صور وذكريات القتل وبارودة سيدي أبي فايز العرعراوي !
يوسف جمّال – عرعرة
تاريخ النشر: 06/12/22 | 12:06القتل وبارودة سيدي أبي فايز العرعراوي !
قبل ان يَلقى عمي “أبي فايز” ربه بأيام.. جلسنا حوله ,
وحدَّثنا .
وكأنه أراد أن يترك لنا وصيَّة , لعل فيها فائدة لنا من بعده .
بدأ يحكي ..
وهو يقلّب بحنان يديه , بارودته الإنجليزية , التي ورثها عن أبيه , ورافقت شبابه وشيخوخته ..
هذه الباروده .. ما خرجت منها طلقه باتجاه ناسنا.
كان يحكي .. وهو يحاول ان يخترق فهمنا وإحساسنا .
صيد !؟ أه .. زفة عريس !؟ آه .. عدو !؟ آه ..
مرة ” تسلّط ” على البلد حرامي .. كل يوم سرقة .. حلال . غلة .. ثمار .
فقررت .. ان أطخُّه وأخلِّص الناس منه !
“فربطت ” له وراء شجرة , في طريق البلد .
ولما سمعتُ هسفات رجليه ..عيَّنت عليه ” كحَّشتها ” وقلت : ” يا مسهِّل ” !
فلم تنطق !
شدّيت عليها مرة أخرى .
خرسا.. طرشا .!!
أول مرة بتخوني ..عمرها ما عملتها !
ولما قبض عليه أهل البلد بعد أشهر .. تبيَّن ان وراءه عشرة أفواه بدها توكل وتشرب .
وما عنده ” لا ورا ولا قدّام ” ! .
فقلت : والله مبيِّن أنتِ أفهم منّي !
مات أبو فايز , وترك بارودته معلَّقة بالمسمار , في البيت القديم .
دائماَ أتذكَّر بارودة أبي فايز ,عندما تحمل لنا وسائل الإتصال , أخبار البواريد , التي تطلق رصاص قتلها على ناسنا ..
فتقتل ما تقتل
وتجرح ما تجرح
وترمِّل ما ترمًل
وتيتَّم ما تيتِّم
وتخوِّف ما تخوِّف
بارودة أبي فايز , موجودة في متحف, في متحف للتراث العسكري في إحدى المدن اليهودية .
بعد موته بسنوات , هاجمت سيارتان عسكريتان بيته القديم .
وأنزلت البارودة عن مسمارها ,المعلقة فيه على صدر بيته.
على اللافتة التي تعَّرَف الزائرين للمتحف , ببارودة عمّي أبي فايز كُتِب :
” هذه البارودة , استعملت لمهاجمة ,القوات اليهودية التي احتلت وادي عارة , ومن طلقاتها أصيب الكثير من مقاتلينا..”.
ولم يكتبوا أنه لم تطلق منها , ولو طلقة واحدة على العرب.!
والسؤال الذي ” يطخ ” عقولنا , في كلِّ يوم بل في كل دقيقة:
لمن موجه هذا السلاح , الذي يملأ بيوتنا وأيدينا !؟
كلنا نعرف الجواب !
رحم الله عمي أبي فايز ..
لأنه لم يعش في عصر الجاهلية .
لقد كان هذا العصر قبله .. ورجع بعده !