قصّة الأطفال”مزرعة أبي مرزوق”في اليوم السابع
تاريخ النشر: 06/01/23 | 13:16القدس:5-1-2023 من ديمة جمعة السّمّان- ناقشت ندوة اليوم السّابع الثّقافيّة المقدسيّة قصّة الأطفال” مزرعة أبي مرزوق” لحنان عبدالله عجاج، تقع القصّة الصّادرة عام 2020 عن دار إلياحور للنّشر والتّوزيع في أبو ديس-القدس، مع الرّسومات في 16 صفحة من الحجم الكبير.
افتتحت الأمسية مديرة الندوة ديمة جمعة السمان فقالت:
حاولت الكاتبة من خلال القصة أن توصل بعض الرّسائل للطفل على لسان الحيوان.
وهي طريقة متّبعة من قبل المختصّين بأدب الأطفال، وتُعتبر محبّبة للطفل، إذ تصل النصائح للطفل بصورة غير مباشرة. كما أن الطفل يسرح في الخيال
صاحب المزرعة أبو مرزوق عنيف يضرب زوجته ويضرب الحيوانات في الحظيرة، فكرهته الحيوانات الأليفة في المزرعة، وبحثت عن طريقة من خلال الاستشارة، لحل مشكلة تعامل أبي مرزوق الفظ، ونجحت في ذلك.
ما هي الرسائل التي تضمنها القصة؟
– الظّالم وغليظ القلب مكروه من الجميع، ينفضّ من حوله من كل من يتعامل معه.
– العنيف يجد من هو أشدّ عنفا منه، فيجب ألا نستضعف من هم أقل قوة منّا.
– لا تقبل الظّلم، فلكلّ مشكلة يوجد حلّ. علينا أن نجتهد، وإن عجزنا عن إيجاد الحل وحدنا علينا أن نستعين بذوي الخبرة.
لا شك أنها رسائل هامة للطفل، تحثّه على المبادرة وإيجاد الحلول، وعدم التواكل، وعدم الرضا بعيشة الذّل.
أما إن تناولنا تفاصيل القصّة، فنجد أنّها لم تكن جميعها مقنعة، إذ أن الطّفل بطبعه يتساءل كثيرا أمام كل موقف وكل سلوك، ويطلب تفسيرا مقبولا ومقنعا.
أما عن اللغة فقد كانت بسيطة ومفهومة للطفل، ولكنها مليئة بالأخطاء اللغوية، وهذا يعيب القصة.
إلا أن القصة بشكل عام حققت أهدافها من خلال رسائلها غير المباشرة.
وكتب جميل السلحوت:
ملخّص القصّة: تدور القصّة حول صاحب مزرعة يدعى أبو مرزوق، وهذا الرّجل شرّير في معاملة زوجته وأبنائه وحيوانته، واجتمعت الحيوانات؛ لتبحث كيفيّة ردع صاحبها أبي مرزوق عن معاملته السّيّئة، وأخبرت بومة الكلب بأن يلجأ إلى الفيل الحكيم في الغابة ليدلّه على الحلّ، واختارت الحيوانات الكلب مندوبا عنها؛ ليذهب إلى الفيل ويطرح المشكلة عليه. وعندما استمع الفيل الحكيم للمشكلة أرسل الكلب؛ ليستدرج أبا مرزوق إلى الغابة، وهناك ظهر له الفيل مهدّدا بتحطيم عظامة، ولمّا حاول أبو مرزوق الهرب، أحاط به نمر وذئب وأفعى ضخمة، فاستسلم وبدأ يدعو الله بأن ينجيه، وهنا ظهرت زوجته أمّ مرزوق وهي تطلق الرّصاص من بندقيّة، فأنقذته وبعدها تعهّد بأن يغيّر سلوكه.
