موسى عزوڨ هكذا تحتفل زمورة بالربيع 2
تاريخ النشر: 01/03/23 | 7:02الربيع الربعاني كل عام تلقاني
في المراح التحتاني والفوقاني
توطئة :
المسلم سمح وكل أيامه أعياد ولكن له ان يتميز بعيدين بعد عبادتين كبيرتين الصوم و الحج ، من باب العبادة وليس العادة ، وقد تتحول العبادة الى عادة او العكس ، وهذا ما حذر العلماء منه بشدة ، وقد درج أهلنا في الجزائر على تسمية عيد الفطر بالعيد الصغير وعيد الأضحى بالعيد الكبير! هناك من يحدد 12 جانفي عيدا امازيغيا وقد تم تكريسه في الدستور، واصبح يوم عطلة مدفوعة الأجر اعتباراً من تاريخ 12 جانفي 2018الميلادي يوازي 2968 بالأمازيغي .وكثيرا ما يختلط الأمر مع تعدد المناسبات “الاحتفالية ” خصوصا بداية السنة الفلاحية 14 جانفي ( المعروفة الشهور وتبدأ كل 14 من الشهر الشمسي: يناير فورار مغرس يبرير مي ينيه يليز غشت شتمبر كتوبر نونمبر دوجنبر ). يلعب هذا الخلط والتداخل مع توابل البوليتيك دور سلبي في تحويل المناسبات إلى عكس المراد منها تماما ، ففي زمورة , قد تجد احتفالات في كل أشهر السنة كان يختلقها المجتمع خلقا لسد حاجيات بعضهم بعضا تكافلا , وإدخال البهجة والفرحة على الأطفال والنساء ، لكن تحولت لاحقا لنفقات ترهق كاهل رب الاسرة بدل التخفيف عنه ؟ مثل ” التويزة” وهي التعاون الجماعي لأداء مهام معينة وغالبا ياتي الدور على الجميع ؟ وتسمى في بعض الانواع “الدالة” كالرعي والحراسة وحتي التسوق ، وك “الوزيعة” : وهي توزيع اللحم على الجميع بعد ذبح بقرة او عدة ابقار , وكان دون شرط المشاركة بالمال كما هو اليوم ففرغت من روحها ككثير من العادات الجميلة , ونشهد اليوم التكفير المجاني والتهجم المضاعف على كل تقليد او عادة من الحداثين والتكفيرين دون حتى ان تسألهم رايهم او تستفتيهم , ولهذا تعمدت اطالة المقدمة للتوضيح ان الغرض من معظم ما اكتب في هذا المجال عن وصف العادات هو مجرد سرد ، بعيدا جدا عن الوعظ ، والتحريم والإرشاد الذي له أهله , وليس موضوعنا أصلا , نكتفي بذكر المتداول والموروث وما يوثقه الفلاح شفهيا بنفسه او عبر المحببن من خلال تجاربه…ومن العادات المشهورة جدا في زمورة ” استقبال الربيع ” بطقوس معينة وعادات سنحاول ذكرها :
الاحتفال بقدوم الربيع :
تبدأ التحضيرات باكرا جدا خصوصا في جمع العجلات فقد تبدأ بمجرد انتهاء الحفل الساخب ” لحرق العجلات ” ومعركة بين الأحياء برمي الأحجار الحقيقية ! بواسطة ” المعڨال ” آخر الأخبار اليوم تتحدث على جمع حوالي 200 عجلة بأحد الأحياء فقط ؟ وحسب تسريبات خالي العربي فإن موعدكم لجمعة القادمة « غيلا كانت الموت او زنزلة !» لاستقبال الربيع دون حرق العجلات ، لكن فيها منافسات قوية لأحسن « طلاعة حلوة » بالنسبة للبنات ، وأسرع داب ” حمار ” حيث ستقام المنافسة سباق الدواب في اولاد القرشية البلوطة ، الدعوة عامة , مع محاولات لتحديد السن ليحرم منها حميمي.
يجتمع حي ذراع حليمة بمكان يسمى ” البلوطة ” بأولاد القرشية نسبة إلى شجرة ” البلوط العملاقة التي روي عنها أساطير خيالية مثل من كسر منها عمودا ” عرفا” فيكسره الله فورا وقد حدث فعلا أن سقط كثيرين ويكون كسرا غريبا فتزداد الأسطورة غورا وقربا إلى التصديق والإيمان بالخرافة ! ..لكن ” المرنيز ” في أيام الشتاء احرق نصفها دون خوف ولم يبقى منها اليوم شيء يذكر ؟
ينزل الأطفال أولا للمبارزة مع الحي المقابل وهو حي السويقة الذين يجتمعون بالمكان المقابل ” سيدي علي لعشيري” ( وأما الأحياء الأخرى كأولاد بلهوشات فمكانها في المرجة مع اولاد حموش , المرابطين في الخلوة .. ) وقبل بداية المناوشات تكون أغاني الحرب ! بالمعقال : ” لا لا إقطعوا الشعبة لا لا ارواحوا لهون”: اذا كنتم رجالا فتجاوزوا الشعبة وتقدموا الى هنا ؟” ” .حنا ناكلوا الدڨلة وانتوما ناكلوا البڨلة !…وقد تستمر لساعات, ومن المواقف الطريفة في زمن الفقر المدقع ” الجميل ” حيث كان الغني فينا يحصل على الحذاء البلاستيكي خصوصا الأحمر الذي رسم فيه حصان , حدث أن أصيب احدهم في عينه فخرجت وهو يمسكها بيده لكن تركيزه كان عن حذائه الجديد الذي ضاع منه لقوة الضربة وقال : ” بوطي لحمر مرسوم فيه عاود ” فتوقف الجميع عن المناوشات فعليا من يومها .وتم الاكتفاء بإشعال العجلات .
