الدولة الوهمية والسلطة الناقصة السُلطة
بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 17/11/22 | 19:15قبل أربعة وثلاثين عاماً وبالتحديد في السادس عشر من شهر نوفمبر:/ تشرين ثاني عام 1988 أعلن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من الجزائر عن تأسيس الدولة الفلسطينية، خلال انعقاد الدورة الثامنة عشر للمجلس الوطني الفلسطيني. وقتها كنت مدعوا للمشاركة في أعمال المؤتمر. حتى أن الصديق الراحل القائد “أبو داوود” أحد كبار مؤسسي حركة “فتح” أمر مرافقيه باستصدار بطاقة خاصة لي لحضور الجلسات المغلقة لا أعرف ما يدور خلف الكواليس من فضائح. ولا أزال أحتفظ بالبطاقة حتى هذا اليوم.
منذ ذلك الوقت يحتفل الفلسطينيون سنوياً بهذا التاريح، تاريخ تأسيس دولة فلسطين، الذي وصفه الراحل “أبو عمار ” بيوم ” إعلان الاستقلال”. هذا التاريخ لا يزال مغروساً في الذاكرة الفلسطينية. نظرياً عندنا دولة فلسطينية منذ 34 سنة، وعملياً لا دولة حقيقية لنا، وأن ما حدث في الجزائر هو مجرد لعبة سياسية ليس أكثر. الدولة هي التي تقوم على أرض لشعب ويعلن عنها من خلال الوجود على الأرض وليس من خلال الشتات. الدولة يجب أن يكون لها حدود، وليس دولة بالإسم لشعب يعيش حالة شتات وحالة إحتلال. أية دولة هذه التي أقيمت بالإسم فقط؟.
الدولة الفلسطينية يا سادة لا يمكن أن تقوم في ظل الاحتلال، ولا يمكن أن تقوم في ظل غياب السيطرة على الأرض، ولا يمكن أن تقوم في ظل وجود 230 ألف مستوطن في القدس و451 ألف مستوطن في الضفة الغربية 132 مستوطنة و147 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية المحتلة .
سألت الراحل “أبو داوود” عن مصير هذه الدولة وكيف سيتم التعامل معها عالمياً. فابتسم وقال: “هيك بدو أبو عمار”. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما دام عندنا دولة منذ 34 سنة فلماذا نطالب بحل الدولتين؟
هذا يعني أن الدولة الفلسطينية التي أعلن عنها الراحل عرفات كانت وهمية، والآن يتم المطالبة بدولة حقيقية. اتفاقات أوسلو التي عاد الفلسطينيون من خلالها إلى الوطن، لم تؤمن وتضمن للفلسطينيين دولة حقيقية، بل سلطة فلسطينية مأساوية تؤمن بالتنسيق الأمني “المقدس” حسب رأي الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
الشعب الفلسطيني عاش 34 سنة على الوهم الذي خلقته قيادات فلسطينية، وعاش على كذب سلطة فلسطينية وصفوها زوراً وبهتاناً بأنها “وطنية”. فكيف يمكن أن تكون “وطنية” وزعيمها ضد حق العودة، وكيف يمكن أن تكون وطنية / والأجهزة الأمنية فيها تطارد من يعملون ضد الاحتلال لتسليمهم لسلطات الاحتلال.
المشكلة بل المصيبة بعينها، أن القادة الفلسطينيين (ولا أقصد قادة مجتمعنا العربي) لا يتحدثون بصراحة وبشفافية مع الشعب الفلسطيني، ولا يتعاونون معهم. كيف يمكن لهم بناء دولة وهم ممزقون ومختلفون أيضاً “مسيرون” من جهات خارجية.
وعلى القيادة الفلسطينية في رام الله أن تعرف، أن إسرائيل ما دامت موجودة فلا يمكن أن ولادة دولة فلسطينية، (كاملة الأوصاف) أن تساعدهم الهيئات الدولية مثل مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة، لأن إسرائيل داست على كل القرارات الدولية المتعلق بالقضية الفلسطينية ولا أحد يحاسبها. إسرائيل يا سادة السلطة، همها الاحتفاظ باحتلالها للضفة الغربية والإستمرار في تهويد القدس الشرقية ومواصلة بناء المستوطنات، وعدم السماح بأي حال بقيام دولة فلسطينية.
وأخيراً…
زعران اليمين المتطرف قد يتولون حقائب سيادية أو غير سيادية ولا فرق بين الجهتين، لأن المصيبة أنهما سيكونان في الحكومة، كما يبدو من المشهد السياسي. “يلا يا عشرة شوفوا شو بدكوا تعملوا”.