الطّموحُ المبارَك والتفاؤل المنشود!
د. محمود أبو فنّه
تاريخ النشر: 06/02/23 | 11:22قبل مدّة التقيتُ مجموعة من الشبّان والشابات في مناسبة اجتماعيّة، وتبادلنا أطراف الحديث حول أمور الساعة – وغيرها من القضايا -، ولفت نظري، بشكل خاصّ، ما لمستُه لدى العديد منهم من مشاعر الإحباط واليأس والتشاؤم تجاه مستقبلهم، بل تجاه الحياة برمّتها!
حقًّا، أذهلني ما ردّده أولئك الشباب من آراء وما أبدَوْه من مواقف!!
ورحتُ أتساءل:
ما الذي أوصل هذه الأجيال الشابّة لمثل هذه السوداويّة وهذا القنوط؟
من المسئول عن تدنّي طموحات أحبائنا الشباب؟
كيف نبثّ فيهم روح العزيمة والإصرار؟
وكيف نغرس في نفوسهم الأمل والتفاؤل بالمستقبل؟
في هذه العُجالة، سأحاول أن أفكّر بصوتٍ مسموع (وأدعوكم مشاركتي هذا التفكير وإبداء آرائكم في الموضوع!)، وأطرح بعض الإجابات والتصورّات حول تلك التساؤلات!
لا شكّ، للتربيّة دور فعّال في عمليّة التنشئة الاجتماعيّة لدى الأبناء، وفي إكسابهم القيم والمواقف التي تنعكس في أقوالهم وأفعالهم.
وهنا يأتي دور الوالدين الحاسم في هذه العمليّة، فالصغار الأبرياء يذوّتون ما يتلقَوْنه من مبادئ ومثل وأنماط سلوك من ذويهم المقرّبين في سنوات أعمارهم الغضّة، ويمكن القول إنّ شخصيّاتهم تتبلور في هذه المرحلة المبكّرة.
فالبيت الذي يوفّر الأجواء الدافئة الداعمة للأبناء، ويمنح الثقة والتشجيع، ويشجّع على التفكير والمبادرة، ويتمسك بقيم الخير، ويؤمن بقدرات الأبناء وطاقاتهم، مثل ذلك البيت سيسهم في تخريج أجيال سويّة واثقة متفائلة قادرة على تحقيق ما تصبو إليه من أهداف!
وما ينطبق على دور البيت والوالدين ينطبق – إلى حدّ كبير – على المؤسسات التعليميّة وعلى المربّين!
يُتوقّع أن لا يقتصر دور هذا الوسيط على حشو أدمغة الأبناء بالمعلومات والمعارف
فقط – رغم إقرارنا بأهميّة ذلك – بل أن يوفّر لهم دفيئة من الحب والأمان والإيمان بأنفسهم وبمواهبهم، وأن يحصّنهم بمنظومة قيّم خيّرة سامية، وأن يزوّدهم بمهارات التفكير والتعلّم الذاتيّ، ويرشدهم للبحث والاستنباط والمقارنة والإبداع والابتكار!
وتشارك القيادات الدينيّة والسياسيّة والجماهيريّة في بثّ روح الأمل والتفاؤل والعمل البنّاء لدى أجيالنا الشابّة؛ وهنا نتوقّع أن يجد الأبناء القدوة الحسنة في تلك القيادات، قدوة في ما يطرحونه من رؤى إنسانيّة واعية، وقدوة فيما يمارسونه من أفعال وممارسات تؤكّد المصلحة العامّة والإيثار، بعيدًا عن المصالح الفرديّة الضيّقة والأثرة!
ولوسائل الإعلام المختلفة – المقروءة والمسموعة والمرئيّة – دور في تنشئة الأبناء وتثقيفهم وتنويرهم وإعدادهم للحياة الحرّة الكريمة التي تلبّي حاجات الروح والجسد في وفاق وتناغم!
نتوقّع من تلك الوسائل التزام الموضوعيّة والصدق، ومخاطبة العقل السليم، وتبنّي رسالة الإصلاح والتغيير للأفضل، وإعلاء قيم التسامح والمحبّة، وتأكيد روح الإبداع، وأن تبتعد عن مخاطبة الغرائز والشهوات، وعن إذكاء التعصّب والتزمّت، والدعوة للفُرقة وللفكر الواحد، وعن الجري وراء الربح الماديّ السهل!
إنّني على ثقّة أنّ أبناءنا يمتلكون القدرات والمواهب الكافية التي تحتاج إلى الرعاية والتشجيع – من جميع الوسطاء – ليحقّقوا لأنفسهم ولمجتمعهم ولأمتّهم ما نصبو إليه من غايات سامية ومستقبل مشرق مشرّف، فتعود بسمة الأمل والتفاؤل تتلألأ في الوجوه، وتغمر قلوب الجميع!