أمسية وطنيّة تخليدًا لذكرى القائد نمر مرقس
تقرير إخباريّ من علي هيبي
تاريخ النشر: 06/03/23 | 6:54في قاعة المركز الثّقافي في كفر ياسيف وبمناسبة مرور عشرة أعوام على رحيله:
مؤسّسة محمود درويش للإبداع وبالتعاون مع مجلس كفر ياسيف المحلّيّ وجمعيّة سوليدارس البلجيكيّة في أمسية وطنيّة وثقافيّة تخليدًا لذكرى القائد الوطنيّ والأمميّ والمناضل الأصيل نمر مرقس
عصام خوري: كان قائدًا شجاعًا ومحبًّا لشعبه وشعوب العالم. شادي شويري: اجتمعنا ليس لتأبينه ولا لتكريمه بل لاستعادة مثله السّامية. محمّد بركة: الفقيد الفذّ لا يستفيد شيئًا من هذه الأمسية المميّزة ولكنّنا نحن المستفيدون من إرثه الوطنيّ. د. كوثر جابر قسّوم: كان نمر مرقس أقوى من النسيان في تدوين الذّاكرة الجماعيّة لشعبنا. محمّد بكري: رسالة وطنيّة تنطوي على عاطفة نبيلة نحو الأسرة والأهل والنّاس. عادل عامر: نصوصي وأشعاري مكرّسة لأبي نرجس تعبيرًا عن معاناة عربيّة شاملة. نايف سليم: علّمني الكثير ثقافة وفكرًا وشعرًا وكيف أكون شيوعيًّا. د. محمّد هيبي: ليت نقّادنا يحسنون النّقد الموضوعيّ وليت مبدعينا يتقبّلونه كما تقبّل نقدي نمر مرقس. أيمن عودة: المعلّم الأوّل وطنيّ أصيل علّم طلّابه علم التّحريض ضدّ الظّلم. أمل مرقس: أبي من هنا وأنا من هنا ومحمود درويش من هنا لأنّنا جميعًا غنّينا للجرح الفلسطينيّ.
غصّت قاعة المركز الثّقافيّ في كفر ياسيف مساء السّبت الفائت والموافق لِ 25/2/2023 بجمهور حاشد ونوعيّ من كافّة قرى الجليل والمثلّث ومدنهما، جاءوا تلبية لمبادرة مؤسّسة محمود درويش للإبداع في كفر ياسيف ودعوتها لأمسية وطنيّة وثقافيّة بمناسبة الذّكرى العاشرة لرحيل القائد الشّيوعيّ والوطنيّ والمناضل العنيد نمر مرقس، رئيس مجلس كفر ياسيف الأسبق، والّذي قضى في رئاسة المجلس المحلّيّ قرابة العشرين عامًا، كان هذا المبنى الّذي احتضن الأمسية من أبرز مشاريعه الكثيرة، كما ذكر رئيس مجلس كفر ياسيف الحاليّ الرّفيق شادي شويري في كلمته، وأعلن عن تسمية هذا الصّرح الثّقافي بمركز نمر مرقس، تخليدًا لذكراه الخالدة والعاطرة.
وأمام هذا الجمهور الكبير اعتلى الرّفيق عصام خوري مدير مؤسّسة محمود درويش منصّة الأمسية مستهلًّا كلامه بالتّرحيب والشّكر للحضور الكريم والضّيوف من كافّة القرى والمدن وبالخطباء الّذين على منصّة الأمسية، وقد تطرّق في كلمته إلى شكر مجلس كفر ياسيف المحلّيّ ورئيسه على استضافة الأمسية ورعايتها، وكذلك قدّم جزيل شكره للسّيّد حسين شعبان رئيس جمعيّة “سوليدارس” البلجيكيّة الدّاعمة لمؤسّسة محمود درويش والتي تسهم في الحفاظ على أرث درويش الفكري والأدبيّ والنّضاليّ، وقد نوّه بإرسال شعبان تحيّة حميميّة لهذه الأمسية في الذّكرى العاشرة لرحيل نمر مرقس المناضل الكبير ورجل المبادئ الّذي لا يحيد عن الحقّ ومقاومة الظّلم في أحلك الظّروف. وكذلك تطرّق خوري إلى أجزاء من مسيرة مرقس الكفاحيّة كأحد القادة الملهمين والشّجعان لمسيرة الجماهير العربيّة والجبهة الدّيمقراطيّة والحزب الشّيوعيّ.