وهذه القصّة عليها ملاحظات كثيرة، فمع أنّ الأطفال يحبّون القصص الخياليّة التي تقال على لسان الحيوانات، إلّا أنّ الكاتبة لم توفّق في اختيار حيوانات قصّتها، ولا المكان الذي دارت فيه الأحداث. وبما أنّ القصّة موجّهة لأطفال فلسطين خاصّة، فهل يوجد في بلادنا غابات كبيرة تعيش فيها حيوانات مفترسة كالنّمر أو ضخمة كالفيل أو أفاعٍ ضخمة كما ورد في القصّة؟ وهل الذّئاب تفترس البشر؟ وبما أنّ الإنسان ابن بيئته فلِمَ لم تختر الكاتبة مكانا في بلادنا وحيوانات تعيش فيه هذه الحيوانات؟
وفي القصّة أخطاء لغويّة، ومنها على سبيل المثال: “وفي صباح أحد الأيّام، جلست الحيوانات تناقش أحوال المزرعة، الذي استاء نتيجة عصبيّة أبي مرزوق، وقسوة قلبه، وجلسوا يفكّرون في طريقة لحلّ هذه المشكلة.”ص4. ويبدو أنّ من استاء هي الحيوانات، وبالتّالي يجب أن تكون الجملة هكذا” لأنّها استاءت” ولا داعي للاستعمال الإسم الموصول “الّذي”، ليستقيم المعنى، و”جلسوا يفكّرون…….” والصّحيح “جلست تفكّر….”، فجمع غير العاقل يعامل معاملة المفرد المؤّنّث، و” لمّا عاد-الكلب- روى لأصدقائه-الحيوانات- ما حدث ففرحوا بهذه النّتيجة” ص16.
والصّحيح “صديقاته” و”فرحت”.
وجاء في الصّفحة وخاطب الخروفُ الكلبَ:” كما أنّك تملك أسنانا ومخالب حادّة تستطيع بها الدّفاع عن نفسك” ص7. وهذه معلومة عن الكلب نصفها صحيح وهو أنّ له أسنانا حادة، ونصفها الثّاني خطأ، فمخالب الكلب ليست حادّة.
الرّسومات: يبدو أنّ الرّسومات منقولة عن كتاب بلغة أجنبيّة، وهذا يقود إلى سؤال آخر حول القصّة فهل هي مترجمة أيضا عن لغة أجنبيّة؟ وتبدأ التّساؤلات حول رسومات القصّة وماهيّتها من الغلاف، فالبيت على الغلاف مبنيّ على النّمط الغربيّ، والطّفل ذو الشّارب الطّويل والذّقن الكثيف يضع على رأسه طاقيّة غربيّة، وإن كان المقصود بالصّورة أبا مرزوق فقصر الرّجل يدلّ على أنّه طفل، ويمتدّ ويتكرّر هذا على صفحات القصّة. وتمتدّ الرّسومات في الصّفحات الدّاخليّة على النّمط نفسه، والذي حيّرني حول القصّة إن كانت محليّة أم مترجمة هو تناسق المونتاج مع الرّسومات التي من المؤكّد أنّها أجنبيّة.
وقال عبد المجيد جابر:
ولن أتوقفَ إلّا عندَ الشكل لأتركَ للأخوةِ المشاركين والأخواتِ المشاركات مجالاً للحديثِ والنقاش في المضمون.
علامات الترقيم
أهميّة علامات الترقيم تكمن في فهم المعاني المقصودة في الكتابة بدقة؛ وذلك لأنّ القارئ أو السامع يدرك ما يسمعه أو يقرؤه بصورة أسهل وبمعنى أوضح، كما أنّ الوقوف عند هذه العلامات وِفقاً لمواضعها الصحيحة يساعد على الترابط بين الجُمل؛ ممّا يعطي انطباعاً طيباً ومُريحاً في نفس المُتلقِّي، سواء كان قارئاً أم سامعاً. أمّا إن خلا النص او انتقصت منه علامة من علامات الترقيم، فإنّ هذا النَّقص قد يُؤدّي إلى اضطراب المعنى، أو شعور المُتلقِّي بالغموض؛ لذلك أصبح خُلوُّ النص من علامات الترقيم عيباً واضحاً يَعيب الكاتب، ويَشعرُ به مُتلقِّي النص ولا يرتاح إليه، كما يُؤدّي نَقص علامات الترقيم إلى اختلاط المعنى عند المُتلقِّي، أو حتى تغييره، أو عدم التمييز بين كلام الكاتب، والكلام المُقتبَس أو المنقول.
القصة ينقص بعض جملها الفاصلة.
أ. الفاصلة في المواضع التالية:
ص4 فبادرهم القول قبل هذه الجملة فاصلة.
ص 5 فيغضب ويطلق عليها النار قبل هذه الجملة فاصلة.
ص8 وأنت الأقدر على تنفيذها قبل هذه الجملة فاصلة .
ص9 ترافقه دعوات أصدقائه قبل هذه الجملة فاصلة
ص 9 وقالت أنه سيجد الفيل بالقرب منها قبل هذه الجملة فاصلة.