بخصوص الأكل في استقبال الربيع :
« المبرجة » من الحلويات الأشهر وهي تتكون أساسا من الدقيق الخشن مع حشو بطبقة غرس وتوضع مع باقي الحلويات والسفنج مع البيض الملون ! وكل فاكهة ممكنة برتقال وبنان… في طلاعة البنات . وهن يرددن النشيد الربيعي : ” الربيع الربعاني كل عام تلقاني في المراح اللوطاني! بالنسبة لهذا الحي والفوقاني لأحياء أخرى” ، في تلك الأثناء تقوم العجائز بإعداد أكلات خاصة تقليدية ” عجائن ” ” كالحسوة والعجينة والشخشوخة ..”: مختلطة بالخضروات المجموعة من أعشاب الأرض ويعرفون تسميتها وملائمتها فمنها الحلو ( كالحلحال والتالمة …) ومنها « اللي يجر بمرارة » ( كالغزاز وبوملال …مرورا بذيل القط , البابونج ، تيشلبط ، بوملال ، تيفتيمين ، السلق بسباس حلحال ، صباع الجاجة , مجير, بوسلطان, تيغشغش قندول أساتر ، ذنب لخروف حميضة البقري . تاسنانت تيمشطة قرون الجدي تيفاف الحميضة. ولهذا تجد مقولات مخلدة مثل : ” خسارة الدهان في تيشلبط” , لان تيشلبط يبقى مرا ومن الخسارة تحضير الاكل به وخصوصا الزبدة ” الدهان” .” القرنينة مع الكسكاس والحليب ياكلها غير لحبيب “. “الكسرة والما والراس في السما”.
فورار وبداية الربيع : يجمع شهر ” فورار ” الفلاحي بين نهاية الشتاء وبداية الربيع ولهذا يعتبره المحققون شهرا ربيعيا بامتياز ! حيث أنه تبدأ السبع 07الموالح “من الحُسن : مليحة ” .وهي السبع التي تسمى الربيعية ، بعد انتهاء 07 الشتوية التي تسمى 07 قوارح من القرح شدة البرد. ذلك أن شهر (فورار). الذي يبدأ في 14 فيفري وفيه 28 يوم .او 29 كبيسة ، وهي مقسمة :
1. سبعة 07 ڨوارح (من 14 فيفري – الى 21 فيفري )
2. سبعة 07 موالح (22 فيفري -01 مارس )
3. سبعة 07 صوالح (02 مارس – 09 مارس)
4. سبعة 07 دبابين المهزول لأهله رايح (10 مارس الى 17 مارس ). يطوالوا فيه النهارات .
وفي 14 منه يدخل شهر” مغرس” ؛ فيسمى عند الفلاحين ( شاوربيع أي بدايته : 14 مارس ) ، وهو غير شاوربيع الذي تحتفل به #زمورة وسائر أهل الشرق الجزائري (1) . من 27 فيفري ويقرب إلى الجمعة الأولى ليوم العطلة .
تجدر الإشارة ان شهر مغرس وفيه نهاية لحسوم 17 مارس .وبداية لفطيرة تستمر 14 يوم (الى غاية 07 أفريل ). يوصى بأكل أشياء معينة في بعض الفصول أو بدايتها مثل ( مغرس ) يقوم القوم بتفوير ” الدرايس ” ويضاف لهم 07 حشاوش ” دراسي وزبوج عليڨ والغزاز …يباتوا في العراء ) ويتناول مع الكسكس المحضر بمرق الحمص الزرودية البطاطا ..ولا يشرب عليه الماء . كما يتداول الأمثال التي تربط بين الطقس والترقب مثل اذا كان الرعد في فورار فهذا من علامات الشر : ” يلا رعدت في فورار هي المداشر للصغار « يروحوا يطلبوا +عام قاسي »”. في المقابل :اذ كان الرعد في افريل فهذا علامة حسنة : ” يلا رعدت في يبرير هي لمطامر فاه دير “.
وفي الأخير فالمسلم طبعا وهو يظهر السرور والتوسعة ، يلتزم قدر الإمكان بأحكام الشريعة في ذلك , والرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال : ” إن الله تعالى قد أبدلكم بهما خيراً منهما: عيد الأضحى وعيد الفطر “. هو من قال :” “يا أبا بكر دعهما فإن اليوم يوم عيد “.عندما همَّ بالجاريتين وهما يغنيان ” أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟”. كما قال عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب : ” دعهم يا عمر ” .و للحبشة :” دونكم يا بني أرفده ” حيث أن الحبشة كانوا يلعبون في المسجد بالدرق والحراب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليهم. والله ولي التوفيق وهو يهدي السبيل .
عزوق موسى محمد