حصرياً في رمضان
تاريخ النشر: 04/09/10 | 1:09بقلم :يوسـف جـمـل
شهر رمضان شهر عظيم مبارك كريم وفيه عن غيره من الشهور العديد من الأمور .
* الإمساك والامتناع عن أمور حلال كالأكل والشرب والجماع حتى ندرك أن طاعتنا لله فيه وفي سائر الشهور بالامتناع عن الأمور الحرام فإذا أطعناه في صومنا عن ما هو حلال فمن الطبيعي أن يوصلنا هذا إلى طاعته أيضاً في ترك المعاصي والذنوب التي نهانا الله ورسوله عنها في كل أيام السنة .
* الصيام لله تعالى وهو يجزي به بخلاف سائر العبادات والله سبحانه وتعالى اختص الصيام لنفسه من بين أعمال العبد وهو بين العبد وربه والصوم عمل باطني لا يعلمه إلا الله سبحانه و تعالى فهو نيّة قلبيه بخلاف سائر الأعمال كالصلاة مثلاً والحج و الأعمال الظاهرة فإنها تظهر و يراها الناس ,,أما الصوم فإنه عمل سريّ بين العبد و بين ربه عزّ و جل لقوله صلى الله عليه وسلم ) كل عمل أبن اّدم له إلا الصوم فإنه لي و أنا اجزي به” رواه الإمام البخاري في صحيحه.
* لا يؤخذ منه للغرماء يوم القيامة :- إن أعمال أبن اّدم قد يجري فيها القصاص بينه و بين المظلومين,فالمظلومين يقتصّون منه يوم القيامة بأخذ شيء من أعماله و حسناته كما في الحديث أن الرجل يأتي يوم القيامة بأعمال صالحه أمثال الجبال و يأتي و قد شتم هذا و ضرب هذا و أكل مال هذا ,فيؤخذ لهذا من حسناته و لهذا من حسناته حتى أذا فنيت حسناته و لم يبقى شيء فأنه يؤخذ من سيئات المظلومين و تُطرح عليه و يطرح في النار ألا الصيام فإنه لا يؤخذ للغرماء يوم القيامة و إنما يدخره الله عزّ و جل للعامل يجزيه به و يدل على هذا قوله”كل عمل أبن اّدم له كفاره إلا الصوم فإنه لي“….
* الصوم عبادة لم يقم بها المشركون عند تقربهم لأوثانهم والصوم لا يدخله شرك فما ذكر
أن المشركين كانوا يقدمون سائر أعمالهم لمعبوداتهم كالذبح و النذر والصلاة وغير ذلك من أنواع العبادة,,,,و كذلك الدعاء و الخوف و الرجاء فإن كثيراً من المشركين يتقربون إلى الأصنام و معبوداتهم بهذه الأشياء بخلاف الصــــــوم فما ذكر أن المشركين كانوا يصومون لأوثانهم و لمعبوداتهم,فالصوم إنما هو خالص لله عز وجل وانفرد بهذه العبادة عن سائر العبادات .
* الصوم امتناع عن عمل أو أعمال بخلاف سائر العبادات التي فيها القول والعمل والتنفيذ
ومجمل ما تفعله في تنفيذك للصيام هو أن لا تعمل أو تمتنع عن أو تمسك عن شهوتي البطن والفرج بينما الصلاة عمل وأداء وركوع وسجود والحج مناسك والزكاة عطاء والتلفظ والنطق بالشهادتين يكون عملاً وتطبيقاً عن قناعة وإيمان وعقيدة .
* السُنّة تعدل فريضة :- حيث أنه في رمضان تعدل السُنّة فريضة .
* الفريضة في رمضان تعدل سبعين فريضة فيما سواه .
* تصفيد الشياطين في رمضان :- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِين(.رواه البخاري ( 1899 ) ومسلم ( 1079 ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلِّقت أبواب النار وصفدت الشياطين) رواه البخاري ومسلم،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلِّقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي منادٍ يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) رواه الترمذي وغيره وقال العلامة الألباني: حديث صحيح. انظر صحيح سنن الترمذي 1/209.
تصفيد الشياطين أي تعجيزهم عن إغواء الناس وتزيين الشهوات ، بدليل كثرة الخير والإنابة إلى الله تعالى في رمضان .