ص10 ولا تتدخل مهما حدث قبل هذه الجملة فاصلة .
ص10 وانطلق لينفذ قبل هذه الجملة فاصلة.
ص 11 وركض أبو مرزوق قبل هذه الجملة فاصلة.
ص11 فدخل قبل هذه الجملة فاصلة.
ص 12بدا الغضب واضحاً قبل هذه الجملة فاصلة.
ص 13لكن ذئبا ضخم الجثة قفز أمامه قبل هذه الجملة فاصلة.
ص13 ويبدو أنه فشل….. قبل الجملة فاصلة.
ص 13فقد أسرع الفيل ليقول قبل الجملة فاصلة .
ص13 وقالت قبل الجملة فاصلة.
ص 14 بينما كانت الحيوانات تقترب منه شيئا فشيئا قبل الجملة فاصلة
ص 15 وأخذت تهرول قبل الجملة فاصلة
ص 15 وهي تقول قبل الجملة فاصلة.
ص 15 فخشيت عليك قبل الجملة فاصلة .
ص 15 فهي لم تعتد ذلك منه قبل الجملة فاصلة
ص 15 ويملأ حياتنا قبل الجملة فاصلة.
ب. الفاصلة المنقوطة:
ص11 لتنشر أشعتها قبل هذه الجملة فاصلة منقوطة.
ص 12 ليجد أمامه فيلا ضخما قبل هذه الجملة فاصلة منقوطة.
ص 15 ليجد نفسه قبلها قبل الجملة فاصلة تحتها نقطة .
ج. علامة التعجب
ص 13 يبدو أننا لا نروق له علامة تعجب بدل النقطة.
د. التصويب
ص7 ادعوا لي بالتوفيق يجب فصل كلمتي ” ادعوا” و ” لي ” .
ص 9 وقالت أنه سيجد الفيل بالقرب منها والصواب إنه وليس أنه .
ص11 فدخل الإثنان الغابة والصواب الاثنان همزة وصل لا قطع.
ص 13حتى أن لسانه لم يعد قادرا بالنطق بأي كلمة والصواب بأية كلمة .
أما الرسومات فأهل الفن أعرف مني.
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
تطرح الكاتبة موضوع نبذ العنف والضرب في العائلة وخاصة من قبل ربّ الأسرة،هذا الأب الذي يسكن في مزرعته ولديه بعض الحيوانات الأليفة التي تعاني من عنفه، يضربها ويعنفها كما يعامل أسرته.
في هذه القصة تبادر الحيوانات لإيجاد الحلّ لمشكلة العنف من خلال التوجه للحيوانات المفترسة، التي تقضي بالحلّ في التهام وأكل أبى مرزوق بشكل مقزّز، فكل واحد من الحيوانات المفترسة سيحظى بنصيب. يوجد هنا رسالة لكل من يحاول القيام بالعنف والضرب فإن نتيجته العقاب القاسي، دون محاولة إقناع العنيف بطرق تربوية إلى كيفية العدول عن أساليبه العنيفة.
وفي النهاية يستسلم بطل القصة بسبب الخوف ويتحوّل لإنسان حسن المعاملة مع الأسرة والحيوانات الأليفة، كل ذلك بعد أن انقذته زوجته وأطلقت النار فهربت الحيوانات.
إن الحل المطروح في القصة هو حلّ مؤقت، لأن الحل جاء عن طريق التخويف والعقاب القاسي، فهناك إمكانية أن يعود ويكرّر أبومرزوق أسلوبه العنيف بسبب طبيعة شخصيته القاسية.
في القصة تنتقل المشكلة وتطورها من الحيوانات الأليفة أي الضعيفة إلى الحيوانات المفترسة أي القوية، فهل إذا لم نجد الأقوياء حولنا فإن الضعفاء سيتحولون إلى خبر كان؟ وعليه لم تبيّن الكاتبة كيف يدافع الإنسان أو الطفل عن حقه بالعيش بكرامة أو عدم ضربه وتعنيفه، أم أن عليه انتظار الأقوياء لمساعدته؟ هنا صورة لمعالجة العنف بالعنف.
اتخذت الكاتبة بداية القصة مثل بداية الحكايات القديمة التقليدية “كان يا مكان إلخ”.