وفي كلمته أشاد السّيّد شادي شويري رئيس مجلس كفر ياسيف المحلّيّ بمبادرة مؤسّسة محمود درويش لإقامة هذه الأمسية، وشكر الحضور مرحّبًا بهم كبلد مضيف، ومن ثمّ تطرّق إلى مسيرة نمر مرقس وقال: “لم نجئ مؤبّنين ولا مكرّمين إنّما جئنا واجتمعنا هنا من أجل استذكار المثل الإنسانيّة والقيم الأمميّة الّتي تحلّى بها الرّاحل الكبير، عاش 83 عامًا قضى أكثرها في خدمة شعبه وقضيّته وقضيّة مجتمعه العربيّ، ولذلك يستحقّ أن نسمّي هذا المركز باسْمه، وهو الّذي أقامه في فترة رئاسته الطّويلة والعريضة والطّافحة بالعطاء”.
السّيّد محمّد بركة رئيس لجنة المتابعة العربيّة العليا ثمّن في كلمته دور القائد، الفذّ، المتواضع، نظيف اليد، نمر مرقس، بعد أن قدّم تعازيه لأسرته، ومن ثمّ أشاد بدوره في لجنة الدّفاع عن الأرض وفي المناصب الّتي شغلها في قيادة الحزب والجبهة، وقال: “إنّ مسيرة نمر مرقس كمناضل شيوعيّ وأمميّ ووطنيّ وتقدّميّ هي ليست مسيرة تمثّل شخصه بل هي مسيرة الشّعب الفلسطينيّ ومسيرة الجماهير العربيّة في إسرائيل”، وقد تحدّث بركة عن علاقته الحميمة بنمر مرقس من خلال هيئات الحزب والجبهة، زيادة على أنّه انحاز للفقراء فكرًا وممارسة ولذلك استحقّ لقب “أبو الفقراء”، ولا شكّ أنّ الراحل الكبير كان أحد أبطال يوم الأرض وأحد صانعي القرارات الضّروريّة لتلك المرحلة.
د. كوثر جابر قسّوم وهي الخبيرة بشؤون الأدب والفنّ الرّوائيّ قدّمت مداخلة نقديّة وأدبيّة عن كتاب “أقوى من النّسيان” والّذي استعرض فيه مرقس سيرة حياته العريضة، وتحدّثت عن أهمّيّة مثل هذه المؤلّفات الأدبيّة في تقوية الذّاكرة الجمعيّة من خلال التّوثيق والسّرد القصصيّ، وقالت: “إنّ هذه الذّاكرة الجمعيّة هي سلاح ثقافيّ بيد الشّعب الفلسطينيّ المستضعف أمام قوّة طغيان الرّواية الصّهيونية وزيفها”، وتطرّقت كوثر إلى مدى نجاح مرقس في تصوير حياة الفلّاح الفلسطينيّ من خلال كثير من التّفاصيل الحياتيّة الفلسطينيّة في المكان والجغرافيا، مع حفاظه على أسلوب يمزج بين التّسجيليّ والشّاعريّ.
الفنّان الملتزم محمّد بكري قدّم بعض الملاحظات حول الأمسية وحول شخصيّة الفقيد الكبير، وبصوته الجهوريّ اتّسمت مشاركته بالقراءات من كتاب الرّاحل “أقوى من النّسيان”، حيث وجّه مرقس خطابه إلى ابنته البكر “نرجس” فربط بذلك بين الماضي والحاضر وأمل المستقبل، وقد قدّم بكري من خلال قراءاته صورًا من مولد نمر مرقس وطفولته ومعاناة الأسرة في البدايات وشظف العيش والحرمان، وكذلك مثّل لكثير من الأغاني الوطنيّة الّتي تصوّر الكفاح الفلسطينيّ والمعاناة في الوقت نفسه.
