عظمة قادة الثّورة الجزائرية
معمر حبار
تاريخ النشر: 09/03/23 | 6:39الأربعاء 15 شعبان 1444 هـ، الموافق لـ 8 مارس 2023
وأنا أقرأ مذكرات قادة الثّورة الجزائرية، ومنها الجزء الأوّل[1] والثّاني[2] للقائد لخضر بن طوبال رحمة الله عليه، وقف القارئ المتتبّع على مظاهر عظمة قادة الثّورة الجزائرية، ومنها:
من عظمة الثّورة الجزائرية، أنّ قادة الثّورة الجزائرية لم يخونوا الثّورة الجزائرية، ولا يوجد بينهم من خان الثّورة الجزائرية، ومهما كانت درجة التّعذيب، والتّهديد، والإغراءات.
كانت هناك اختلافات في وجهات النظر بين قادة الثّورة الجزائرية في بعض النقاط التي تهم الثّورة الجزائرية، ورجالاتها، وبنود إتّفاقية إيفيان، والسّلاح، والتمويل، وكيفية تجاوز خطّ المجرم شال وموريس، والمحادثات مع بعض الدول، والحدود، والداخل. لكن أبدا، ومطلقا لم يستعن أحد من قادة الثّورة الجزائرية بالمستدمر الفرنسي ضدّ أخيه الذي اختلف معه. وهذه من عظمة الثّورة الجزائرية، ومن عظمة قادة الثّورة الجزائرية.
للتدليل على ذلك، وجب القول، أنّ: قادة الثّورة الجزائرية كانوا يأتون للاجتماع في ظلّ حماية ورعاية قائد الثّورة الجزائرية المشرف على المنطقة التي يعقد فيها الاجتماع. فيخصّص لهم أفضل رجال النخبة لحمايتهم، ورعايتهم، وإلى غاية أن يصلوا إلى المنطقة الآمنة رغم أنّه يختلف معهم في بعض النقاط، بالإضافة لحسن الضيافة، وروعة الاستقبال، وأدب التوديع، وجمر الاستدمار الفرنسي -حينئذ- يتساقط، واللّهيب يتطاير من حولهم، وعيون الخونة الحركى تترصّد لهم أنفاسهم.
أتعامل مع الاغتيالات التي مسّت بعض قادة الثّورة الجزائرية من طرف بعض قادة الثّورة الجزائرية رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا، كما أتعامل مع موقعة صفين وموقعة الجمل، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا لأنّي لاأميل لأحد، ولا أقف ضدّ أحد.
المشاركة في محاربة كفار قريش – وكلّ محتلّ مغتصب- تجبّ ماقبلها، ومحاربة الاستدمار الفرنسي يجبّ ماقبله. ومن اجتهد في محاربة الاستدمار الفرنسي المحتلّ المغتصب وأخطأ، “فأخطاؤه؟!” حسنات، ولا يلام أبدا.
الحرية التي شهدتها اجتماعات قادة الثّورة الجزائرية لم تعرفها الدول الغربية، فكلّ واحد يدلي برأية بحرية تامّة، ودون أن يمنعه أحد، ويشتد النقاش وبقوّة وشراسة فيما بينهم، ويتم التصويت بالموافقة أو المعارضة حسب كلّ نقطة، وفي جوّ كلّه حرية، وفي أمان، ودون خوف.
مايجب التذكير به في هذا المقام أنّ قادة الثّورة الجزائرية وبالأخصّ العقداء العشرة، كان كلّ منهم يمثّل دولة مستقلّة بمفردها للجند الذي معه، والسّلاح الذي بحوزته، والمناطق التي تتبعه، ورغم ذلك لايفرض أحدا رأيه بالقوّة التي بحوزته، ويعرض وجهة نظره بحرية كاملة.
من حقّ الجزائري أن ينتقد قادة الثّورة الجزائرية، والذين حكموا الجزائر بعد استرجاع السّيادة الوطنية، والأحياء منهم والأموات، وفشلوا في تسيير بعض الشؤون والملفات كغيرهم من حكام العرب، والمسلمين، والغرب الذين فشلوا في تسيير دولهم ومجتمعاتهم، ودون استثناء.