إشهار كتاب “مُتعة النّقد في لذّة النّص”في نادي حيفا
خلود فوراني سرية
تاريخ النشر: 23/12/22 | 17:13أقام نادي حيفا الثقافي مؤخرا أمسية ثقافية مع د. لينا الشيخ حشمة ابنة مدينة شفاعمرو لإشهار كتابها “مُتعة النّقد في لذّة النّص”- بين الإبداع والنّص الصادر عن دار سهيل عيساوي للنشر.
افتتح الأمسية رئيس النادي المحامي فؤاد نقارة فرحب بالحضور الكبير من أهل القلم والمهتمين بالشأن الثقافي والأصدقاء جميعا من حيفا والشمال والمثلث والجليل حتى القدس.
تولّى عرافة الأمسية بلباقته المعهودة الشاعر أنور خير فمزج من شاعريته بالعرافة ليلقي قصيدة نظمها خصّيصا لهذه المناسبة وقد تفاعل معها الحضور.
أما الناقد د. منير توما فقدم قراءة تقريضية في الكتاب مُشيدا بأسلوب د. لينا النقدي للنصوص الأدبية مؤكدا أن د. لينا أظهرت مهنية ومهارة بارزة في مقالات كتابها النقدية التي تتميز بالطابع التفسيري، التأويلي والتحليلي الذي يقوم على الفهم والمعرفة الموسوعية الواسعة فقدمت بذلك مقالات رصينة.
وأضاف، أثبتت د. لينا أنها تتمتع بمستوى نقدي سيميائي على تجليات لفظية، فأبدت وأولت اهتماما خاصا بالمضمون الفكري والرسالة الإنسانية التي يريد الكاتب أن يوصلها للقارئ. والناقدة د. لينا أحسنت وأجادت في توجهاتها النقدية التي اعتبرت مفاتيح لمغاليق العمل الأدبي الذي تعالجه.
كما أنها استطاعت ونجحت بجدارة أن تجيب على التساؤلات بموضوعية تحليلية بعد أن تكون قد وضعت يدها على مصادر الجمال والإبداع في العمل الأدبي وترجمة الانفعال الفطري إلى انفعال فكري.
تلاه د. صالح عبّود بمداخلة جاء فيها أن د. لينا صاحبة مشروع نقدي خليق بأن يقرأ، وفيّة للنّص، لها إطلالات ناقدة نافذة، ترصف سبيل تحليلاتها للنصوص واتبعت بمقالاتها النقدية منهجية شبه موّحدة. عبّرت في مدرستها النّقدية عن انتماءاتها النظرية وميولها الحداثيّة. وهي تعتمد المنهج التّحليلي السيميائي. تستعيد بما تمتلكه من حسّ قويم فتنتصر لنظرية التواصل الادبي. فالنّص هو الذي يخلق تأثيرا لدى المتلقي. وقبل أن يختم بأبيات شعرية نظمها على ضوء قراءته للكتاب، أشار إلى أن د. لينا ناقدة ذكية واعية، تزداد تمرّسا مع كل عمل نقدي.
في الختام كانت الكلمة لصاحبة الكلمة، د. لينا، فعبّرت بداية عن شكرها لكل من سطّروا بصمة في سيرتها الأدبية عائلة وأصدقاء أوفياء. ثم شرحت قائلة ” لن أتحدّث عن مقالات الكتاب، إنّما عن حكايتي في تداعياتها. وككلّ الحكايات، وخصوصًا النقديّة، لم تخلُ حكايتي من بعض تعكير، فلموضوعيّتي، ولأنّي لا أعرف المجاملة الكاذبة، أثارت بعض المداخلات غضب البعض لأنّي ذكرت نقاط ضعف فلم يعجبهم ما قلت، ولم أنجُ من: “النقد بجيب سواد الوجه”. ولأنّ نقدي لم يكن يومًا إرضاء لكاتب، ولم أجامل كاتبًا، فكم من منقود لم يرضَ عنّي لأنّه لم يرق له ما سمع من ملاحظات، أو لأنّي لم أعظّمه لشخصه وحصرت نقدي في كتابه. أمّا البعض الآخر فلم يرضَ عنّي لأنّي لم أكتب عن نصوصه.