الرّفيق عادل عامر الأمين العامّ للحزب الشّيوعيّ فاجأ الجمهور الّذي توقّع منه مداخلة سياسيّة يسرد فيها تاريخ الحزب ودور مرقس والقضايا الرّاهنة والهجمة الهمجيّة الإسرائيليّة على شعبنا في نابلس وجنين والقدس والنّقب، لكنّه بدل ذلك قام بقراءات شعريّة من إبداعه، بقصائد وطنيّة صوّرت معاناة دمشق وبيروت وبغداد والقدس. وقد تطرّق إلى الأزمة الّتي تلازم المجتمع الإسرائيليّ نتيجة للاحتلال وموبقاته وجرائمه، وأنّ الشّعب الفلسطينيّ هو الضّحيّة لهذا التّأزّم.
الشّاعر نايف سليم السّكرتير السّابق لمنطقة عكّا الحزبيّة ورفيق مرقس وتلميذه فقد تحدّث عن علاقته بالرّاحل وكيف تعلّم منه فكرًا وثقافة وشعرًا، وقال: “لقد نمّى مرقس فيّ حسّ الفقر ومعايشة معاناة الفقراء والبسطاء، ومنه استلهم قصيدة “السّوّاق” الّتي يصوّر فيها سليم حياة البؤس والحرمان، والّتي لقّبه إثر قراءتها القائد والشّاعر توفيق زيّاد بلقب “شاعر الفقراء”.
د. محمّد هيبي الأمين العامّ للاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين ركّز في مداخلته على أربع إشارات في حياة مرقس وكتابه، وذكر أنّه زار الفقيد في بيته سنة 2008 وقدّم له ملاحظاته النّقديّة حول الكتاب، فأشاد هيبي بالمؤلّف الّذي تقبّل الملاحظات السّلبيّة أكثر من الإيجابيّة، وقال: “ليت نقّادنا يكتبون بموضوعيّة ونزاهة وليت مبدعينا يتقبّلون ذلك النّقد كما تقبّل منّي مرقس نقدي لكتابه”.
أمّا النّائب أيمن عودة رئيس كتلة قائمة الجبهة والتّغيير فقد ركّز على ثلاث إشارات، كان أبرزها إيمان الرّاحل بالنّضال الحقيقيّ في الفكر والميدان وليس بالطّهارة السّياسيّة، وإيمانه بالتّشابك التّام بين الاستراتيجيّة والتّكتيك السّياسيّ. كما تطرّق عودة إلى أدبيّات الرّفاق القدامى وأهمّيّة الالتفات للبعد الجماليّ والفنّيّ فيها، وعدم قصر الاهتمام على النّاحية المضمونيّة والتّوثيقيّة على أهمّيتهما، ممثّلًا لذلك أعمال ناظم شريدي الفنّيّة وأعمال زاهي كركبي وتوفيق زيّاد ونمر مرقس.
وكان الغناء هو الفصل الأخير في هذه الأمسية العظيمة، صوت الفنّانة الكبيرة أمل مرقس ابنة الفقيد. في البداية استعرضت بعض المواقف من حياة أبيها وعلاقته بالأسرة، وعن معاناته في العمل بالتّعليم وملاحقته وفصله بسبب مواقفه السّياسيّة وانتمائه للحزب الشّيوعيّ. ومن ثمّ صدح صوتها الرّخيم من كلمات الشّاعر الفلسطينيّ محمود درويش، الشّاعر الّذي أحبّه نمر مرقس، غنّت أغنيتيْن بنعومة هادئة ونبرة ذات رنين جميل، أغنية “من يوميّات جرح فلسطيني” وأغنية “أنا من هنا”، فكانت هذه الفقرة الغنائيّة مسك الختام.