حكومة طلعت ريحتها الفاشية قبل الإعلان عنها
بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 16/12/22 | 18:15التاريخ يعيد نفسه. نجاح اليمين الفاشي في انتخابات الكنيست وانضمامه لحكومة يشكلها نتنياهو المتهم رسميا بالفساد والرشاوى، يعيدنا بالذاكرة الى حكومة النمسا والتي تشكلت في مطلع عام 2000 بدعم من اليمين الفاشي بزعامة يورج هايدر زعيم حزب”الحرية” و فولفجانج شوسي رئيس حزب “الشعب”. نتنياهو أعلن عن تشكيل حكومة يضم إليها اليميني المتطرف بن غفير وفاشي آخر يدعى سموتريتش وهما زعيما حزبين ينتهجان سياسة العنصرية والكراهية للفلسطينيين وطردهم من البلاد.
ما أشبه اليوم بالأمس مع فارق كبير: عندما شعر النمساوي هايدر اليميني النهج أن الائتلاف الذي شكله مع زميله الفاشي شوسي سيلحق ضرراً بسمعة النمسا سارع إلى الانسحاب من الائتلاف والتخلي عن الحكم. يعني أن هايدر فكر ببلده وسمعة وطنه بعكس بن غفير وشريكه حيث يعملان على تفاقم الوضع السياسي داخل إسرائيل ويبتزان نتنياهو من أجل تنفيذ خططهما العنصرية الفاشية وتنفيذ كل ما يريده المستوطنون.
في الثاني من الشهر الماضي نقل موقع “أكسيوس” (Axios) الأميركي عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إنه من غير المرجح أن تتعامل إدارة الرئيس جو بايدن مع العضو المتطرف في الكنيست إيتمار بن غفير، ومع غيره من المتطرفين اليمينيين في حكومة نتنياهو المقبلة بسبب المواقف العنصرية والمواقف تجاه الفلسطينيين، على ذمة الموقع الأمريكي.
بعد شهر ونيف غيرت الإدارة الأمريكية موقفها وهي المعروفة بتغيير المواقف حسب المصالح وليس حسب المبدأ. فقد قال وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن في الخامس من الشهر الجاري خلال خطابه في المؤتمر السنوي لمنظمة “جي ستريت” في واشنطن: “إن إدارة بايدن ستحكم على الحكومة الإسرائيلية المتشددة القادمة على أساس السياسات التي تنفذها وليس الأفراد المقرر أن يشغلوا مناصب عليا في الائتلاف المقبل” والمقصود هنا بن غفير وسموتريتش. إذاً، الإدارة الأمريكية برهنت بصورة واضحة انها لا يمكن أن تتخلى عن إسرائيل، مهما كانت تركيبة الحكومة فيها، حتى لو كانت كلها من اليمين المتطرف الفاشي.
الواضح أن نتنياهو ضرب بعرض الحائط التحذيرات الأميركية التي تقول أن أي اتفاق ائتلافي نهائي بَيْنَ حزبي الليكود و”الصهيونية الدينية”، سيلحق ضررًا بالعلاقات بَيْنَ واشنطن وعموم دول الاتحاد الأوروبي و إسرائيل. يعني نتنياهو غير مكترث بأمريكا وأوروبا ولا حتى بالعالم كله. اته يفعل ما يروق له، والمهم عنده تشكيل حكومة بأي ثمن، “واللي مش عاجبو يضرب راسو بالحيط”.
حكومة نتنياهو القادمة تعني تفاقم نهج الفاشية الإسرائيلية على كافة المستويات وتعني التغلغل للعنصرية والعداء الكبير للعرب وللفلسطينيين. إذاً، حكومة نتنياهو “طلعت ريحتها” الفاشية السامة قبل الإعلان عنها. نتنياهو يحاول طمأنة المجتمع الدولي حول السياسات التي ستتبعها حكومته المقبلة. ولكن كيف بريد نتنياهو اقناع العالم بهذه الطمأنة وأعضاء حكومته من أحزاب “الصهيونية الدينية” والتوراتية الحريدية التي تضم شخصيات كاهانية فاشية وقيادات في الحركة الاستيطانية الصهيونية، من مجموعة “غوش امونيم” ومجموعة “كاخ”.
وأخيراً…
وزير الخارجية الأميركي ذكر في خطابٍ موجَّه لـ”الصهيونية الدينية” أن حل الدولتين هو الخيار الذي لا بُدَّ منه وإلَّا فإن الأمور ستسير نحو وضع صعب. لا أدري عن أي حل دولتين يتحدث بلينكن وحكومة نتنياهو المقبلة لا تعترف حتى بالوجود الفلسطيني.