أوقفت بثها عربيا ومستمرة فيه تآمريًا… بي بي سي ما لها وما عليها
بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 10/02/23 | 13:55بعد أن بلغت سن المائة عام بالتمام والكمال، قررت السلطات البريطانية وقف بث إذاعة بي بي سي مطلع العام 2023، بعشر لغات منها العربية. مائة سنة ونحن نسمع “هنا لندن” وقبل ذلك ” دار الإذاعة البريطانية”. صحيح أن الاسم قد تغير، لكن النهج العام في السياسة الثعلبية للإعلام ولعبة الخداع السياسي بقيا على حالهما. لتبرير هذا القرار تحدثوا عن «أسباب مالية». نكتة سخيفة من الصعب الضحك عند سماعها، لكن من السهل الاستهزاء بنشرها. على الأقل لدى الذين يعرفون خبث البريطانيين. الحكومة البريطانية غاب عن ذهنها او قصدا غيبت ذلك، أن بي بي سي، لا تحصل على تمويل من الحكومة البريطانية، ولا تدعمها مؤسسات تجارية أو مصانع كبرى. ومن حق المستمع أن يتساءل: إذاً من يمول هذه الإذاعة؟: بي بي سي اعتمدت نهجا إعلاميا مخادعاً مغطيً بالحيادية. حتى طريقة جني تغطية المصاريف كانت بمنتهى الذكاء لتبرير الحيادية المزعومة. فقد تم فرض ضريبة على كل بيت في بريطانيا يضع اللاقط الهوائي، في استخدامه منصَّات هيئة الإذاعة البريطانية، وتقوم الجهات المعنية في الحكومة البريطانية بجمع الأموال وتسليمها للهيئة.
منطقة الشرق الأوسط لطالما كانت (ولا تزال) منطقة مهمة لبريطانيا التي قالوا عنها يوما ما انها المملكة التي لا تغيب الشمس عن مستعمراتها، وكان العديد من بلدان الشرق الأوسط العربية من عديد هذه الدول، علماً بأن اللغة العربية هي لغة عالمية مهمة ويتكلمها مئات الملايين من البشر.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن ان تقر بريطانيا إغلاق بث بلغة يقطن أصحابها في منطقة حساسة سياسيا، تعرف بريطانيا عنها كل صغيرة وكبيرة ولها مصالح قوية فيها، والأهم لا تقوم بتمويلها؟ مائة سنة كاملة وبريطانيا تتلاعب بالعالم وتخدع عالم اللغات التي تبث له لغته ومنها عالم اللغة العربية. مائة سنة كاملة من الاحتلال الجغرافي في النصف الأول من القرن الماضي وبعد الاستقلال(؟!) استمر الاستعمار المعنوي والسياسي. أيام الحرب الباردة كانت بي بي سي نشطة بنهجها الإعلامي المخادع وجذبت اليها العالم العربي باهتمام كبير، واليوم وبعد أن حلت الحرب الساخنة بدل الحرب الباردة تغلق بريطانيا بثها باللغة العربية. فأي تناقض هذا في السياسة؟
وبالرغم ان الكل يعرف ويرى التقلبات الخطيرة في المنطقة التي من المفترض ان لا تهملها بريطانيا إعلاميا، لكنها فعلت العكس. وقد نفهم ذلك (وأنا أشدد على قد) لو أن المنطقة تشهد سلاما وازدهاراً. الأمر الذي يدعو للاستغراب أن الشرق العربي يسير من سيء إلى أسوأ وأن السياسة البريطانية في المنطقة تأخذ عمقا متزايدا فيها (كسياسة داعمة للولايات المتحدة) على الأقل خلال العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية. بريطانيا كانت صاحبة أكبر مؤامرة في تاريخ الشرق الأوسط وهي المؤامرة على تسليم فلسطين لليهود من خلال وعد بلفور، ولا تزال بريطانيا تلعب الدور الرئيس في تفاقم الصراع في المنطقة، بل ويتجه نحو المزيد من التصعيد، وأنا أعني هنا الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ورغبة بريطانيا في بقاء ملايين الفلسطينيين مشردين في بقاع الأرض. في ظل ذلك السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يدعو بريطانيا إلى وقف بث بي بي سي بالعربية في هذا الوقت بالذات، رغم أن هذه الفترة هي الأهم إعلامياً للمهتمين بالشأن العربي؟ سؤال بحاجة الى جواب مقنع، لكن بريطانيا المعروفة تاريخياً بنهجها السياسي الهدام في المنطقة العربية لها مخططاتها المستقبلية للمنطقة وقد يكون القادم أعظم.
وأخيراً…
بدلاً من أن تحتفل “هنا لندن” بمأويتها باللغة العربية، تعلن اغلاقها. “هنا لندن” انتهى بثها بالعربية لكن ” لندن” مستمرة في بث سمومها وحياكة مؤامراتها من خلال “هنا لندن” بالإنجليزية.