هناك جمل أراها دخيلة على النصّ، يقولها الكبار ولا تخاطب عقل الطفل ولا حتى مناسبة لقصص الأطفال”أعان الله زوجته وأولاده” “على بركة الله”. في هذه القصة يجد الطفل نفسه أمام الإنسان والحيوانات الأليفة والمفترسة، وكل كان له دوره إلا الأطفال لم نسمع صوتهم، ولم نعرف انفعالاتهم،ولذا أجد أن كل أفراد الأسرة يمكن الاستغناء عنهم والاكتفاء بالحيوانات مع إيجاد البطل المناسب من جهة الحيوان بديلا عن أبي مرزوق، لأننا بذلك نشتت الطفل بين عدة جهات.
ظهرت المرأة وهي تحمل السلاح وقد أطلقت النار في الغابة، فهربت الحيوانات المفترسة، صورة خاطئة تبين أن المجتمع الفلسطيني يمتلك السلاح أو عامة في المجتمعات العربية، جاءت صورة المرأة فقط للمساعدة في إنهاء المشكلة في القصة، مع العلم أنها كانت صامتة بلا دور، وإذا كان لدى الزوجة الجرأة أن تصل إلى الغابة فهذا يعني أنها قوية وهذا يتناقض مع ضعفها أمام زوجها.
في هذه القصة نلاحظ فشل الإنسان في الدفاع عن نفسه، بينما الحيوان ينجح من خلال التخطيط والتفكير والتضامن، وذلك يشكل بلبلة للطفل خاصة أن الكاتبة جمعت بين الإنسان والحيوانات المختلفة، ولم تجعل معالجة العنف فقط من خلال الحيوانات.
لاحظت أن فكرة القصة مأخوذة من رواية”مزرعة الحيوانات”لجورج أورويل، رجل يمتلك مزرعة وبسبب الخمر والسكر فإنه يعامل الحيوانات بالعنف، إلا أن الرواية فيها تطور فكري مختلف تتحول إلى ثورة الحيوانات ضد الإنسان وتحمل رؤية مختلفة.
ومن لبنان كتب عفيف قاووق:
بعد قراءة القصة، نسجل الملاحظات التالية:
1- القصة اعتمدت في تقديمها على لسان الحيوانات، وبرأيي اللجوء إلى مثل هكذا تقنية كان يصح او يكون أكثر قبولا لدى أجيالٍ سابقة من الأطفال حيث لم يكن الطفل حينها يمتلك وسائل معرفة أو إيضاح كما اليوم بعد أن أصبحت التكنلوجيا داخل كل منزل ومعتمدة في معظم المدارس بجميع مراحلها التعليمية. وبالتالي لم تعد القصص على لسان الحيوانات من القصص الجاذبة للطفل إن لم نقل من القصص المقنعة له.
2- بالحديث عن الحبكة في هذه القصة وهي إجتماع الحيوانات للنظر في إيجاد الحلّ لمعاملة أبي مرزوق الظالمة لهم، نجد انه من خلال الحوارات التي دارت بينها، كيف ان كل حيوان كان يحاول إيجاد العذر له للتهرب من القيام بمهمة التواصل مع الفيل، فكأن القصة من حيث لا تقصد أظهرت أن الإتكالية والهروب من تحمل المسؤولية هي السمة الطاغية على مجتمع المزرعة هذه، فالكل تهرَّب من تحمل المسؤولية تحت حجج تبدو في ظاهرها مقنعة ولكن الغاية عدم التضحية او تحمل المسؤولية:
البقرة تذرعت بأنها سمينة ولو تعرضت لأذى ستخسر حيوانات المزرعة حليبها،
الحمار تذرع ببطء حركته ليلا ولو تعرض لأذى سيفقدون وسيلة التنقل، أمّا
الخروف تذرع بخوفه من المسير ليلاً ولو تعرض لأذى سيفقدون صوفه الذي يدفئهم شتاءً.
3- النقطة الثانية التي أختلف معها مع الكاتبة، هي إتفاق الرأي على إستشارة الفيل لحل المشكلة، وهذا قد يرسخ في ذهن الطفل أن اللجوء للخارج لحل المشاكل الداخلية هو حتمي، وهذا الشعور إن ترسخ في ذهن الطفل فإنه يُعَطّل قدرته على إبتكار الحلول لمشاكله بما يملك من أدوات. يكفي ما نعانيه نحن الكبار من الآثار المُدّمرة نتيجة لإستدعاء الخارج مع كل كبيرة وصغيرة تطال الشأن العام في بلداننا. وبالتالي لا يجب علينا ان نعمم هذه الثقافة وننقلها إلى الأجيال الصاعدة والموعودة.
