رنين القيد في ندوة اليوم السابع
تاريخ النشر: 23/02/23 | 20:25القدس: 23-2-2023 من ديمة جمعة السمان-ناقشت ندوة اليوم السابع الثّقافيّة المقدسيّة كتاب رنين القيد للأسير عنان زاهي الشلبي، يقع الكتاب الصادر عام 2022 في 122 صفحة من الحجم المتوسّط.
افتتحت الأمسية مديرة الندوة ديمة جمعة السّمّان فقالت:
يوثق الكتاب سيرة الأسير الفلسطيني وعذاباته اليومية مع السجان الإسرائيلي الذي لا يوفر لحظة واحدة دون أن يلاحق أنفاس ضحيته، ويغتال كلماته ومشاعره وأفراحه وأحزانه، سعيا منه لمحوه ومحو وجوده، واغتيال لحظاته بحلوها ومرّها.
كتاب خطّه الأسير عنان الشلبي، وصمّم غلافه أخوه الأسير نادر صدقة (السّامري)، ليخرج إلى النور شهادة تفضح السجان وجرائمه، التي يرتكبها بحق أسرى الحرية والكرامة.
يوميات، أشبه بالسيرة الذاتية. نصوص كتبت بأحرف من نار اللوعة على أسرة محبّة، بذلت الغالي والنفيس كي تكسر قيد السجان وتعود بابنها الى حضنها الدافىء.
نصوص وصفت سادية السجان، وضعفه أمام إرادة الأسير الذي ضحى بحريته ثمنا لكرامته وكرامة شعبه.
لم يكن سهلا على عنان احتجاز أخويه الطفلين أثناء توجههما لزيارته في المعتقل لأن أخته روان نسيت قصاصة ورق في جيب بنطالها، كانت قد كتبت عليها موضوع إنشاء للمدرسة، تمجد فيه الشهيد أيو عمار، وتصف جرائم الاحتلال بحق شعبها.
ولم يكن سهلا عليه رحيل عمّه الذي غيبه الموت دون أن يودعه، ثم عمه الثاني، ثم حفل زواج أخته الذي فاته، ثم الرسائل التي كانت تصل أهله بعد فوات الأوان.. ثم عدم التعرف على طفلي أخته من صور… الخ
أحداث متتابعة حفرت في ذاكرته خلّفت غصة من الصعب محوها.
أما الموقف المؤثر جدا، فكان إصابة الأم بجلطة دماغية أنستها ابنها عنان، ولم تعد تنتظر لهفة التحدث معه عبر الهاتف.. ولكنها تذكرته حين تلفظ بكلمة “السجن”.. فاستردت ذاكرتها للحظة، وعادت لها لهفة الأمّ الحنون، فدعت له بالحرية، وأبلغته حجم شوقها للقائه.
واختتم الكاتب بردة فعل الحركة الأسيرة بعد تلقيهم خبر اغتيال الاحتلال لصوت الحق: الإعلامية شيرين أبو عاقلة. كان خبر مقتل أبو عاقلة مفجعا، أشبه بالكابوس للأسرى، فهي التي كانت تنقل لهم حقيقة ما يدور من فظائع وانتهاكات يمارسها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في الوطن.
عناوين مؤثرة اختارها الكاتب لنصوصه، سجّلت مواقف ومحطات وثّقها الكاتب عنان الشلبي المحكوم بالسجن مدى الحياة خلف قضبان السجان، كانت بمثابة يوميات كل أسير يخضع لشتى ممارسات القهر والحقد من المحتل الغاصب، بهدف كسر إرادتهم، وطحن كرامتهم، وتجريدهم من إنسانيتهم.
ولكن الأمل لا زال العنوان الذي يتصدر كل العناوين، فلا حياة ولا صمود ولا ثبات دون أمل.
