هادي زاهر
تاريخ النشر: 01/03/23 | 19:23أزعج الشّيخ فائد الّسلطات ازعاجًا شديدًا إذ كان يدرك كلّ مخططاتها المعادية لشعبه على المدى القريب والبعيد، الأمر الّذي جعله محطة ثقة مما جعل كلامه نافذًا في نفوس النّاس الّذين أحبّوه حبًّا جمًّا وتجمّعوا حوله يستمعون إليه ويأخذون برأيه في ضرورة مواجهة السّلطات، ممّا دفع السّلطات إلى اعتباره محرضًا، فقرّرت في جلستها الأخيرة أن تدبّر أمرها معه، حاولت اغراءه بمنصب رفيع ولكنها لم تفلح، إذ كان همّه وضع ما يعانيه أهله من مظالم على مختلف الأصعدة لا سيما اعتدائها المتكرّر على المقدسات، حاولت اغراءه بالمال ولكنّها فشلت ايضًا، أمر اغتياله كان واردًا ولكن حتّى يتسنّى ذلك بشكل خفي قد يطول الزّمن وهم بحاجة إلى اسكاته فورًا، استغلّت السّلطات مظاهرة دعا إليها والقت القبض عليه وقدّمته للمحكمة بعد أن اتّفقت سرًّا مع القاضي على انزال اقصى العقوبات به، وتمّ لها ذلك، قضى الشّيخ فترة محكوميته وظنّت السّلطات بأنّ ذلك سيردعه ويكفّ عمّا اعتبرته تحريضًا، راقبت السّلطة خروجه من السّجن فتبيّن لها بأنّه رُفع على الاكتاف فرحًا بخروجه وأقيمت الحفلات وزاره النّاس المهنّئين من مختلف اقطار البلاد، الأمر الّذي أزعجها أكثر، بعدما تبيّن لها بأنّ السّجن زاده صلابة وإصرار شديد على مواصلة النّضال، ازدادت شعبيّته وتخطّى تأثيره حدود البلاد فقرّرت اعتقاله وسجنه مجدّدًا بنفس التّهمة وتكرّر ذلك عدّة مرّات، ولمّا اقتنعت السّلطة بأنّه لا جدوى من اعتقاله وسجنه قرّرت انتهاج طريقة أخرى، استدعت احد الوشاة ممّن زرعتهم بين النّاس، وكان دوره يقتضي اظهار الحرارة الوطنيّة ليسهّل عليه الدّخول بين النّاس لينقل اخبار وتحركات أبناء مدينته، قال له ضابط المخابرات:
“نحن نقدّر ونثمّن جهودك في منع الإرهاب وهناك مهمّة جديدة نريدك أن تقوم بها وقد اخترناك لثقتنا الكبيرة بك”
أعطاه عبوة صغيرة وكلّفه ليذهب إلى الشّيخ متظاهرًا بشوقه الشّديد له بحيث يعانقه ويضع العبوة بجيبه لتكون الشرطة بالقرب من المكان لينقض عليه افرادها فورًا، ولكن الشّيخ كان يقضًا أحسّ بما دخل جيبه فمدّ يده واخرج العبوة الصّغيرة وفشلت الخطّة، ترك العميل المكان مهرولًا وسط مجموعة من الحضور الّذين تسائلوا عن سرّ هذا التّصرّف، لكن الشّيخ لاذ بالصّمت دون أن يفصح للحضور عمّا جرى.
احتارت السّلطة بعد فشل جميع مخططاتها ولا سيما وأنّ دائرة شعبيّة الشّيخ تزداد يومًا بعد يوم خاصّة بعد أن ازداد العدوان على الأقصى والمصلّين ورفع الشّيخ شعار- الأقصى في خطر- الألم الّذي دبّ الحميّة في النّفوس، حتّى إن من كان لا مباليًا وجد من واجبه أن يتحرّك ودفع الكثير إلى شدّ الرّحال إلى هناك للقيام بالواجب المقدّس.
السّلطات الّتي تبغي هدم المسجد بادعاء مزعوم بأنّه بني على انقاض ما يسمّى بهيكل سليمان، جنّ جنونها عندما تدفّق المؤمنون من كلّ حدب وصوب، وكانت سلطات الاحتلال قد اوكلت البروفيسور يسرائيل فلكنشنك كبير علماء الآثار بالأشراف على التّنقيب تحت المسجد علّهم يجدوا دليل ما على صدق ادعاءهم، وزاد انزعاج السّلطات لا سيما عندما قدم البروفيسور تقريره الّذي يشير إلى انّهم حفروا إلى مختلف الجهات وإلى العمق حتّى ان الكثير من البيوت في البلد القديمة تصدّعت ولكنّهم لم يجدوا أيّ اثار للهيكل، وهكذا ادركت السّلطات بأنّ حائط البراق الّذي يسمّونه زورًا ونفاقًا بحائط البكاء هو ليس الحائط الجنوبيّ المتبقّي من الهيكل، لكنّهم أجمعوا على أن لا يعلنوا عن ذلك حتّى يبقى شعبهم متكتّلًا ولو حول كذبة.
ازداد تطرّف المحتلّين واعتداءاتهم وإزاء ذلك ازداد التّصدّي خاصّة وأنّ الشّعار الّذي رفعة الشّيخ – الأقصى في خطر- أصبح نافذا لدى شعوب المنطقة وتوتّرت الأجواء أكثر وأكثر واعتقدت السّلطات بأنّ كلّ ذلك بسبب تحريض الشّيخ فائد وعادت واعتقلته وقضى فترة أخرى في السّجن إلى أن أراد أن يسافر إلى خارج الدّولة فسمحت له السلطات بذلك وكانت قد اعتقدت بأنّه سيعود مع سفينة الحرّيّة الّتي قرّرت تركيّا إرسالها لتتضامن مع شعبنا في مدينة غزّة لكسر الحصار المفروض عليها، امرت السّلطات منع السّفينة من الدّخول إلى المدينة مهما كلّف الأمر وزوّد جهاز القلم قواته بصور من تريد تصفيتهم، وكان من ضمنها صورة الشيخ فائد، اعترض الجيش للسّفينة في عرض البحر، وانقض رجال المخابرات على السّفينة من كلّ الجهات، تفرسوا في وجوه وكان هناك مهندسًا تركيًا يشبه الشّيخ فائد فتمت تصفيته.