4- التغيير الذي طرأ على تصرف أبي مرزوق بعد أن تمّ تخليصه من حصار الحيوانات في الغابة، بأن أصبح ودوداً مع عائلته وحيوانات المزرعة نابعاً من الخوف والقمع الذي تعرض له وليس عن إقتناع نتيجة محاججة او نقاش مُعين. هذا إذا نظرنا الى الطريقة التي أعتمدها الفيل وبقية حيوانات الغابة مع أبي مرزوق من ترهيب وتهديد ومظاهر ستعزز النزعة العنفية لدى الطفل وتجعله مقتنعاً بأن الأمور لا تحل إلا بالعنف والتهديد بالقتل وغيرها من الوسائل الجرميّة.
5- أخيرا لفتني تعليق الكلب بعد أن وقع الإختيار عليه لتلك المهمة بقوله:” كلّما إستعصَى الحلُّ يكون الكلب هو الخَيار الأمثل” هذا التعليق يفتح المجال للكثير من التوسع والتأويل بغض النظر عن انه ورد ضمن قصة موجهة للطفل.
خلاصة القول إنّ مقاربة أدب الأطفال لا شك تَحكمُه معايير دقيقة تكاد تفوق في دقتها ومحاذيرها تلك المعايير المعتمدة لبقيّة أجناس الأدب بمُختلف تفرعاتِه. لأن أدب الأطفال وبمعنى أدقّ القصص الموجّهة للأطفال يجب أن تُراعي القدرات الذهنيّة لهم، وتهدف للإرتقاء بطرق تفكيرهم وتنميتها، بحيث تقدّم لهم المعلومة او العبرة بأسلوب سهل وواضح مغلّف قدر الإمكان بقالب من التسلية التي تجعل الطفل يتفاعل مع مضمون القصة وتبعده عن الشعور بالغربة أو الملل.
وكتبت رفيقة عثمان:
ابتدأت القصّة بجملة افتتاحيّة : “كان يا ما كان في قديم الزّمان في سالف العصر والآوان” تبدو القصّة نهجت نهج الحكايات الشّعبيّة؛ لإيصال الحكم والمواعظ بهذا الأسلوب.
هدفت الكاتبة من هذه القصّة، تناول قضيّة العنف، والتعديل السّلوكي للمُعنّف؛ إلّا أن الكاتبة أخفقت في تحقيق الأهداف التّربويّة منها، وتناولت القضيّة من منظور مختلف ومُخالف؛ للأهداف المرجوّة.
جعلت الشّخصيّات الحيوانيّة تتحكّم في سلوكيّات الإنسان، ودمجت الشّخصيّات الحيوانيّة مع الشّخصيّات الإنسانيّة في أدوار البطولة؛ لتطوير الأحداث؛ حيث جعلت كافّة الحيوانات في المزرعة، تتآمر على أبي مرزوق؛ لكي يعدل في سلوكه العنيف نحو أسرته ونحو حيوانات المزرعة
الشّخصيّات الحيوانيّة هي: (البقرة، الخروف، الحمار، الكلب، البومة، الفيل، والنّمر، والذّئب). جمعت الكاتبة الحيوانات الأليفة مع غيرها من الحيوانات المختلفة والمفترسة منها.
لعب الكلب دور الخائن والمُتعاون مع باقي الحيوانات في استدراج ” السيد مرزوق” إلى الغابة؛ كي يقابل الفيل، ويعالج مشكلة العنف لديه؛ أتساءل: كيف يلعب الكلب دور الخائن لصاحبه وهو معرف بصفة الإخلاص والوفاء لصاحبه؟ كما هو معروف دومًا؟ كما ورد صفحة 10 ” بمجرّد أن يراكَ أبو مرزوق تبدأ بالرّكض نحو الغابة وهو سيلحق بك، وبمجرّد أن تصل إلى هذه الصّخرة تختفي من أمامه وتترك الباقي لي، ولا تتدخّل مهما حدث، اتفقنا؟”
صفحة 11 “تجاهل الكلب أمر صاحبه ونبح مجدّدًا، ثمّ ركض بسرعة باتّجاه الغابة”، هنا غدر الكلب صاحبة بجرّه نحو الغابة.