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
رنين القيد مجموعة نصوص حبلى بالوجع والقهر والاشتياق والعاطفة، يبوح بها الأسير الفلسطيني عنان الشلبي ابن مخيم عسكر الجديد، وتجعلنا نقف أمام كلّ مشهد لنشهق أين أنت أيتها الحرّية؟ وهل الوطن أغلى من الإنسان؟
العنوان” رنين القيد”قصد الأسير الكاتب أن هناك صوتا للقيد،صوت الرفض والقهر والتمرد والحرية.. نصاب بالصدمة من خلال أوّل جملة في الكتاب “قررت أن تكون هديتي لأمّي (عيد الأمّ) عرسا أزف به إليها محمولا على الأكتاف” لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السّفن، وتكون رياحه القاسية في السّجن.
تكشف نصوص الأسير عن تسارع الزمن، فلقد تمّ اعتقال الأسير وهو في الثامنة عشرة من عمره، وقد بدأ بكتابة الكتاب بعد عشرين عاما من الاعتقال، ولذا يبين لنا الأسير التغيرات التي حدثت خلال تلك السنوات فيما يتعلّق بعائلته والأصدقاء، وداخل السّجن، فالطفلة روان أُخت الأسير أصبحت صبية، مرض الأم وإصابتها بجلطة دماغية، واستشهاد عائلة زملاء الأسير.. إن ما يميّز نصوص الأسير هو مضمونها الذي يسلّط الضوء على العائلة والأصدقاء، بعيدا عن الإسهاب بتفاصيل أجواء السّجن وأحداثه، ولذا نجد العاطفة بارزة وتساهم في تصورنا للمشاهد التي يلتقطها بعدسة الأسير.
نجد عاطفة الشوق والحنين من قبل الطفلة روان ومواجهتها الصعاب في سبيل الحصول على تصريح من أجل زيارة أخيها، فقوبلت بالرفض، لهفات الاشتياق عندأهل الأسير، مشاعرهم أثناء الزيارات، البكاء والحزن والصمت. نجد عاطفة الغضب عند الأسير أثناء صراخه في وجه السّجان على سبيل المثال” أنتم مغتصبون”، ونجد مشاعر الذنب تجاه والدته؛ لأنه جعل من عيدها ذاكرة للحزن. “وكأنني أحلت يوم عيد الأمّ يوما للحداد وبذلك الرّحيل المستمر وذلك الوجع المتجدّد.”
نجد عاطفة الحقد والخوف من قبل الاحتلال من أطفال فلسطين، كما حدث مع أخت الأسير الطفلة التي وجدوا في جيبها قصاصة ورق نسيتها، فيها قصيدة عن الرّاحل ياسر عرفات وذمّ المحتلّ فتمّ عقابها. نجد عاطفة الفقد والحرمان ومشاعر الصداقة والإخوة، من المشاهد المؤثرة التي وردت في نصوص الأسير هي التقاء الأسير عنان الشلبي بصديق طفولته الأسير أحمد العارضة في مكان واحد ألا وهو سيّارة نقل الأسرى من سجن إلى آخر”البوسطة”، وهنا يجتمع الماضي بالحاضر، الطفولة والشباب.
نجد المفارقة في عاطفة الفرح في تاريخ عرس شقيق الأسير الذي يصادف ذكرى وعد بلفور،ونجد المفارقة في اعتقال الأسير قبل يوم الأمّ، فهديته لأمّه في فدائه للوطن تتحول لعذاب. وأيضا المفارقة في محاولة التضحية والمساندة من قبل والدة الأسير في السجن فيما يتعلّق بالهواتف التي أخفتها بين الكتب، تتحول لعقاب تجاهها من قبل إدارة السّجون. ونجد المفارقة في تذكر الوالدة ابنها الأسير عندما سمعت كلمة السجن، مع العلم أنها فقدت الذاكرة.
تميزت بعض عناوين النصوص بالعاطفة مثل:” لقد صرت أبا” والقصد أن الأسير أصبح بعاطفته أبا لوالديه الذين أصبحوا بمشاعرهم كالأطفال.”جوع كافر” يحمل العنوان العاطفة الحزينة، والمقصود هنا عن اضراب الأسرى القاسي.” بلفور يؤجل عرس شقيقتي”هنا تتجلى عاطفة الوطن ما بين الفرح والحزن.” طفلتي التي لم أُنجبها كبرت كثيرا” تكمن هنا العاطفة القوية كأن الأسير عنان هو والد الطفلة روان، ومن المشاعر الجميلة أنه ذكر طفلتي وليس الطفلة، فجاءت الجملة تزخر بالمشاعر.”شمس وخمسة أقمار تغيب” الشمس تعبر عن عاطفة حزينة، والمقصود بالعنوان هو استشهاد إخوة أحد الأسرى ووفاة والدته.” ثائر يرفض الحرية” عاطفة الوطن وتظهر جليّة حين الولوج إلى المضمون فنكتشف عاطفة الإخوة.
