تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي

بقلم: أحمد حازم

تاريخ النشر: 27/02/23 | 14:26

بعد وفاة موسى عليه السلام، وكما يقول التاريخ، تسلم يهوشع بن نون زمام قيادة بني إسرائيل. وهذا الــ “يهوشع” أرسل إنذاراً إلى أهل أريحا عند اقتحامها، قال لهم فيه: “من هو مستعد للتسليم بوجودنا هنا فليسلم، ومن يريد المغادرة فليغادر، ومن يختار القتال فعليه أن ينتظر الحرب”.

حسب هذا الإنذار في التاريخ اليهودي يتصرف الفاشي سموتريتش في الضفة الغربية المحتلة بعد أن تسلم كامل الصلاحيات للعبث بها كما يشاء. بمعنى ان سموتريتش وضع أهل الضفة الغربية أمام ثلاثة خيارات: إما القبول بالأمر الواقع: تقبل الاحتلال (لا دولة) وإما الرحيل أو شن الحرب عليهم. وما تقوم به عصابات المستوطنين خير برهان على ذلك.

اسحاق شامير رئيس وزراء اسرائيل الأسبق صرح قبل 32 عاماً على هامش انعقاد مؤتمر مدريد عام 1991: (سنفاوضهم عشرين عاما دون الوصول الى نتائج). يعني مجرد مؤتمرات كلام ليس أكثر. وشامير هذا هو الاب الروحي لنتنياهو ولكل اليمين المتطرف في إسرائيل. وهذا ما يفعله نتنياهو. وهناك قاسم مشترك آخر بين شامير ونتنياهو: الأول كان مطلوب دولياً لأنه قاتل، بسبب اغتياله مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط الكونت برنادوت ومساعده في أحد شوارع القدس، ومطلوبا لبريطانيا بعد اغتيال عصابته اللورد البريطاني موين الذي عارض المشروع الصهيوني في فلسطين.

خمسة وفود يمثلون الأردن والسلطة الفلسطينية ومصر وإسرائيل والولايات المتحدة، التقوا الأحد في مدينة العقبة الأردنية في اجتماع قيل انه “قمة” لكنه في الحقيقة ليس سوى مجرد اجتماع سياسي أمني، لكبار مسؤولين من الأطراف الخمسة المذكورة وبترتيب وإشراف أمريكي. والهدف (المعلن) لهذ الاجتماع، كما قيل، “بناء الثقة” بين إسرائيل والفلسطينيين بينما قال مسؤول حكومي أردني إن الاجتماع يأتي “استكمالا للجهود المكثفة التي يبذلها الأردن بالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية وبقية الأطراف لوقف الإجراءات الأحادية والتصعيد الأمني الذي يهدد بتفجير دوامات كبيرة من العنف”.
وبغض النظر عما قيل ونوقش في الاجتماع الأمني، فإن مضمون البيان الذي صدر بعد الاجتماع هو ثمرة هذا اللقاء. فماذا أتحفنا المشاركون في الاجتماع؟ إسرائيل والسلطة الفلسطينية وحسب أحد بنود الاتفاق، أبديا “استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية الجانب لمدة 3-6 أشهر، ويشمل ذلك التزاماً إسرائيلياً بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر.”.

نتنياهو لم ينتظر حتى ولو يوما واحدا من المدة التي حددها اجتماع العقبة وسارع فوراً ليقول لهم “ما حزرتو”. وعلى هذا البند وحده رد نتنياهو على المجتمعين في تغريدة له على تويتر:” “على عكس الاقوال، اعمال البناء في المستوطنات في الضفة الغربية ستستمر وفقًا لجدول التخطيط والبناء الأصلي دون أي تغيير، ولن يكون هناك تجميد”. إذاً نتنياهو يتحدى من اجتمع في العقبة ويضرب بعرض الحائط قراراتهم.

جواب في منتهى الوضوح، وهو أيضاً الرد على بند “التأكيد على ضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف”. والسؤال المطروح الآن: ماذا ستفعل الولايات المتحدة التي أشرفت ورعت وخططت لهذا الاجتماع الأمني؟ من المؤكد لا شي. يتضح من ذلك، أن كل المؤتمر ات واللقاءات إن كانت في شرم الشيخ أو في العقبة أو غيرهما، هي مجرد مضيعة للوقت، بدليل ان إسرائيل لم تلتزم بنتائجها،

بقي علينا القول، ان ما جرى في اجتماع العقبة يذكرني بما سربه موقع مجلة ” WIRED” الأمريكية على لسان جارد كوشنير في جلسة مغلقة في الكونغرس، والذي اعترف خلالها بعدم وجود حل للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وان مشروع تجميد القضية الفلسطينية في ثلاجة الموتى ممتد من عام 1991 الى اليوم وغد، وشامير الذي وصفناه بالمجنون، اتضح انه يعي تماما ما يقول”.

وأخيراً…
ما نجم عن اجتماع العقبة نختصره في المثل الشعبي: “تيتي تيتي متل ما رحتي جيتي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة