من معاني الإسراء والمعراج 3
معمر حبار
تاريخ النشر: 17/02/23 | 6:03الجمعة 25 رجب 1444 هـ، الموافق لـ 16 فيفري 2023
ابتدأت سورة الإسراء بقوله تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ”، سورةالإسراء.
الخطاب موجّه للذين يؤمنون بمعجزة الإسراء والمعراج، وسواء في كتاب الله تعالى، أوأحاديث سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، التي نقلها أسيادنا الحفّاظ والثّقاة والرواة إلى يوم الدين. ومن أنكر معجزة الإسراء والمعراج، كما فعل الفايد هذا الأسبوع فالخطاب ليس موجّها له، ولا لأمثاله.
انطلقت رحلة الإسراء من مكة، ومكة -هنا- تعبّر عن النقاء، والطهر، والصفاء. ومن أراد تحرير الأقصى فليكن ذلك النقي، والطاهر في سريرته وعلانيته. وعملية تحرير الأقصى لاتقبل ملطّخ الأفعال، وأسود الداخل والخارج.
مكة محطّة انطلاق وليست محطّة إقامة، حيث هاجر منها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم واتّخذها محطّة لإقامة دولته في المدينة، ثمّ عاد إليها يفتحها ليتّخذها محطّة من جديد للرجوع النهائي للمدينة، وانتقل للرّفيق الأعلى من المدينة وليس مكة.
والمقصود من هذه النقطة، أنّ كلّ أمر عظيم كتحرير الأقصى يستلزم محطّة ينطلق منها المرء ويعود إليها لتكون المنطلق من جديد، وهذه المحطّة هي كلّ عظيم من الأخلاق الفاعلة، والجذور العميقة، والماضي الضّارب في العمق، والإعداد المناسب السّليم.
لم يطلب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم معجزة الإسراء والمعراج لينتصر على كفار قريش والمحتلين يومها للأقصى لأنّ الإعداد لخوض الحرب، وطرد العدو من مكّة والمسجد الأقصى من مهام البشر، ومن تعرّض للاحتلال، وكلّ محارب للمحتلّ المغتصب للأرض والعرض وعلى رأسهم الصهاينة المحتلين لفلسطين. أمّا معجزة الإسراء والمعراج فهي من حكمة الله تعالى وقدرته أرادها لأمر يعلمه ودبّره من قبل، وهذا يتجاوز البشر وما يريد ويتمناه.
كذّب كفار قريش في البداية سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين أخبرهم عن معجزة الإسراء والمعراج وقالوا: كيف يقول لنا ذهبت للمسجد الأقصى في ليلة واحدة ونحن نضرب لها أكباد الإبل! لكنّهم توقّفوا عن التّكذيب، والاستهزاء بمجرّد ماتأكد لهم صدق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهم الذين أطلقوا عليه لقب الصّادق الأمين.
والغريب، أنّه بعد خمسة عشر قرن من الزمن مازال بعض العرب[1] والمسلمين ينكرون معجزة الإسراء والمعراج بزعم أنّ “العلم يرفضها؟!”، و”لاتتوافق والقواعد العلمية؟!”. مايدلّ أنّ كفار قريش كانوا أفضل بكثير من حيث الرجوع للصواب من “المختصين المعاصرين؟!”، والرافضين للإسراء والمعراج “باسم العلم، والمنطق؟ ! ”
نظلّ نشكر سيّدنا موسى عليه السّلام، الذي كان ناصحا لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو يطلب منه أن يسأل الله تعالى التّخفيف بشأن الصلاة، وإلى أن أصبحت خمس صلوات بعدما كانت خمسون، وبأجر الخمسين. ونظلّ نثني على كلّ عربي، ومسلم، وأعجمي ساعد الأمّة في محاربة الصهيوني المغتصب بما يقدر ويؤمن به.
لايستحقّ الصهاينة شكرا ولا ثناء، بل يستحقون مايليق بكلّ مجرم مغتصب محتلّ. والصهيوني المغتصب لاعلاقة له بسيّدنا موسى عليه السّلام، الذي ظلّ رحيما بأمّة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والصهاينة لم يرحموا طفلا، ولا عجوز، ولا شيخ، ولا امرأة، ولا شجر، ولا حجر. فلا يليق بهم غير الغلظة والشدّة التي تليق بكلّ مجرم محتلّ مغتصب.
صلّى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بجميع الأنبياء المذكورون في القرآن الكريم، والذين لم يذكرهم الله تعالى. مايعني أنّ الإسلام دين جميع الأنبياء والرسل جميعا ودون استثناء، وإلى يوم الدين. أمّا مايسمونه “الدين الإبراهيمي؟!”، فهو وسيلة من وسائل إقامة العلاقات مع الصهاينة، وتثبيت قدم الصهاينة، وقبول جريمة وخيانة احتلال فلسطين من طرف الصهاينة، والتّسليم لهم باغتصاب فلسطين والقدس، والتبرير للصهيوني المحتلّ المغتصب باسم الدين، والدين منه براء.
خان الصهاينة سيّدنا موسى عليه السّلام، لأنّهم لم يتبعوه في طلب التّخفيف، والنصح وزادوا عليها أن احتلوا الأرض، وشرّدوا ساكنيها، ونهبوا خيراتها وحرّضوا الأخ، والجار، والعدو ضدّهم. ولذلك تجد الصهاينة يحاربون كلّ من يؤمن بمعجزة الإسراء والمعراج، لأنّها تذكّرهم بخيانتهم لنبيهم سيّدنا موسى عليه السّلام، وبعلاقته الحسنة مع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وبتبعيته وتقليده له. ومن كان كذلك من العربي والمسلمين، فاعلم بأنّه رضي لنفسه خيانة وجريمة أن يكون مأموما والصهيوني إماما في احتلال الأرض، والكذب، والتزوير.
[1] للزيادة راجع من فضلك منشورنا بعنوان: اللّئيم_الفايد .—
الشلف – الجزائر
معمر حبار