* أبواب الجنة تفتح وأبواب النار تغلق :- وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا شهر رمضان قد جاءكم تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتسلسل فيه الشياطين) رواه أحمد والنسائي وهو حديث صحيح كما ذكره العلامة الألباني في صحيح الجامع الصغير حديث رقم 6995. وفي صحيح الترغيب والترهيب 2/69 .
وفتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عموماً كالصيام والقيام وفعل الخيرات والانكفاف عن كثير من المخالفات، وهذه أسباب لدخول الجنة وأبواب لها، وكذلك تغليق أبواب النار وتصفيد الشياطين عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات
* ليلة القدر خير من ألف شهر :- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلُّ فيه مردة الشياطين، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم) رواه أحمد والنسائي وهو حديث صحيح كما بينه العلامة الألباني في صحيح الجامع الصغير حديث رقم 55.
* صلاة التراويح :- و التي تُعرف أيضاً بصلاة القيام هي صلاة النافلة التي تقام جماعة في ليالي شهر رمضان المبارك بعد صلاة العشاء في المسجد أو في البيت و ” التراويح ” من الراحة ، لأن المصلي يستريح بعد كل أربع ركعات .
وهي سنة مؤكَّدة، كما دلّ على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم”من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه”. متفق عليه .
وقيام رمضان شامل للصلاة أول الليل وآخره، فالتراويح من قيام رمضان، وقد وصف الله عباده المؤمنين بقيام الليل، كما قال تعالى: {والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً} (الفرقان:64). وقال تعالى:{كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون} (الذاريات:17).
* صلاة مع الملائكة :- فقد ورد في بعض الآثار: “إن في السماء ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله -عز وجل-، فإذا دخل رمضان استأذنوا ربهم أن يحضروا مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح، فمن مسهم أو مسوه سعد سعادة لا يشقى بعدها”.
* زكاة الفطر :- هي صدقة تجب بالفطر في رمضان ، وأضيفت الزكاة إلى الفطر لأنها سبب وجوبها .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ». رواه أبو داود 1371 قال النووي : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
وحكمتها تطهير الصائم مما عسى أن يكون قد وقع فيه أثناء الصيام من لغو أو رفث و إعانة الفقراء على شراء احتياجات العيد واتفق جمهور العلماء على أنها فريضة واجبة.
* يعقبها عيد الفطر :- فرحة بأداء فريضة وركن من أركان الإسلام وبفطره ومن جنى منه وحصد الأرباح والأجر والثواب فقد فرح فرحة ثانية عند لقاء ربه جل وعلا .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : «…. وللصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه فرح بصومه» رواه أحمد و مسلم و النسائي .
* رائحة أطيب من المسك عند الله تعالى :- عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال :- ( ……. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك) .
* الإلفة والتقارب والإحساس بالفقراء والمساكين أكثر من بقية أيام السنة
* السحور ففيه الخير والبركة :- عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً ” رواه البخاري (1923) ومسلم (1095 ).
الحديث دليل على أن الصائم مأمور بالسحور لأن فيه خيراً كثيراً وبركة عظيمة دينية ودنيوية ، وذكره صلى الله عليه وسلم للبركة من باب الحض على السحور ، والترغيب فيه ..
والسَّحور بفتح السين ما يؤكل في وقت السحر ، وهو آخر الليل ..وبضم السين ( السُحور ) أكل السحور .
عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَلْيَتَسَحَّرْ بِشَيْءٍ ” رواه أحمد (14533) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2309)
وفي السحور بركة عظيمة تشمل منافع الدنيا والآخرة ..فمن بركة السحور التقوي على العبادة ، والاستعانة على طاعة الله تعالى أثناء النهار من صلاة وقراءة وذكر ، فإن الجائع يكسل عن العبادة كما يكسل عن عمله اليومي وهذا محسوس .ومن بركة السحور مدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع ، فالمتسحر طيب النفس حسن المعاملة . وأنه تحصل بسببه الرغبة في الازدياد من الصيام لخفة المشقة فيه على المتسحر ، فيرغب في الصيام ولا يتضايق منه .
