أن المطالبة بالاعتراف بالهوية وحتى الغبن التاريخي يبقى قاصرًا إذا كان مقتصرًا على الجانب الثقافي أو الرمزي من دون تغيير السياق المؤسسيّ؛ لأن ذلك سيفضي إلى تكريس التمييز، إضافة إلى أن النقاش في مجمله يستند إلى فصل السياسي عن الاقتصادي، وفصل الدستوري عن التنظيم الحقوقي للحيز الخاص، وفصل الهيمنة في الحيز السياسي العام عن الهيمنة الثقافية في المجتمع المدني، فضلًا عن أن تجريد الاعتراف بالهوية والغبن من السياق المؤسسي، وتجريد الشكل الدستوري من العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، مرتبطان بتشييء الحقوق.
وتناول سلطاني تداعيات ذلك الجدل على تحديد أهداف النضال الوطني القريبة والبعيدة، واعتماد إستراتيجية وطنية شاملة يعبر عنها خطاب فلسطيني موحد.
من جانبهم، أشاد المشاركون بالورقة، موضحين أنها قفزة إلى الأمام مقارنة بالتحليل السياسي في فلسطين، وتعكس الحاجة إلى تنظيم نقاشات أوسع حول الفكر السياسي الفلسطيني، وكيفية إعادة بنائه والحامل الوطني.