غفلت الكاتبة صفات الكلب بالإخلاص لصاحبه مهما كان؛ وهذا الأمر مغاير لما يألفه الأطفال، نحو الكلاب المحبوبة في أعينهم.
تناولت الكاتبة شخصيّة الأب مرزوق، بصورة سلبيّة جدّا ومُنفِرة؛ ممّا يُسبّب اهتزاز صورة الأبوّة في نظر الأطفال، فهو الأب الّذي لا يُمثّل قدوةً حسنةً؛ للاقتداء بها. الأطفال بحاجة لشخصيّة أبويّة نموذجيّة؛ للاحتذاء بها. كما ورد في بداية القصّة صفحة 3 ” كان أبو مرزوق رجلًا حاد الطّباع، قاسي القلب، يغضب بسرعة فيضرب زوجته، وأولاده حتّى أنَ الحيوانات لم تسلم من أذيّته.”.
نهجت الكاتبة بمعالجة العُنف بالعُنف، فهذا أسلوب مرفوض تربويًّا، قال الفيل : “نظرنا في قضيّتك، ووجدنا أنك مذنب، وتستحق العقاب، حيث أنّ إساءتك لزوجتك وأولادك وكل الحيوانات طوال هذه السّنوات، ليست بالأمر البسيط، وبناء عليه قرّرنا بلف الخرطوم حول جسدك، سأرفعك إلى الأعلى وأضربك..سأدوس بأقدامي الضخمة هذه فأكسر عظامك”؛ كل الحيوانات أعربت عن عقاب أبي مرزوق بطريقتها الخاصّة، الأفعى والذّئب.
أنهت الكاتبة قصّتها، بوصول زوجة أبي مرزوق، تحمل بندقيّته؛ لإنقاذه وهنا صفحة 15” انهار أبو مرزوق باكيًا أمام زوجته وهو يطلب منها أن تسامحه على ما بدر منه من سوء معاملة، فهي لم تعتد على ذلك منه”؛ فسامحته.
أظهرتِ الكاتبة بطولة الزّوجة بحملها للبندقيّة، وطرد الحيوانات، وهكذا كسبت ودّ زوجها؛ هذا الأسلوب في التّقرّب بين الزّوجين غير مقبول، والمطلوب هو التّعامل بطريقة حضاريّة يسودها الاحترام والتّفاهم. هذه الصّورة غير مقبولة تربويًّا؛ لإكسابها للأطفال، ونحن في عصر العولمة والرقي.
الأطفال ليسوا بحاجة لإكسابهم؛ معرفة طرق تعديل سلوك الآباء، فهذه القصّة لا تلبّي حاجات الأطفال؛ بل العكس هو الصّحيح.
برأيي: هذه القصّة لا تلائم كافّة الأجيال؛ لأنّها تحتوي على رسائل تربويّة خاطئة، ومن المفضّل تعديل صياغتها مجدّدًا؛ لتلائم الأهداف المنشودة.
تصميم القصّة من رسومات، كانت ناجحة وجميلة ومعبّرة، إلّا أنّ الخط صغير جدّا ومتلاصق، وكُتبت بعض الجّمل فوق صفحات ملوّنة، لا تساعد على القراءة.
وقالت هيا سيّد أحمد:
تبدأ كاتبتنا قصتها بالقول “كان يا ما كان في قديم الزمان فتُعيدنا إلى حكايات زمان. فنحنُ اعتدنا أن نقول هكذا قبل بدء حكاياتنا.
القصة تتحدث عن العمّ مرزوق ، وكم هي قصة جميلة وممتعة لأطفالنا! ونحن نحتاج إلى مثل هذه القصص في عصر السرعة والشبكة العنكبوتية.
هذه القصة عندما نسردها لأطفالنا سيتشوقون إلى سماعها، فيتركون الهواتف المحمولة؛ ليسمعوا ما قصة العم مرزوق.
العم مرزوق القاسي على حيواناته وحتى على عائلته، فملّت الحيوانات من معاملة العم مرزوق، وبحثت عن حلّ، وهنا يتعلم الأطفال عدم الاستسلام، وأن لكل مشكلة حلّ.
