غزوة أحد.. مشاركة النّساء، والمفاجأة، والشورى، وعظمة القائد
معمر حبار
تاريخ النشر: 19/11/22 | 7:09كتاب نور اليقين 17-
مشاركة نساء سادة قريش في غزوة أحد:
قال الكاتب: “واصطحب الأشراف منهم نساءهم كيلا ينهزموا”. 134
أقول: اصطحاب النّساء يدلّ على دور المرأة في الحروب، بغضّ النظر عن كيفية ونوعية مشاركتها.
وفي المقابل، شاركت المرأة العربية في الحروب، لكن ليس لدرجة أن لاينهزم الجيش، كما حدث في غزوة أحد مع نساء سادة قريش.
وتدلّ الواقعة عن درجة الأخذ بالثّأر التي وصلت إليها قريش، جرّاء هزيمتها الشنيعة في غزوة بدر على أيدي المسلمين، ماجعل سادة قريش يستدعون نساءهم حتّى لاينهزموا كما انهزموا في غزوة بدر.
قريش، وسادة قريش يعلمون علم اليقين، أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وجيش المسلمين، يعاملون النّساء معاملة حسنة لم يحلموا بها، ولو قادوا الجيش وحملوا السيف ضدّهم. ما دفع سادة قريش لاصطحاب نسائهم معهم، ولو كان يعلمون عكس ذلك مااصطحبوا نساءهم خوفا عليهن من الأسر والإهانة. مايدل على الأخلاق العالية السّامية لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم والمسلمين، وجيش المسلمين.
حرمان قريش من عنصر المفاجأة:
قال الكاتب: “أما رسول الله عليه الصلاة والسلام فكان قد بلغه الخبر من كتاب بعثه إليه عمه العباس بن عبد المطلب الذي لم يخرج مع المشركين”. 134
أقول: فقدت قريش عنصر المباغتة في غزوة أحد، لأنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، كان يملك من يمدّه بالأخبار عن قريش وتحركات جيشها، وهو سيّدنا عمّه العباس بن عبد المطلب، رحمة الله ورضوان الله عليه. ماجعل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يستعدّ بسرعة فائقة لإعداد جيش المسلمين، واتّخاذ كافّة الإجراءات اللاّزمة، وتجنّب عنصر المفاجأة الذي لم تستطع قريش أن تمتلكه.
قيمة المشورة في السلم والحرب:
قال الكاتب: “ولما وصلت الأخبار باقتراب المشركين جمع عليه السلام أصحابه وأخبرهم الخبر”. 134
أقول: يكمن نجاح سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في كونه علم مسبّقا باقتراب قريش. وهذا في حدّ ذاته نصر، لأنّه لم تتم مباغتته صلى الله عليه وسلّم، وهو في المدينة من طرف العدو.
ويكمن النجاح الثّاني في كون سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، استشار أهل المدينة من أسيادنا الأنصار رضوان الله عليهم جميعا، باعتبارهم أصحاب الحقّ. وكرّر نفس الموقف الذي اتّخذه معهم، قبل اندلاع غزوة بدر.
واستشار صلى الله عليه وسلّم، أسيادنا المهاجرين رضوان الله عليهم، باعتبارهم المتضررين ماديا من حيث انقطاع مورد رزقهم، وذلك بسبب هجرتهم التي فرضت عليهم من طرف قريش، وقد استولت على ممتلكاتهم وأرزاقهم.
القائد لايتراجع في قراراته الحربية:
بعد أخذ وردّ بين أسيادنا الصحابة في شأن خروج جيش المسلمين من المدينة، أو البقاء فيها، ومطالبته من سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يتراجع عن قرار الخروج من المدينة، قال الكاتب: “ماكان لنبي لبس سلاحه أن يضعه حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه”. 135
أقول: من صفات القائد العظيم، أن لايتراجع في قراراته حين تكون صائبة، ويتشبّث بقراراته العسكرية بقوّة وصرامة، خاصّة أثناء الأزمات والحروب. ومن عظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أنّه تشبّث بقرار الحرب الذي أعلنه ولم يتراجع عنه، خاصّة وأنّه سبق له أن استشار أسيادنا الصّحابة في شؤون الحرب وأبدوا رأيهم، واتّخذ قرار الحرب بعد مشاورة. فلا تراجع إذن، والعدو على الأبواب، والجيش على أهبّة الاستعداد، وحتّى سيبقى متماسكا، وتظلّ معنوياته دوما عالية.
لانستعين بكافر على مشرك:
بعدما وزّع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم الألوية على أسيادنا القادة رضوان الله عليهم، قال الكاتب: “فلما وصلوا رأس الثنية نظر عليه السلام كتيبة كبيرة فسأل عنها فقيل هؤلاء حلفاء عبد الله بن أبي من اليهود فقال إنا لانستعين بكافر على مشرك وأمر بردهم لأنه لايأمن جانبهم من حيث أن لهم اليد الطولى في الخيانة”. 135
أقول: يرفض سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يستعين بمشرك ضدّ مشرك، رغم أنّه في وضع حرب، وفي أمسّ الحاجة للدعم، وعلى رأسهم الجند.
ظلّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفيا للعهود المبرمة مع يهود المدينة، والمتمثّلة في عدم مشاركتهم في الحرب مع المسلمين ضدّ العدو، ويكفي منهم عدم الغدر والخيانة، وأن لايكونوا ظهيرا للأعداء. والوضع مشتعل، ورغم ذلك لم يستعن بهم.
إذا كانت قاعدة: ” لانستعين بكافر على مشرك” قائمة، فمن باب أولى أن لايستعين المسلم بمشرك ليحرق الأخ والجار، وأن لايستعين المسلم بمسلم ليحرق الأخ والجار.
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار