سيرتي معها ..

في كلّ يوم أتحسَّس وجودي
أنصت لنبض دمي
أقدّم فطوراً لأمّي
وأنام تحت خرّوبتي
أحلم حلمي
وأسقي من قطرات عرقي
زيتونات كرمي
******
وإذا ما اهتزت أرضي تحت قدمي
تشبَّثت بها
ببقايا أظافري
بعظام أسناني
بحليب أمي
بنزف جرحي
بتجعدات راحتيَّ
بآثار سنوات عمري
***********
وإذا ما هاجمتني جيوش الظلام
أضيئ سراجيَّ
أتفقَّد سقف بيتي
وأشعل مشعلاً لأتحسَّس دربي
وأحياناً أشعل ناري
لتحرق جبروت عتمتي
وأمدُّ يديَّ لأتشبث
بشعاعات شمسي
وأصيخ السمع لأسمع
أمواج همسي
وأضرب على ساعدي
لأوقظ تيارات حسّي
**********
فتحت وطني للقوافل
المسافرة من المشرق الى الغروب
من الشمال الى الجنوب
من النهر الى البحر
وفي غفلة منّي
سرقوا
حبات قمحي
وطين سطحي
ودم جرحي
أحياناً رحلوا سريعاً عن ظهري
وأحياناً قعدوا طويلاً على قهري
وناموا في فراش بيتي
فكان طعامهم :
خبزي وزيتتي
وأكواز صبرتي
وتمر نخلتي
ولقمة ابنتي ..
وشرابهم
حليب عنزتي
وماء نبعتي
***********
وأحياناً أنجبت أمي الأنبياء في مغاراتي
تحت نخلتي
بجانب نبعتي
فأضاءوا بيتنا
وبيت جارتنا
وشوارع مدينتنا
وسماء الأكوان
ومدى الزمان
وأتوا بالمعجزات
والآيات
وأناروا دهري
***********
فأتوا ألوانا
قساوسة و رهبانا
وعبدة أوثانا
في ثوب الدعاة
ولصوص في ثوب
الرعاة
ونشروا الظلم
في الظلمات
فتحوّلت بلادنا
الى محج للناهبين والناهبات
فنهبوا المعجزات
وفراش الصلوات
واستباحوا المقدَّسات
وتعاليم الأنبياء
وعماد نهري
****************
لم يبقَ معي إلا حجري
أبني به حيطان جدري
وأرمي بها مسببي قهري
وأحوِّط به سوراً لبيدري
و أتحسس به قدري
وأشعل به ناري
وأطرح به ثمر تمري
************
وعصى ..
أردُّ بها الوحوش إذا ما اعتدت
على كرمي
وبها أحمي غنمي
وأرمي بها السَّحرة أذا ما استباحوا دمّي
وأتوكأ عليها إذا بلغت هرمي
وأحمي بها حُرُمي
وأشعل بها جمري
****************
وذاكرة
أقرأ بها رسوم حرفي
وصوري على جدران كهفي
لأستعيد ما خلَّفته السنون خلفي
وما خزَّنته في جوفي
وما بقيَّ من آثار لهفي
و من بقايا نزفي
لأعرف أسباب خطفي
وجريمة قطفي
في زهرة عمري
**************
وحلم ..
يعشش في ذاكرتي وأفقي
مرسوم على مفارق طرقي
أتشبَّث به مقاوماً غرقي
أكتبه على ورقي
أخترق به طوقي
وأرسم به فجري
***************