نلاحظ أن الأسير كتب نصوصه في أماكن متعددة من السّجون المختلفة مثل: سجن نفخة، الرملة، شطّة، ومن اللافت في هذا الكتاب أن تصميم غلاف الكتاب هو أيضا لأسير، فالأسير عنان هو الكاتب والمصمم هو الأسير نادر صدقة، ونجد في الإهداء مختصرا للشخصيات التي ذكرها في كتابه، ألا وهم أفراد عائلته والأصدقاء والصحفية شرين أبوعاقلة.
أمنياتنا أن يتحرر الأسرى كلّهم من سجون الاحتلال، وينطلقوا كالعصافير في سماء الحرية.
وكتبت د. روز اليوسف شعبان:
يحوي الكتاب ثمانية وعشرين نصّا نثريّا كتبهما الأسير، ووضع لكلّ نصّ عنوانا خاصّا به يتناسب مع الحدث الذي يرويه الكاتب، إضافة إلى مقدمة كتبها المحامي حسن عبادي، وست شهادات لأسرى قرأوا الكتاب قبل طباعته وكتبوا عنه.
يهدي الأسير عنان كتابه إلى الذين شاركوه معاناته: والدته، والده، شقيقاته، أشقائه وإلى روح الشهيدة شيرين أبو عاقلة.
عنوان هذا الكتاب لافت، وقد أثار في نفسي عدّة تساؤلات: متى ستزول هذه القيود من الوجود؟ متى سيعيش الناس أحرارا في أوطانهم بأمن وأمان وسلام؟
كتب الأسير عنان هذه النصوص في فترة امتدت عشرين عاما قضاها في السجن ولا يزال، وذلك بعد أن حكمت عليه المحكمة بالسجن المؤبد عام 2002 بعد أن قبضت عليه الشرطة قبل تنفيذه عمليّة الانتحاريّة.
يمكن اعتبار جميع النصوص لوحة سيزيفيّة، بدأها الأسير عنان بوصف لحظة القبض عليه والتنكيل به وتعذيبه، ويختمها باغتيال الإعلاميّة الفلسطينيّة شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها خبر اقتحام الجنود الإسرائيليين مخيم جنين. يقول الأسير عنان في خاتمته الحزينة لكتابه:” اغتيلت مرحلة بأكملها، ذاكرة بأكملها وصوت حرّ لطالما ارتبط بالوطن وتضحياته ونزيف شعبه المتواصل”. ص 114.
في هذه النصوص الثمانية والعشرين يصف الأسير رحلة عذابه طيلة سنوات أسره، فيحرم لسنوات عديدة من رؤية أسرته، ويسمح له بلمس والدته وتقبيلها بعد أربعة عشر عاما من سجنه. كذلك يحظى بتقبيل أخته الكبرى، لكن أخته الصّغرى التي لا تعرفه تستحي من الاقتراب منه، فيهدّئ من روعها وينجح في حضنها وتقبيلها.
هذه النصوص كتبت بلغة سلسة واقعيّة، تشوبها بعض الأخطاء النحويّة والإملائيّة، وتكثر فيها الجمل الوصفيّة التي يعبّر من خلالها الكاتب عن معاناته ومشاعره وسرد ذكرياته في السجون الاسرائيليّة، هذه الذكريات التي تعج بالمآسي والحزن والألم، يتراءى سيزيف خلفها يمشي في درب الآلام، يحمل صخرته على ظهره، كعقاب من الآلهة على خداعه، فقد أرغم سيزيف على حمل صخرة ضخمة والصعود بها على تلّ، ولكن قبل أن يبلغ قمة التلّ، تفلت الصخرة دائمًا منه، ويكون عليه أن يبدأ من جديد مرة أخرى.