وإتباع السنة ، فإن المتسحر إذا نوى بسحوره امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء بفعله كان سحوره عبادة ، يحصل له به أجر من هذه الجهة وإذا نوى الصائم بأكله وشربه تقوية بدنه على الصيام والقيام كان مثاباً على ذلك . وأن الإنسان يقوم آخر الليل للذكر والدعاء والصلاة و فيه مخالفة لأهل الكتاب والمسلم مطلوب منه البعد عن التشبه بهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور ” .
وصلاة الفجر مع الجماعة، وفي وقتها الفاضل، ولذا تجد أن المصلين في صلاة الفجر في رمضان أكثر منهم في غيره من الشهور ، لأنهم قاموا من أجل السحور .
* الصدقات :- البذل والعطاء في هذا الشهر الكريم فللصدقات أثر في تقوية الإيمان والعقيدة
وفيها الفضائل والفوائد فهي تطفئ غضب الرب وتمحو الخطيئة وتقي من النار وفيها دواء وشفاء من الأمراض القلبية والبدنية ودفع للبلاء وفيها انشراح الصدر، وراحة القلب والطمأنينة، والصدقة دليلٌ على صدق العبد وإيمانه والصدقة مطهرة للمال ويبارك الله للمتصدق في ماله بل و يضاعف للمتصدق أمواله ويدخله الى الجنة من باب خاص يسمى باب الصدقة .
* الاعتكاف في السجد :- وهو لزوم المسجد والإقامة فيه بنية التقرب إلى الله جل وعلا بأنواع الطاعات والعبادات من ذكر وتسبيح وتلاوة للقران وصلاة وغير ذلك. والحكمة من الاعتكاف الانقطاعُ عن الدنيا، وعن الانشغال بها وبأهلها، و التفرغ للعبادة، والاستكثار منها خاصة في العشر الأواخر من رمضان وثوابه عظيم وأجره جزيل لمن أخلص النية فيه لله رب العالمين.
* شهر القرآن :- تلاوة القرآن وتدبر معانيه والذكر والدعاء بشكل مكثف واقتراب الى الله تعالى أكثر وهذا لا يعني أن تنحصر تلاوة المسلم للقرآن فقط في شهر رمضان .
* من فطر صائماً :- قال صلى الله عليه وسلم : ( من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ) أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني . وفي حديث سلمان : ( ومن فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا : يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربةً لا يظمأ بعدها، حتى يدخل الجنة ) .
* صلة الأرحام والأقرباء والجيران :- حيث أنها من أعظم القربات إلى الله تعالى وأجلها
قال تعالى : ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليصل رحمه ) متفق عليه .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزدن في الأعمار ) صحيح الجامع (3767) .
* الصائم صاحب الصُرًّة :- ففي قوله صلى الله عليه وسلم “وأمركم بالصيام فإن مثل ذلك مثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك فكلهم يعجب أو يعجبه ريحه ، وإن ريح الصيام أطيب عند الله من ريح المسك” إنما مثل صلى الله عليه وسلم ذلك بصاحب الصرة التي فيها المسك لأنها مستورة عن العيون مخبوءة تحت ثيابه كعادة حامل المسك، وهكذا الصائم صومه مستور عن مشاهدة الخلق لا تدركه حواسهم .
والصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام ، ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور ، وبطنه عن الطعام والشراب ، وفرجه عن الرفث . فإن تكلم لم يتكلم بما يجرح صومه ، وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومه ، فيخرج كلامه كله نافعاً صالحاً ، وكذلك أعماله فهي بمنزلة الرائحة التي يشمها من جالس حامل المسك ، كذلك من جالس الصائم انتفع بمجالسته وأمن فيها من الزور والكذب والفجور والظلم . هذا هو الصوم المشروع لا مجرد الإمساك عن الطعام والشراب، ففي الحديث الصحيح “من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه” وفي الحديث “رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش” .
كل ما ذكر وأكثر هي بمثابة فرص ذهبية لا يضيعها إلا من كانت قلوبهم غلفاً وضيعوا على أنفسهم هذه الأبواب المميزة التي لا يجدونها مرة ثانية إلا إذا أمد الله في أعمارهم وبلغوا رمضان في القابلة ومن منا يضمن ذلك ؟
هدانا وإياكم إلى الخير والصلاح وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
بارك الله فيك يا أستاذ ! يوسف جداً ..