يقترح الكلب الذكي أن تطرح الحيوانات مشكلتها على الفيل الحكيم، فهو سمع عنها أنها يجيد حل المشكلات. ففكّرت بمن سيذهب إلى الفيل لحلّ المشكلة، فاتفقا على أن يذهب الكلب. وهُنا تعلم الكاتبة أطفالنا بالتفكير قبل البدء في عمل أي شيء، فالحيوانات لم تذهب عشوائيا إلى الفيل، وفكّرت باختيار المناسب منها. فيذهب الكلب وتقترح عليه الحل بأن يأتي الفيل إلى الغابة ويركض فيلحقه العم مرزوق ويجد حلّا، فيقوم الفيل بتوبيخ وتخويف العم مرزوق ، ويرى زوجته جاءت لإنقاذه فيتعلم ويحن لزوجته وأطفاله وحيواناته ويقرر أن يتغير.
وكتبت دولت الجنيدي أبو ميزر:
يقرأ الأطفال القصص للإستمتاع والتسلية والإفادة. ويكتب الكتاب القصص التي تسعد الأطفال وعن طريقها يمررون أهدافهم التربوية، التي تمدهم بالمعلومات بسلاسة. ولذلك يجب أن تكون قريبة من عقولهم ومناسبة لأعمارهم. وللأهل دورهم في اختيار القصص للأطفال الصغار.
في هذه القصة العم أبو مرزوق يعيش في مزرعته مع زوجته وأطفاله وحيواناته، ويعاملهم بقسوة ويضربهم بالسياط، فاجتمعت الحيوانات للتشاور واختاروا الكلب الذي أشارت عليه البوم أن يلجأ الى الفيل الحكيم، ليرشدهم الى الحل، فيشير الفيل على الكلب أن يستدرج أبا مرزوق الى الغابة فيفعل، وهناك يظهر له الفيل ويهدده بتحطيم عظامه وسحقه، فيحاول الهرب وفجأة يحيط حوله نمر وذئب وأفعى ضخمة سامة، فيستسلم ويغطي وجهه وهو يبكي، ويدعو الله أن ينجيه فتظهر زوجته أم مرزوق فجأة وهي تطلق النار من بندقية، فتنقذه بهرب الحيوانات من صوت اطلاق النار.
في هذه القصة يتعلم الأطفال أنه يجب على الإنسان مهما كان موقعه أن يكون هينا لينا في تعامله مع الغير، إنساناً كان أم حيوانا.خاصة أهل بيته وخاصته لئلا يكرهوه، وينقلبوا عليه كما فعلت الحيوانات مع أبي مرزوق، وأن التشاور مهم في حل المشاكل، وأن في الاتحاد قوة، وأنه يجب الاحتجاج على الظلم ومحاربته وعدم السكوت عليه .
وأن للمرأة دورها الهام في حياة الأسرة، وأنها هي السند لهم مثلما فعلت زوجة أبي مرزوق، عندما أنقذته من الحيوانات رغم قسوته عليها ومعاملته السيئه لها.
ويتعلم الأطفال الصغار ماهي صفات الحيوانات وطباعها؟ وماذا يستفاد منها؟ فالبقرة يستفاد من حليبها، والحمار يساعد في حمل الأثقال والتنقل من مكان لآخر، والخروف يستفاد من صوفه (لكن له فوائد أخرى) والكلب وفيّ لصاحبه وسريع الحركة، وله أسنان حادة ولكن ليس له مخالب حادة كما في القصة.
وأن هناك حيوانات أليفة مثل الحيوانات التي في مزرعة أبي مرزوق مثل الكلب والحمار والخروف، وأخرى تطير مثل البوم، وأخرى مفترسة مثل التي في الغابة، ومنها خطيرة لكبر حجمها مثل الفيل، وهنالك أيضا أفاعٍ سامة.
يستعمل الأطفال خيالهم؛ ليتصوروا الغابة وحيواناتها؛ لأنها ليست في بيئة بلادنا، وحبذا لو كانت من بيئة الأطفال؛ ليستفيدوا أكثر.
الرسومات مطابقة للشرح غير أن صورة أبي مرزوق كأنها صورة كاريكاتورية لطفل له شارب ولحية، يضع على رأسه قبعه ويحمل السوط.
يغلب الخوف والعنف على هذه القصة من أبي مرزوق صاحب المزرعة وتعامله بقسوة مع عائلته وحيواناته، وضربهم بالسوط الى حل المشكلة بتهديد الفيل له بتحطيمه وسحقه، وهجوم النمر والذئب والأفعى الضخمة السامة عليه .
يوجد في القصة أخطاء لغوية تناولها جميل السلحوت في تعليقه على القصة.