هكذا يمضي الأسير عنان في درب الآلام، يحمل كلّ عذاباته ومعاناته على ظهره، ينوء بها، لكنّه لا يسقط ولا يسقطها، بل يمضي بها بشموخ، يتحدّى ظلام السجن وعذابه، يحمل في ذاكرته ذكريات طفولته مع أصحابه، لحظات المتعة والفرح مع العائلة، فيقتله الشوق ويستوطنه الحنين، ثمّ يغيظه الحرمان والإذلال والتنكيل به وبزملائه في السجن، فيعلنون إضرابًا مفتوحًا عن الطعام استمرّ اثنين وأربعين يومًا، عرف بإضراب الكرامة، كانت نتيجته إحراز الأسرى بعضا من حقوقهم.
لكنّ الإحراز والإنجاز الأكبر هو كتابة هذه النصوص داخل جدران السجن. فبالرغم من المعاناة والقهر، إلا أنّ الكاتب يتمكّن من التقاط الكلمات بين أروقة السجون، ويصيغ منها نصوصا تعجّ بالشوق والحنين والأمل والعذاب ومرارة وقسوة الحرمان.
هي كلّ ذلك وأكثر، سيل عارم من المشاعر الصادقة، ووصف دقيق لما يعتمل في النفس في لحظات القوّة والضعف، وفي لحظات الشوق والحب والبغضاء.
نصوص تروي معاناة أسير ما زال يحلم بالحريّة، يغذّي نفسه بالأمل وبصوت أمّه تناديه تقول له: أنا في انتظارك يا ولدي!
هي الأمّ إذن، هي الوطن التي تمنح الحبّ بلا حدود، ومن هذا الحبّ ينبت الأمل. هذه الأمّ التي تصاب بشلل دماغيّ يفقدها ذاكرتها، لكنّ صوت ابنها عنان من داخل السجن يوقظ ذاكرتها ويبعثها من جديد.
ومثلما يحيي الكاتب ذاكرة أمّه المتعلقة بابنها الأسير دون غيره، تحيي هذه النصوص النثرية الأمل في نفوس القرّاء، فمن الشّوك نجني العنب، ومن آلام المخاض تولد الحياة من جديد.
وكتب د. محمد عبدالسلام كريّم:
. قرأت هذا الكتاب بكل الألم وكل الأمل. كان له أثر الدويّ الهائل الذي يحدثه طوفان ينحدر من بعيد، ثم يلتصق بك فارضا فلسفته عليك. سيحملك لكي يرمي بك في فراغ ما قد لا ندرك أين ولا كيف تشكّل، ولا تجد نفسك إلا في مركزه. فراغ الألم واللاسند. فراغ استئساد الكلب عليك في غياب من قد يرد عنك أيّا من أذاه. إنه الألم الذي لن يزول إلا بزوال الاحتلال.
العناوين جميلة، والمكان مناسب وإن لم يكن ولن يكون جميلاً.
لا توجد حبكة تجمع فصول الكتاب مع بعضها البعض إلا ما أورده الأسير من أوجاع حاول جمعها بإطار واحد.
اللغة بسيطة وسلسة ومباشرة مثل ” دولــة مدججة بالكراهيــة والسـلاح” ص 18. التعابير بسيطة ومباشرة إلا أنها من النوع الفاخر.
لم تكن رواية ولكن يمكن تصنيفها في باب خواطر أو مذكرات، إلى حدٍ ما.
يمكنني أن أقول للأخ عنان ولكل الأسرى “فك الله أسركم”، لقد قرأت في هذه الصفحات أننا، كل من ليس معكم، في الأسر، وأنتم وحدكم الطلقاء.
واستذكر ما قاله الشاعر أحمد مطر في رثاء الفنان ناجي العلي:
موتى ولا أحد يرثي لنا – قم وارثنا يا آخر الأحياء
ملاحظة: هناك أخطاء نحوية ولغوية ومطبعية.
