هل تصمد حكومة نتنياهو أمام العاصفة؟
كتب: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 26/01/23 | 14:23تشهد إسرائيل منذ أسابيع مظاهرات عارمة في شوارع تل أبيب والقدس وحيفا ضد حكومة نتنياهو، وضد الإجراءات القانونية التي اقترحها وزير القضاء ياريف ليفين، والتي تستهدف تغيير بعض القوانين لصالح نتنياهو من خلال إبعاد المحكمة العليا عن اتخاذ القرار الأخير في كل موضوع قضائي، بمعنى التقليل من أهمية المحكمة العليا والتعدي على صلاحياتها. المعارضة ونقابة المحامين وفئة واسعة من الشعب الإسرائيلي (اليهودي) يعتبرون ذلك محاولة لضرب “الديمقراطية” في إسرائيل. وقرار شطب أعضاء كنيست عرب هو أحد القرارات المطروحة.
وبالرغم من أن خطة ليفين تتضمن بنوداً منوعة تضر بشكل كبير بالمجتمع العربي الفلسطيني في البلاد، إلا أن المتظاهرين احتجوا فقط على الاجراءات القانونية التي تمس “ديمقراطيتهم” المزعومة وعلى تقليص أو بالأحرى الحد كلياً من دور المحكمة العليا كمرجع أخير صاحبة القرار الفصل. اسمعوا ماذا قالت صحيفة “هآرتس” عن المحكمة العليا:” إنها لم تدافع يوماً ما عن حقوق الفلسطينيين، ولم تكبح المستوطنات ولم تلغِ أوامر هدم البيوت أو الطرد أو سرقة الأراضي، بل خدمت الاحتلال بأنها أعطته البديل النزيه الذي حافظ عليه من الانتقاد والضغط القانوني الخارجي”.
ائتلاف اليمين لحكومة نتنياهو يستهدف السيطرة الكاملة على كل صغيرة وكبيرة في الدولة اليهودية التي اعترف الإسلامي الجنوبي منصور عباس بيهوديتها كأول سياسي عربي. ولتنفيذ ذلك فإن نتنياهو مجبر على إزاحة السلطة القضائية من طريقه وبالتحديد المحكمة العليا.
الصحفيّ إيرِز تدمور أصدر في العام 2017 كتاباً يحمل اسم: “لماذا تصوّت لليمين وتحصل على يسار؟” يقول فيه “ان المحكمة العليا أخذت صلاحيَات لم تُمنح لها بموجب القانون، وجعلت نفسها هيئة عليا على السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة، وداست على مبدأ الفصل بين السلطات ونظام التوازنات”. وما جاء في كتاب الصحفي الإسرائيلي يبرهن بوضوح على أن الحقد على المحكمة العليا موجود منذ سنوات وأن النية لتجريدها من صلاحياتها ليست وليدة هذه الفترة بل يتم التخطيط لها منذ سنوات.
واضح تماماً، أن نتنياهو كرئيس حكومة هذه المرة، ليس نتنياهو رئيس الحكومة في المرات السابقة. هذه المرة فتح فاه على وسعه ويريد التهام كل شيء، كما يريد على ما يبدو تصفية حسابات خاصة مع القضاء. الجشع السلطوي والخضوع لشروط بن غفير وسموتريتش دفع نتنياهو إلى الذهاب بإسرائيل إلى أسوأ وضع سياسي وقضائي تعيشه منذ تأسيسها. نتنياهو ونتيجة لممارساته المرفوضة شعبياً، يقف اليوم أمام مشكلتين: الأولى مع الشعب الذي يخرج الى الشوارع بعشرات الآلاف باستمرار، والثانية مع أميركا وأوروبا اللتان أعلنتا عن عدم رضاهما عما تفعله الحكومة وأيضاً عن تحفظهما من أسماء في الحكومة.
الغرب على قناعة بأن إسرائيل دولة ديمقراطية. لكنها معروفة أيضاً للعالم كله، بأنها دولة احتلال ترفض حقوق الفلسطينيين. وقد أصبحت هذه الدولة نفسها محتلة من قبل الأحزاب الدينية والمتطرفة التي لا تعنيها الديمقراطية ولا علاقة لها بها، لدرجة أن هذه الحكومة رفضها اليهود الأمريكيون الذين تعتبرهم اسرائيل عنصراً مهما في حياتها.
وأخيراً…
إسرائيل تعاني من أزمة سياسية عميقة والدليل على ذلك إجراء خمس انتخابات للكنيست خلال سنتين، وزاد الطين بلة حكومة نتنياهو الجديدة. والسؤال المطروح الآن: هل تستطيع حكومة نتنياهو الصمود ومواجهة العاصفة داخلياً وخارجياً؟