لا يعنيني الكاتب ولا شهرته. النّصّ هو الّذي يعنيني. والكاتب الجيّد هو من يكتب نصًّا ينجح بجذبي إلى نصّه. وكم حدث ولم أكن أعرف الكاتب أو لم أكن على وفاق معه شخصيًّا، لكنّي شغفت بنصّه. أمّا حين يفشل النصّ في إغوائي وتكثر مواطن ضعفه، طاغية على الجمال، فلا أكتبه ولا يكتبني.
أعتمد على النقد الإبداعيّ، وبآليّات أكاديميّة. لا أعنى بدراسة المضامين فحسب، بل بالكشف عن جماليّات الشكل. أغوص في أعماق النصّ للقبض على معناه فدلالته. أسعى للبحث عن كيفيّة تشكّل هذا النّصّ، فتحضر كلّ المجالات المعرفيّة كالسّيميائيّة والبنيويّة والتّفكيكيّة والتّحليل النّفسيّ والاجتماعيّ. ويمسي النّصّ مصدر الإثارة الفكريّة والعاطفيّة. وهذا ما تؤكّده نظريّة التّواصل الأدبيّ، والّتي تؤكّد كذلك العلاقة الحواريّة بين القارئ والنّصّ في اتّجاهين متبادلين، فبقدر ما يقدّم النّصّ للقارئ يضفي القارئ على النّصّ أبعادًا جديدة قد لا ينتبه الكاتب لوجودها. ممّا يؤكّد قول “إيزر” والد نظريّة التّواصل بأنّ “القراءة هي تفاعل ديناميّ بين النصّ والقارئ”. أشترك في لعبة التواصل مع الكاتب، أتقاسم الأدوار معه في لعبة الخيال والإبداع في علاقة حواريّة تواصليّة. والنصّ هو مدار هذه اللعبة. ما يقدّمه لي الكاتب في نصّه يمسي مُلكي. ما ينقصه من فجوات أملؤه أنا بثقافتي وذوقي وخبرتي ومعرفتي.
قد يكتب الكاتب في لعبة الإبداع شيئًا لكنّه قد يقصد شيئًا آخر، بوعي أو بغير وعي، ليس مهمًّا، المهمّ هو ما يستطيع القارئ اكتشافه حين يدخل هذه اللعبة. ويحدث أن آتي بتحليل لم يكن الكاتب نفسه واعيًا لوجوده، أو لم يستطع قارئ آخر الوصول إليه. ويجوز أن يخرج إبداعي أجمل أو أوضح ممّا كتب الكاتب نفسه. يجوز لي ذلك، ويجوز لكلّ ناقد. وحقّي كقارئة أن أفعل وفق نظريّة التواصل. حقّي شرعيّ ما دمت أعتمد في إنتاج الدلالات على معطيات النّصّ، وعلى ما ورد فيه من قرائن وبراهين. دلالتي أبنيها على ما قدّمه الكاتب من مادّة، وعلى معنى النصّ الذي بطّنه الكاتب في نصّه.
إنّ عمليّة التواصل تختلف من قارئ لآخر، فالقراءة لا تكشف النصّ فحسب، بل تكشف شخصيّة القارئ، ثقافته، خبرته الأدبيّة، عمق تحليله وقدرته التّأويليّة، وحتّى قيمه وقناعاته ونظرته إلى الوجود. إذًا، لا غرو في أن تتعدّد القراءات ما دمنا نختلف في كلّ هذا. فدعونا نحترم اختلافاتنا في قراءاتنا للنصوص”.