وكتبت نزهة الرّملاوي:
من السخافة أن أقدم قراءة لنصوص أسير يقبع خلف زنازين القهر والمقاومة، أو أغوص في أعماقها؛ لأحلل تأويلات وتخيلات ومشاعر كاتبها، فمن يستطيع الولوج إلى أعماق أسير يقبع خلف الزنازين عشرين عاما، ومن الملفت أن الٱسرى يساندون بعضهم حتى في الكتابة كما حدث مع الأسير وصديقه الأسير أحمد العارضة، الذي شجعه ونقح له الكتاب، وأظن أن هذا الإجراء نابع من من أن الأسرى يحملون نفس الشعور والألم.
لو عدت لمعنى اسم رنين لوجدنا معناه الصوت الحزين، وكأن هذا القيد رفع صوته بالبكاء، فهل يعني الكاتب أن القيود تبكي الأسرى وهم رهن الاعتقال؟ أسير لم تضعفه ظلمات السجن، صاحب الإرادة والقوة.. رقم أطلقته مصلحة السجون على الأسير الكاتب، فرافقه طوال فترة اعتقاله التي امتدت الى عشرين عاما ولا زال هناك يقاوم، حاله كحال الأسرى
مشاعر فتى عانى فراق الأحبة تلك النصوص ينفّس من خلالها عن معاناته خلف القضبان وهمومه إثر فقده للأحبة والأمكنة، كيف لا إلا والأحداث تتربع في مخيلة الأسير، فتجعلها مدونة للحرية الغائبة، كيف لا.. والأسير الذي تمنى أن يكون شهيدا؛ كي يهدي شهادته لأمه في عيدها، إلا أن إرادة الله تشاء أن يكون أسيرا، وبنظر الكاتب الأسير أن الفقد في كلا الحالتين موجع، فقد جسدي إثر الشهادة، وفقد إلا أن رحلة الشقاء التي أهداها لأمه في تعقب تنقلاته ما بين السجون، وأظن أن الكاتب ساوى بين الأم البيولوجية وأمه الأرض، فاعترف أنه قدم لها في عيد الأمهات حزنا وجرحا بحجم الوطن، في يوم الأم يطلب الكاتب من أمه أن تتفرغ لمعايدات أخوته، الا انها كانت تتفرغ للبكاء، في هذا اليوم الذي ينتظره الآخرون، نبكي بحرقة يعزّ علينا فراق الأمهات، نصوص مفعمة بالقوّة والأمل رغم الحزن في أحداثها أضاءت الأماكن المقهورة بالتفاؤل، جعلت للمعتقلات وللقيود صوتا يجهش بالبكاء والتحسر على حرية غائبة، معتقلات تحمل الآلاف من أسرى في زنازينها وعلى أبراشها سنين طويلة.
تميزت النصوص بعاطفة الفقد وانتقال الأسير من حضن عائلته ومن بيته الدافئ الذي يكن له الحنين وأصدقائه، إلى عالم من العذاب وقرارات تجبره التنقل بين زنازين السجن وظلمته.
امتازت عبارات النصوص بالأحاسيس المرهفة، والعواطف الجياشة، كعاطفة الحب والشوق والحنين للأهل والأخوة والأخوات والأم التي ما زالت تبكيه، وشعوره المتنامي بالغضب والفراق والمقاومة.
والأسلوب المتدفق بالسلاسة والعذوبة..لما فيها من صور فنية ولغة أدبية مرنة، وتصويره للمشاعر التي ترافق الأحباب والأسرى أثناء الزيارات التي لا تتعدى الساعة، وفي الكثير منها تشدنا العناوين التي تألقت في أدبيات السجون.
وبالرغم من الذل والقهر في غرفة الاستجواب، إلا أنه في لحظات الضغط والألم يعيش الأسير تفاصيل الألم والشوق للأحبة، فيكتب لها ما يعجز عن كتابته الأحرار.
من هنا يجب أن نوجه كل التحية لأهل الأسرى، وللكاتب المحامي الأستاذ حسن العبادي، الذي أثرى المكتبة الوطنية والعربية بما يكتبه الأسرى، من خلال مبادرته التي أطلقها قبل سنتين.